السر

أ.د. محمد سعيد حسب النبي | أكاديمي مصري
جلس جي براون إلى ابنه ناصحاً فقال: “لا تقل أبداً إنه ليس لديك الوقت الكافي؛ فإن لديك عدد الساعات نفسه الذي كان لدى هيلين كيلر ، ومايكل أنجلو، والأم تريزا، وليوناردو دافنشي، وألبرت أينشتين، وهذه فرصتك لتكشف عن مواهبك وميزاتك”
إن نصيحة جي براون تستحق التفكير طويلاً، ويمكن أن نضيف إليها أن كل شخص متفرد في ذاته، وأن الأشخاص وإن بدوا متشابهين في بعض صفاتهم؛ إلا أنهم لا يتطابقون، ولذلك فكل شخص منا يتمتع بشخصية فريدة. كما يجب أن نثق في قدراتنا وتميزنا وطباعنا ونقاط قوتنا. ومن الضروري أن ندرك أن عدالة السماء قد خلقت في كل منّا موهبة ونبوغاً وعبقرية تسعى جميعها بإلحاح إلى الظهور.
كما أن عدالة السماء اقتضت أن يُخلق كل فرد لسبب وحكمة ورسالة يجب أن يؤديها، وإن الفطن هو الذي يبحث جاهداً عن رسالته حتى يقوم بواجبها بصدق، وهذه الرسالة تستحق العناء في اكتشافها؛ إنها رحلة البحث عن السر الكامن في أعماق الذات.
ومن الممارسات الناجحة للكشف عن الذات أن نوجه لأنفسنا عدداً من الأسئلة على نحو: هل اكتشفت مواهبك؟ هل عرفت رسالتك في هذه الحياة؟ هل أضفت شيئاً إليها؟ هل غيرت في الحياة شيئاً؟ أم غيرت الحياة فيكشيئاً؟
ومن الفاعل أيضاً في اكتشاف الذات أن تدرك أنك لست شخصاً عادياً، وإنما أنت متميز في ذاتك، وأن كنوزك الحقيقية مخفية داخلك، وصفاتك البديعة لم تظهر بعدُ، وأن نجاحك الأكيد في إدراكك لصفاتك، والبراعة في حفاظك على هذه الصفات وتنميتها على الوجه الأمثل.
إن اكتشاف الذات مغامرة تستحق التجريب، وكما قالت هيلين كيلر: “إن الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة، أو لا شيء”. وإن التحدي الأكبر في الحياة هو الكشف عن الكنوز المتناثرة في أعماق متباينة في أنفسنا.
ومن الضروري أن نعلم أن البحث في الذات سيستدعي ذكريات قديمة وأحداثاً تحمل آلاماً وآمالاً، إنها نوع من المغامرة الشيقة التي تتلون فيها المشاعر وتتنوع فيها الأحاسيس وصولاً للسر المخفي في ذواتنا.
والمشكلة التي قد تواجه البحث في الذات هي النقاط المظلمة في أعماق نفوسنا والتي تشكلت بفعل ذكريات مؤلمة في الطفولة، إنها نقاط ضعف قد لا نكون على دراية بها، وإن الوصول إليها يسبب رد فعل سلبي، وكلما زادت هذه المنطقة ظلمة كلما زادت صعوبة اكتشاف الذات، وازدادت التجربة تعقيداً مما يدفع إلى الهروب منها وتجنبها.
إن مواجهة الذات خير علاج، والبحث فيها أروع تجربة يقوم بها الإنسان في هذه الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى