الذرائعية كمنهج ونظرية نقدية لإنقاذ الابداع العربي
عرض: هيثم محسن الجاسم
تشهد الساحة الادبية تزايدا لافتا بغزارة الانتاج الابداعي سردا وشعرا, يقابله نقصا بل غيابا للمنهج النقدي لمواكبته والوقوف على دراسته واثراءه, وبات تصدي النقد ضروريا لانتشال النص العربي من الغرق في غياهب الفوضى الانتقادية المهيمنة على الكتابات الصحفية المحددة بكلمات يقررها الناشر لتحقيق النشر على حساب شروط النقد العلمي بمميزاته الاصيلة التي تتكا على العلوم المسورة للأدبلأخرج الدلالات والمفاهيم القيمية للعمل الأدبي.
ان حالة التخبط في دراسة النص العربي اصابته بالجمود والتسطح لنزرة النقاد العلميين وهيمنة الانطباعيين والثقافيين في كتابات انشائية قشرية لا تمتلك ادوات الغوص العلمي بأعماق النص العربي ,
اصبحت الحاجة ماسة وواجبة لمنهج نقدي علمي تطبيقي يعيد للنص العربي هويته الاصيلة وينتشله من مستنقع النقد الانطباعي الذي يتعاطاه غير النقاد لإرواء ظمأ صحراء الصفحات الثقافية للصحف اليومية او بعض المجلات الدورية .
وجاء منهج الذرائعية العربية لينظم العلاقة بين الادب والعلوم من زاوية لغويةمستندا على مصادر ومستويات علمية كالفلسفة وعلم النفس واللسانيات والسيمياءوعلم الاجتماع والبلاغة وعلوم اخرى ليتصدى لدراسة النص العربي.
ويثبت ان الذرائعية كمنهج نقدي فلسفي قادرا على دراسة النص الادبي العربي بالتحديد بما يتميز به عن المناهج اللسانية والنقدية بقدرته على التحليل النقدي العلمي للمعنى الوضعي.
في هذه الاطلالة المتواضعة نتعرض للجزء الرابع وهو احد اصدارين للمنظر الاستاذ عبد الرزاق عودة الغالبي لمنهجه النقدي الذرائعيالخاص بالنص العربي .
واحتوى الجزء الرابع الذي صدرت طبعته الاولى عام 2021 ضمن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق على عشرة فصول, اختص بدراسة المستوى العميق للذرائعية وتعريف الذرائعية كمنهج نقدي ونظرية وشرح المبادئ التي ارساها على اسس وسياقات ومستويات علمية وفلسفية ولغوية وجمالية واخلاقية ونفسية.
ولحل الاشكالات التي تحول دون غوص الناقد في مكنونات النص وعزوفه عن النقد العلمي, قدم الغالبي قواعد تساعده على الدخول الى اي نص كان سردا او شعرا او غيره بشكل ذرائعي مستندا على ادراكية واعية بالتحليل لعناصر العمل الادبي والتخلص من الانشاء الانطباعي المشظى وغير المتكأ على منهج نقدي .
وضم الكتاب المراحل الادراكية اللسانية للغة في العقل الانساني التي تبدا بالنفخة الهوائية من الرئتين انتهاءً بمركز اللغة في الدماغ. كذلك, تناول المؤلف الافتراضات الذرائعية في عمقها العلمي النقدي التي ترى المعرفة الانسانية تقسم لثلاثة اقسام العلم والفلسفة والادب.وتعتبر العقل البشري مخزنا فكريا باعتبار الانسان كيانا ماديا بيولوجيا شكله التطور والتقدم العلمي, و ان كل موجودات الكون صماء في العالم الخارجي الا اذا انتقلت للعالم الداخلي في العقل الانساني فيعطيها الكينونة والوظيفية التي وجدت من اجلها .
ويستطرد المؤلف في الفصل الرابع في تناول العقل اللاوعي باعتباره المخزن اي بنك المعلومات الذي يجمع المعتقدات والتجارب السابقة والذكريات والمهارات وكل ما ورد عن الحواس الخمس للإنسان .ويشرح في الفصل التقنيات للقضاء على السلبيات التي تدخل العقل الباطن بقوة العاطفة .
وتعتبر الذرائعية الخيال اساسا للواقع ولأهميته في النمو والتعلم الانساني ونتعرف على انواع الخيال واثرها في بناء شخصية الاديب او الناقد .
ومن المواضيع ذات الاهمية في التعرف عليها كونها تشكل قلب النظرية الذرائعية ومنهجها النقدي العلمي, الفسحة او الهوة الايحائية المنوط بها حركة ونقل وتفاعلات الدلالات اللغوية من حيز اللغة العادية في العالم الخارجي الى لغة الادراك الساندة في العالم الداخل في الذهن الانساني