ناهض زقوت.. السيرة وأهميتها.. مكونات الهوية الوطنية الفلسطينية في السيرة الذاتية

رائد محمد الحواري | فلسطين

أدب السيرة له حضوره في الساحة الأدبية، وقد اتجه العديد من الكتاب نحو أدب السيرة، لكن في السيرة الفلسطينية لها أهمية أخرى تمثل في تثبيتها للهوية الوطنية الفلسطينية، التي يعمل المحتل على محوها وإزالتها، من هنا يحاول “نهاض زقوت” تبيان أهمية أدب السيرة، وهو يأخذ سير الأديب الفلسطيني “إحسان عباس” نموذجا، موضحا المحطات المفصلية التي جاءت في السيرة المتعلقة بفلسطينية الفلسطيني: “…وهذا ما يؤكد أنه كتبها ليس بهدف إبراز ذاته على المستوى الفردي إنما على المستوى الجمعي” ص 18.

إذن أدب السيرة فلسطينا له أهمية أدبية وأهمية تاريخية وأهمية في توثيقية في الصراع الذي يخوضه الفلسطيني ضد الاحتلال الاستيطاني، والكاتب يقدم مقاربة بين السيرة الذاتية التاريخ الشفوي، وبما أن الذاكرة الفلسطينية زاخرة بالعديد من الروايات الشفوية، فإن كتابة السير تثبت/تكشف الظلم والمأساة والمقاومة التي أبداها: ” …أصبح الفلسطينيون مسكونين بإبراز هويتهم الوطنية والحضارية والتاريخية والتراثية، في محاولة لإثبات الوجود الجمعي في المكان/فلسطين” ص39.

وبما أننا نتحدث عن أدب، فإن الأدباء لم يظهروا/يتكونوا من فراغ، بل من المجهود (الجمعي) للشعب، الكاتب يأخذ شواهد من سيرة “إحسان عباس” يؤكد على أن الأدباء والمثقفين في فلسطين تكونوا في ظروف استثنائية: “تميزت القرى الفلسطينية بسمة نادرة في العرف التعليمي، إذ كانت لا تنتظر قيام الحكومة ببناء المدارس بل كانوا يبادرون لبناء المدرسة بجمع التبرعات من أنفسهم حرصا على مستقبل أبنائهم، ورؤيتهم لتقاعس حكومة الانتداب على القيام بدورها تجاه تعليم أبناء القرى” ص49.

علاقة الفلسطيني بالمكان علاقة استثنائية، فهو يعتبره جزء من تكوينه الوطنية والوجودي والحضاري والثقافي، عندما يأتي ذكر اسم قرية ما في السيرة فإن هذا مؤشر على تمسك الفلسطيني بالمكان، وعلى أنه هذا المكان كان مترع بالحياة الاجتماعية، بعد أن لدغت الأفعى “أحمد الريشان” ولدعم وجود علاج طبي، كان يتم التعامل معه بهذا الشكل: “…لم يجدوا سوى اللجوء إلى الشيخ الصوفي يونس، فاستدعى من قرية إجزم، فجاء ومعه مريدوه وقضوا الوقت كله يضربون بالصنوج، لئلا ينام الملدوغ، فإنه إذا نام سرى السم في عروقه حتى يصل القلب” ص55.

ويحدثنا عن الانجليز ودورهم القذر في فلسطين من خلال هذا المشهد: “…وصلت الساحة العامة، فوجدت غريقا من الجند قد اصطفوا في صفين وكان على أن أمر بينهما، فكان الجندي على اليمين يضربني بقضبته فيتلقاني جندي على اليسار فيضربني بقضته أيضا، … وكنت كالكرة يتبادلها صفان من الجنود حتى وصلت نهاية الصفين” ص76، بهذا الشكل أكد الباحث أهمية السيرة أدبيا ووطنيا، فهو بهذه الدراسة استطاع ان يؤكد على ان أدب السيرة مهم وضروري لنا في فلسطين، لأنه يمثل أحدى اشكال الصراع مع المحتل ويثبت الهوية الوطنية الفلسطينية.

الكتاب من منشورات وزارة الثقافة الفلسطينية، الطبعة الاولى 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى