همام بأمستردام وجاكي شان باليرموك
حمزة البشتاوي | كاتب وإعلامي
بعد أن وقع إختيار جاكي شان وشركته على منطقة الحجر الأسود الملاصقة والمتداخلة مع مخيم اليرموك حيث ركام الأبنية المدمرة جراء الحرب على سوريا ، عاد الحديث عن مخيم اليرموك ليس بصفته عاصمة الشتات الفلسطيني بل لكونه تحول إلى عاصمة الوجع الفلسطيني بعد تدميره وتهجير أهله على يد العصابات الإرهابية الظلامية التي مارست أبشع أنواع القتل والذبح ونشرت في شوارعه وأزقته الموت والدمار بعد أن كان الرافعة الأساسية للفلسطينيين وقضيتهم وعنواناً للتمسك بالمقاومة وحق العودة إضافة لدوره الكبير على الصعيد الثقافي والإعلامي والإقتصادي وما نراه اليوم من دمار كان فيه ناس وحياة مليئة بالمؤسسات والمدارس والمعاهد والأسواق التي كان بينها سوق لشاب صيني الأصل من بكين عرف محله بإسم البيت الصيني والآن يأتي جاكي شان بعد أن اضطر همام أبن مخيم اليرموك وليس الفنان محمد هنيدي بطل فيلم همام في امستردام إلى اللجوء مرة ثانية بعد نكبة مخيم اليرموك إلى هولندا ومثله الكثيرون من أبناء المخيم الذين اضطرتهم ظروف الحرب الصعبة وتداعياتها القاسية للهجرة إلى أوروبا عبر مرافئ المتوسط الممهور بالخذلان والخيبات وبمراكب من بحر ودم دون أن يتخلوا عن ذكرياتهم وحنينهم للمخيم كمحطة للعودة إلى فلسطين.
وكانت قسوة الدمار السبب الذي جعل جاكي شان يصور مشاهد من فيلمه الذي يحمل عنوان (عملية الوطن) في منطقة الحجر الأسود واليرموك وذلك بعد عملية بحث طويلة في كل مناطق الحروب في العالم، وهو فيلم تدور أحداثه حول عملية إجلاء قامت بها الصين للمواطنين والدبلوماسيين الصينيين من اليمن خلال الحرب في العام 2015. وعن سبب إختيار المكان يقول المخرج المنفذ للفيلم: إن مناطق الحرب في سوريا تحولت إلى إستديو سينمائي يجذب المنتجين لتصوير أفلامهم. وهنا الكلام يذكرنا بما قاله الفنان دريد لحام في مسرحية كاسك يا وطن (الله ويلك يا بيِّ صرنا فرجة للعالم). وأبناء المخيم الذين إعتادوا على رؤية الكاميرات والمنابر والمؤتمرات والبيانات والممثلين من كل الإتجاهات يتطلعون إلى إعادة إعمار المخيم بعد أن تم تحريره من العصابات الإرهابية الحاقدة على يد الجيش العربي السوري وبمشاركة فصائل فلسطينية وفي مقدمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة ليعود المخيم إلى سيرته الأولى ممتلئاً بالحياة والناس ويعود حضوره المدوي في سردية الكفاح والثورة وكل من عاش في مخيم اليرموك وسكنه وساكن أهله يعرف بأن مشهد الدمار مؤقت وسيعود النبض سليماً معافى للمخيم وناسه وحكاياتهم عن المعسكر الأول للفدائيين والبندقية الأولى والشهيد الأول والجداريات الممتدة من حارة الفدائية إلى مقبرة الشهداء وغيرها من الصور و الذكريات التي تصع أفلاماً عن أوجاع الوطن والرغيف.