المخدرات الرقمية و فلسفة الفعل والأفكار !
د. محمد السيد السّكي استشاري تحاليل طبية وكاتب وروائي – مصر
ذلك الكون العجيب – مُحكَم الصنعة – والذي يعمل كسيمفونية اهتزاز بديعة ، تتناغم مع بعضها البعض بشكل متفرد ومتكامل فلا تهتز احد مكوناته بمعزل عن مكوناته الأخرى ، وإنما يهتز باستمرار معلناً التمرد عن وضعية الثبات والسكون ، الا انه يشتاق في داخله للحظة هجوع فهو يتراقص ويجري مسرعاً نحو المستقر..
فكل شئ صغر حجمه او كبر في ذلك الكون فإنه يهتز ، فالالكترون يتحرك بحركة مغزلية حول محوره ويطوف حول النواة ، وتلك الكواكب جميعها تدور حول محورها ولها افلاك تدور فيها حول النجوم ..
فالكل يتحرك ويهتز بانغام وترددات موسيقية متوافقة خفية ادركتها اذنك ونفسك او لم تدركها..
وكلما انسجمت نغمات الكون معك كلما وجدت الراحة والسعادة ، وما ان تطغى عليك مظاهر الاعتلال النفسي عن الفطرة بجنوح نفسك عن تقبل أنغام الكون والاهتزاز معها حتى تختل كيمياء جسدك ويصيبك القلق والعطب والشيخوخة والمرض..
ومن دلائل تكامل الكون وانسجامه ، اننا نجد ان النفس البشرية بطبيعتها تميل الي الموسيقى وتهرع لتسعد بها، بل وتتفاعل الكيمياء الداخلية لك معها ، محفزة الموصلات العصبية الكيميائية ليتحول مزاجك نحو الأفضل..
واذ أن المخدرات تؤثر على الجسد من خلال مجموعة من التفاعلات التي تؤثر على حالتك المزاجية ، بواسطة الموصلات العصبية فتجعل من يتعاطاها يشعر بالنشوة، فإنه واذ اننا في عالم الانترنت و اكوانه الافتراضية، فإنه جدير بالذكر ان نشير الي المخدرات الرقمية والتي تُحدث في الجسم تأثيراً شبيهاً بالمخدرات الفعلية..
المخدرات الرقمية هي تلك الترددات الصوتية التي عند الاستماع اليها تولد بالجسم نشوة شبيهة بالتي تولدها المخدرات الحقيقية . حيث يتم الاستماع إلى مقاطع صوتية عبر سماعات أذن بحيث يتم بث تردد بالاذن اليمنى وتردد منخفض عنه في الأذن اليسرى بحيث يكون الفارق في الترددات بسيط جداا فيسعى المخ الى التوفيق محفظاً السيروتونين والدوبامين والادرينالين وغيرها لاحداث تأثير مشابه لتاثير العقاقير المخدرة..
ان ذلك الكون المتناغم عبر دقائقه بحبل موصول من عالم الأمواج ، ومن طاقة خلاله تحركه مفرّغة زفيرها وباحثة عن التخلي وعن الاستقرار . كما أن بنية أفكارك هي من عالم الأمواج والاهتزازات و التي يستجيب لها عقلك كما يستجيب لادراكات الحواس المتمثلة في موجات ضوئية وصوتية..
واذ ان الافكار هى اللبنة الاولى لكل فعل ، فحري بك ان تعرف من اين هي ؟! ..
أن الكون المتزاحم بامواج اهتزازه لهو مصدر الأفكار ، ولذا فان كل فكرة خطرت لوجدان انسان ، لهى صالحة ان تكون أنيسة الواقع ، و قابلة للتحقيق ، وذلك على وجه العموم للبشر لا على وجه الخصوص للافراد..
اعلم ان الافكار المداعبة لنسيج الزمكان او المتأرجحة مع انغام وتر فائق ممتد عبر الكون مسبحاً بحمد الله طوعاً لا باكراه ، لهى هبات يرسلها لك الله عبر كونه ، وجعل فى كونه طاقات مشجعة لها او معيقة تتشابك برابط معقد صانعة بين الاجرام السماوية سمفونية عطاء او منع مع نفسك ..
ففي ايام سعدك يرسل الكون لك افكارأ ايجابية ولغيرك عنك ايضاً ، وفى ايام ضعفك فلكياً يرسل لك افكاراً سلبية ولغيرك عنك ايضاً ..
فاجعل لك فى ايام ضعفك من ذكر الله ودعائه جُنة لك ووجاء ، ولتكن على يقين ان كل ابداع وكل وحي قلم هو مقصود ان يخرج فى زمانه ومن اشخاصه ، فالامر كله من عطاء الله وبقدره ..
وقد يتراقص كوكب اورانوس بمال الارض اثناء وجوده فى برج الثور ، وقد ينعم العالم بقمة الابداع والتكنولوجيا ابان ضحك كوكب بلوتو فى برج الدلو..
الا انه سيظل الله بقوانين ملكوته لهو القدير الفعال
” يمحو الله مايشاء ويثبت وعنده ام الكتاب “..
ولتعلم ان قدر الله يطالك في أكثر ايامك سعداً ولطف الله يدركك في أقل ايامك حظاً..
وسبحان الذي امر نبيه ابراهيم بالطواف حول الكعبة ، وكأنه يرسل لخلقه رسالة فحواها ان الكون يعج بالاهتزازات و فيه تناظر يدل على وحدة الصانع و هو كون طواف ، وعند الله المستقر والمستودع..