اختبار الأجسام المضادة لفيروس كورونا قد يحسم الأمر

أ.د. فيصل رضوان | أستاذ وباحث التكنولوجيا الحيوية والسموم البحرية – جامعة سوهاج مصر – والمعهد القومي للمحيطات – الولايات المتحدة الأمريكية

بعد أسابيع من الالتزام بالعزلة والتباعد، يسأل الكثيرون متى يمكننا العودة إلى حياة طبيعية خارج منازلنا ونذهب إلى أعمالنا ودراستنا. إنه سؤال صعب وقرار خطير، لا ينبغي أن يترك للساسة ورجال المال وحدهم اتخاذه دون الرجوع إلى العلم وخبراء الأوبئة.  وقد يكون أكثر الإجابات سهولة الآن في إجراء اختيار الأجسام المضادة.

وكما كانت المرحلة الأولى من الاختبار حول تحديد من لديه COVID-19 من موجب أو سالب، حتى يتم معالجته وملاحقة العدوى؛ ربما ستكون المرحلة التالية حول تحديد من لديهم اجسام مضادة للفيروس- أو ربما لا يزالون فى صراع مع العدوى، ولكن حالتهم في تحسن.

بدلاً من البحث في حناجرنا عن فيروسات كورونا المستجدة نفسها، سيبحث أخصائيو الرعاية الصحية البحث عن علامات في دمائنا تدل على أننا طورنا أجسامًا مضادة لمحاربة العدوى بعد القضاء عليها. ويمكن أن تخبرنا النتائج أشياء كثيرة ومنها:

معدلات العدوى: سوف نتمكن من إحصاء كم الأشخاص الذين حملوا العدوى بدون أعراض – أو لم يعرفوا أنهم أصيبوا بالعدوى. وسيوفر الاختبار الواسع للأفراد رؤى ومعلومات هامة حول الكثافة والتوزيع الجغرافي للحالات الأكثر خطورة داخل المجتمعات السكانية.

مناعة القطيع: إذا كان لدى نسبة كبيرة من الأشخاص في مدينة أو محافظة تلك الأجسام المضادة، فقد يقرر الباحثون بناء عليه أن جزءًا كبيرًا من السكان أصبحوا محصنين ضد الفيروس وهناك ما يكفي من مناعة القطيع لحماية أولئك الذين لم يصابوا ويتم النظر في تخفيف أو رفع القيود.

 

ما الأجسام المضادة  Antibodies؟

الأجسام المضادة هي ببساطة طريقة الجسم في تذكر كيفية استجابته لعدوى معينة، حيث تظل هذه الأجسام متأهبة للدفاع عنه إذا تعرض الجسم لنفس العدوى لاحقا. الأشخاص الذين لديهم أجسام مضادة في الدم لديهم خلايا مناعية متاحة لمحاربة الفيروس، مما يقلل من خطر الإصابة به مرة أخرى. والأجسام المضادة هي بروتينات على شكل حرف Y تنتجها خلايا الدم البيضاء للمساعدة في اصطياد الفيروس ومنعه من اقتحام الخلايا والتطفل عليها.  يفحص اختبار الأجسام المضادة عن إثنين من الأجسام المضادة في الدم، الجلوبولين المناعي (IgM) M ، والجلوبولين المناعيG (IgG). وتحارب الأجسام المضادة لـ IgM وIgG جميع أنواع العدوى بالدم والأنسجة.

تبحث اختبارات الدم لـ COVID-19 عن الأجسام المضادة الخاصة بهذا الفيروس ذاته. ولإنشاء اختبار الأجسام المضادة، قام الباحثون بعزل أجزاء معينة من المادة الوراثية RNA للفيروس يتوافق شفرتها مع إنتاج تركيب مماثل لبروتين الأشواك بالغلاف الخارجي للفيروس – وهو المكان الذي تلتصق فيه الأجسام المضادة حينما تصطاد الفيروس. وباستخدام وسائل التكنولوجيا الحيوية، يقوم الباحثون بحقن هذه المادة الوراثية في مزارع خلوية، وبطريقة الخداع، تقوم هذه الخلايا بترجمة الشفرات الفيروسية إلى بروتينات الشوكة المشابهة تماما لتلك الموجودة بالغلاف الخارجي لكورونا، والتي يمكن فصلها بكل سهولة واستخدامها مولدات مضاد Antigens فيروسية.

 

كيفية اختبار فاعلية مولدات المضاد المصنوعة؟

يُعرف هيكل المكروب الخارجي عموما باسم مولد مضاد antigen – وهو مادة غريبة تشغل جهاز المناعة عند حدوث العدوى. ووجد ان البروتين المكون للشوكات يوجد بكثافة، وله أهمية كبيرة فى اقتحام كورونا المستجدة للخلايا. والآن قد تم إنتاجه في المختبر بنفس المواصفات بحيث يمكن استخدامه عملياً في تقدير مستوى الأجسام المضادة في عينات الدم.

يشمل الاختبار مجرد وخز إصبع بسيط لأخذ عينة دم، ويتم جمعها باستخدام شفاطة بلاستيكية، وتودع في خرطوشة صغيرة وجنبًا إلى جنب مع مولد المضاد المُصنع، ومحلول خاص من السوائل الكيميائية، يؤدي ذلك إلى حدوث تفاعل. بعد عشر دقائق، تظهر نتيجة التفاعل فى هذا الاختبار ما إذا كان لديك أجسام مضادة لCOVID-19.

وحتى الآن، وافقت إدارة الغذاء والأدوية الامريكية FDA  على العديد من اختبارات الأجسام المضادة بموجب تفويض استخدام الطوارئ الخاص بها ، مما يعني أنها لم تخضع للمراجعة الشاملة من قبل الوكالة ولم يتم ضمان دقتها.

وفي تجارب التقييم التي أجرتها Zhejiang Orient Gene Biotech، فقد وجدت أن هذه الاختبارات حساسة بنسبة 61.8٪ إلى 94.4٪ ، اعتمادًا على نوع الجسم المضاد الذي يظهر في نتائج الاختبار ، مما يعني أن بعض الاختبارات ليست دقيقة بما يكفي لتحديد ما إذا كان شخص ما محصنًا بالفعل، أو أن نتيجة إيجابية كاذبة ربما ناتج عن تشابه طفيف بين الأجسام المضادة للفيروس المسبب COVID-19 وتلك المضادة للفيروسات التاجية الأخرى التي تسبب الأمراض ، مثل نزلات البرد. والمؤكد أن تطوير اختبار يمكنه الكشف بدقة عن الأجسام المضادة الصحيحة التي يصنعها الجسم لفيروس كورونا المستجد، سوف يستغرق وقتًا أطول.

هناك تسابق مع الزمن لإدارة هذه الأزمة بأقل الخسائر واتخاذ القرار المناسب، وقد يكون توسيع اجراء اختبارات الأجسام المضادة لسهولته وقلة تكاليفه، مفتاحًا لإعادة فتح البلاد ومعرفة خريطة انتشار هذا العدو الخفي؛ إلى أين وصل؟ وكم منا محصن، وكم منا لا زال في خطر؟

حتى يوم الأربعاء 23 إبريل، فإن الإحصاء الرسمي لوزارة الصحة المصرية هو 3891 حالة موجبة، منها 287 حالة وفاة تتعلق بـ COVID-19، وتختلف كثافة العدوى ونسبها جغرافياً عبر البلاد. وحين النظر إلى نسبة الوفاة وهى 7.5% ، فلازال الأمر خطير ويعبر عن مرضًا مميتًا، يجب أن يراعى فيه الالتزام بالتباعد الاجتماعي والإرشادات الصحية.  وإذا افترضنا إمكانية اجراء اختبارات، بناءً على دراسة الأجسام المضادة، ووجد على سبيل المثل أن عشرة أضعاف الرقم المعلن قد تم أصابتهم فإن الأمر يصبح أقل خطورة.   أما إذا أظهرت هذه الاختبارات أن 10 مليون شخص ممن يسكنون المدن المزدحمة قد أصيبوا بالفعل ، فلن يعتبر ذلك أمرًا خطيرًا بالمرة،  وربما لا نحتاج الانتظار حتى نصل إلى النقطة الفاصلة لمناعة القطيع (إصابة اكثر من 50% من السكان) لفتح البلاد تدريجيا وإعادة دوران عجلة الإنتاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى