قيس و ليلى
عبد الغني المخلافي | اليمن
كنت في الرابعة عشر أسكن قريتي الصغيرة ولم يكن هناك من يهتم بقراءة القصص أو يمتلك مكتبة في منزله عدا مكتبة جدي العامرة بالكتب الدينية وبعض السير الشعبية. حتى سمعت من يتحدث بإعجاب عن قصة قيس وليلى وكان يوجد مكتبة وحيدة في سوق القرية لبيع الكتب والروايات والمجلات المتنوعة وتبعد حوالي ثلاثة كيلو مترا.
وقبل أن أطلب من جدتي قيمة شراء القصة بيوم واحد ذهبت إلى صاحب المكتبة وسألته عن سعرها، وعندما حصلت علَى المبلغ توجهت لشرائها، وكان الوقت ظهرًا وعند عودتي حملتها بين أحضاني وكأنني أحملُ كنزًا ثمينًا، ولم أخذ طريقي نحو القرية.
صعدت نحو الجبل و وصلت إلى مكان خال من السكان وجلست في ظل شجرة وارفة ثم انغمست في قراءتها منقطعًا عما حولي ووجدت دموعي تتهاطل من شدة التأثر، ولم أستفق من قراءتي إلا على عباءة الليل وهي تفرد أجنحتها على المكان؛ حيث والمكان يقبع في منطقة خالية من الناس، ولا يسمع في أرجائه سوى صفير الهوام أو أصوات الطيور. وكنت قد علمت من جدتي أن ثمة وحوش تخرج في هذه الشعاب وقت غروب الشمس.
غادرت بخطى مسرعة وعلَى أمل إكمال ماتبقى من القصة في البيت. كان الليل قد أحكم سدوله وكانت جدتي أمام منزلها في انتظاري ومتسائلة عن سبب تأخري وبعد ولوجي إلى الداخل،عكفت علَى الجزء المتبقي من القصة دون أن أتناول عشائي مستعينًا بفانوس زيتٍ، كان الوسيلة الوحيدة في ذلك الوقت للإضاءة ولم أرفع رأسي إلا بعد انتهائي من صفحاتها، ونمت ليلتها وأنا متأثر بأحداثها وظل تأثري إلى وقتٍ طويلٍ. أجزم أنني حفظت معظم الأشعار التي وردت في القصة، ولم أكن أعلم أنني بتلك القراءات أسقي بذرة الأدب الكامنة في عروقي.