إصدار أول أنطولوجيا للسوسيولوجيا المغربية.. ربيع العلوم الاجتماعية
المغرب | جامعة الأخوين
عرفت النسخة الثانية من ربيع العلوم الاجتماعية المنظم بجامعة الأخوين إفران، خلال يومي 26 و27 مارس 2022، صدور أول أنطولوجيا للسوسيولوجيا المغربية، وذلك بتقديم للدكتور عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج وتصدير للدكتور جمال الدين الهاني عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. وهي الأنطولوجيا التي ضمت أزيد من 80 نصا مختارا لباحثين في السوسيولوجيا من مختلف المؤسسات الجامعية المغربية، وقد نسق هذا العمل الصادر في 456 صفحة من القطع الكبير، الأساتذة: د.عبد الكريم مرزوق، د.عبد الرحيم العطري، د.أحمد شراك، د.جمال بوطيب.
وإذا كانت مجالات الرواية والقصة والشعر، قد عرفت عشرات الأنطولوجيات التي تتأسس على انتقاء النصوص وتقديمها، فإنه يمكن القول بأن أنطولوجيا السوسيولوجيا المغربية، تعد الأولى من نوعها في هذا المجال. فلأول مرة في تاريخ السوسيولوجيا بالمغرب يجري انتقاء نصوص والتعريف بأصحابها وبمجالات اشتغالهم، ما يجعل من هذا العمل نافذة مهمة للاقتراب من تطور البحث السوسيولوجي بالمغرب، ومشغولياته وحساسياته المعرفية والأجيالية.
يشير منسقو هذا العمل إلى إن النهوض بواقع علم الاجتماع، في الحالة المغربية تحديدا، يستلزم قبلا وبعدا، توطينا متواترا لثقافة الحوار بين الأجيال السوسيولوجية، بما يقتضيه هذا الحوار من انفتاح على النصوص والتجارب البحثية والمشاريع العلمية، لمن يعلنون الانتماء إلى علم الاجتماع، تدريسا وتأطيرا وخبرة واشتغالا.
طبعا يستوجب الحوار في أولى بداياته، مدخلا قرائيا واعيا، يسائل “العرض السوسيولوجي”، ويفكر في المتون المنجزة والمقاربات التي تم تطويرها، على مدى سنوات من الاجتهاد والبحث العلمي، كما هذا الحوار يتطلب في مستويات ثانية مجهودا ثانيا من الإنصات للمشاريع المعرفية، بغية اكتشاف رهاناتها وأبعادها وأسسها النظرية وامتداداتها الميدانية. وبذلك فقد جاءت هذه المنتخبات في طبعة أولى، لتقدم للقارئ المحترم، نصوصا مختارة، لباحثات وباحثين مغاربة، ومن أجيال عمرية وحساسيات معرفية متعددة، أملا في تجذير ثقافة الحوار والقراءة والإنصات. وقد تم اعتماد الترتيب الألفبائي للباحثات والباحثين، في بناء وإخراج هذه الأنطولوجيا، تلافيا لأي تأويل ملتبس، بصدد الأقدمية أو المكانة الاعتبارية، فالأمر يتعلق بمنتخبات، يراد منها التعريف بالمنجز، بعيدا أي منطق تراتبي، وطبعا مع حفظ الألقاب والمقامات.
وعن هذه الأنطولوجيا يقول الدكتور عبد الله بوصوف في تقديمه: لقد شكل النجاح المتميز والمثمر الذي حققه ربيع العلوم الاجتماعية في دورته الأولى حول موضوع “العلوم الاجتماعية والتحولات المجتمعية” لحظة تأسيسية لتقليد علمي سنوي بأفكار وتجارب منفتحة، تنتصر لمنطق الحوار والتواصل بين النظراء في حقل العلوم الاجتماعية، وتؤكد الحاجة إلى مزيد من البحث في قضايا الهجرة والمجتمع.
لقد أعلنا في الدورة السابقة عن انتصارنا لثقافة الاعتراف من خلال دعوة كافة المشتغلين بالعلوم الاجتماعية إلى ندوات وورشات للتفكير في حال ومآل المجتمع، وها نحن نصر في هذه الدورة على تجسيد ثقافة الاعتراف بالمنجز السوسيولوجي، من خلال إصدار “أنطولوجيا السوسيولوجيا المغربية” على أمل إفراد المساحة مستقبلا، في دورات قادمة لهذا الربيع، لأنطولوجيات أخرى تهم التاريخ والجغرافيا والأنثروبولوجيا والعلوم السياسية وعلم النفس…وكل ذلك لأجل تقريب القارئ الكريم من المنجز المغربي في العلوم الاجتماعية، وتأسيس ثقافة الحوار بين الأجيال والاتجاهات والمدارس والبراديمغات المعرفية.
ولهذا يمكن اعتبار هذه الدورة “في مديح الأثر”، وذلك بسعيها إلى الاحتفاء بالباحثين في السوسيولوجيا، من خلال إصدار هذا الكتاب التوثيقي الهام، الذي يعد وثيقة تاريخية بامتياز، توثق لنصوص مختارة من أعمال ومنجزات لمختلف أجيال السوسيولوجيا المغربية، وتعكس جانبا مهما من تطور وتحول هذه المعرفة في السياق المغربي.
أما الدكتور جمال الدين الهاني فيقول بأن حرصنا الشديد على احتضان أنطولوجيا السوسيولوجيا المغربية، نابع من إيمان مطلق بأهمية السوسيولوجيا، والتي لا نذخر جهدا في سبيل تأكيد مكانتها داخل الكلية، بحثا وتدريسا واشتغالا، فما من مشروع، وما من تخصص، إلا ويحضر فيه هذا العلم بمناهجه ونظرياته وتطبيقاته. فالسوسيولوجيا تشكل ضرورة وإمكانا في الآن ذاته، إنها ضرورة مركزية في فهم التحولات المجتمعية، كما أنها إمكان نوعي لتخطيط سياسيات عمومية فاعلة وفعالة.
فالمنتحبات والنصوص المختارة، تسعى بالضرورة إلى تأصيل العلوم و”تكريم” المشتغلين بها، ولو رمزيا، وبشكل يمنحها قيمتها وفاعليتها واستقلاليتها إلى جانب العلوم الأخرى. فالأهمية التي تنطوي عليها هذه المشاريع تتمثل في تأسيسها المعرفي للحوار بين الأجيال، وعملها على تجسير العلاقات الممكنة بين جيل الرواد وباقي الأجيال اللاحقة. فالحاجة إلى البحث العلمي والتعريف به، عن طريق هذه المنتخبات، من الضرورة بمكان، فهو يتضمن تعريفا بالباحثين وانفتاحا على منجزهم، وفي ذلك ترصيد وتثمين للمنجز واكتشاف لما ينبغي الانشغال به مستقبلا، حتى تتمكن السوسيولوجيا من تفكيك كافة الأسئلة المجتمعية.
يذكر أخيرا أن الجزء الأول من أنطولوجيا السوسيولوجيا المغربية، والذي ستعقبه أجزاء أخرى بغية احتضان نصوص كل المشتغلين بالسوسيولوجيا في السجل المغربي، قامت بإعداده للنشر مؤسسة مقاربات للنشر والصناعات الثقافية، وذلك ضمن الدورة الثانية من ربيع العلوم الاجتماعية الذي تنظمه جامعة الأخوين بإفران ومجلس الجالية المغربية بالخارج وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس الرباط، ومركز ابن خلدون لدراسات الهجرة والمواطنة، وهو الملتقى السنوي الذي يتوزع على ندوات علمية ودروس افتتاحية وحفلات تكريم وتوقيع. كما تجدر الإشارة إلى أن كتاب أنطولوجيا ربيع العلوم الاجتماعية وكتاب الهجرة والعلوم الاجتماعية وكتاب الطقوس والممارسات الفلاحية، وهي منشورات ربيع العلوم الاجتماعية، تعد أول كتب تحتفي بالرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي، فقد حرصت الجهات الناشرة لهذه الكتب على وضع “لوغو” التظاهرة في الأغلفة، لتكون أو منشورات تحمل شعار هذه الفعالية.