المغالطات المنطقية وأثرها في الشعر العربي (6)
أ. د. يوسف حطيني | شاعر وناقد أكاديمي – جامعة الإمارات
الفصل الخامس
الشّاعر بين سيف الجوقة وغمد القصيدة
يُصلبُ الأنبياءُ من أجل رأيٍ
فلماذا لا يُصلبُ الشّعراءُ؟!
نزار قبّاني
(1)
كان والدي رحمه الله في فتوتي المبكرة يأخذني معه في العطلة الصيفية إلى ورشة البناء، كي أساعده، أو كي أدرّب نفسي على الشقاء، شأني في ذلك شأن إخوتي، وشأن الكثير منكم. وكان يطيب له أحياناً أن يغنّي (ع الأوف مشعل) وأن يحكي الحكايات ويلقي الشعر على مستمعيه ممن يحضرون إلى الورشة، وما أزال أذكر بيتاً من الشعر كان يرويه لعنترة بن شداد، حين طلب من عبلة أن تحضّر له عدّة الحرب:
وهاتي حربتي رطلينْ واكثرْ
وحطّيها على عددٍ متينا
وحين وعيتُ قليلاً حاولتُ أن أشرح لوالدي بخجل جمّ أن عنترة لا يمكن أن يقول مثل هذا البيت، ولكنّ والدي أصرّ على أنّ البيت لعنترة، وأنه سمعه من فلان نقلاً عن فلان، وأن كل من يعرفهم من أبناء جيله يروونه. ولم أستطع يومذاك أن أبرهن له خطأ ما اعتقده؛ لأنني لا أملك من الأدلة سوى أن عنترة لم يكن يتحدّث بهذه اللغة، بينما كان والدي يستند بقوة إلى “مجتمعٍ” غير مؤهّل معرفياً ليقرر في أمر مثل هذا.
ظلّ والدي مطمئنّاً إلى قناعاته، ولكنني راجعتُ الأمر لاحقاً، عندما تعرفت إلى السير والملاحم الشعبية، ورأيت أن البيت جزء من قصيدة مكسّرة الوزن، يختلط فيها الفصيح بالعامي، وهي ليست لعنترة، بل للزير سالم (البطل الشعبي وليس الشاعر)، يخاطبُ بها اليمامة بنت كليب، مع تحريف بسيط فيما رواه والدي:
فشدّي يا يمامة المهر شدّي
واكسي ظهره السرح المتينا
وهاتي حربتي رطلين وأزود
وحطيها على عدد متينا[1]
أروي لكم هذه الحكاية لأقول إن والدي رحمه الله كان يستند في يقينه إلى مغالطة منطقية تعرف باسم الاحتكام إلى عامة الناس (Appeal To People)، وتُعرَفُ في المجتمع الفلسطيني بالمثل الشعبي الذي يدعو إلى مسايرة المجموع: “إذا جنّ رَبعك عقلك ما بينفعك”، وهي مغالطة يتعلق المؤمنون بنتائجها بأهداب المجتمع[2]، وتشبه إلى حدّ كبير مغالطات أخرى يتم الاحتكام فيها إلى السلطة (Appeal To Authority) أو للقوة (Appeal To Force)، وكل هذه المغالطات تتشابه في أنّ المنتمي أو الطفيلي، أو الجاهل، أو المعتزّ، أو الخائف، أو المتزلّف، يحتكم إلى منظومة سائدة كالقبيلة أو المجتمع أو النظام السياسي، أو المرجعية، حيث تصبح المنظومة طوطماً أو كائناً مقدّساً أو رمزاً لا يصدر عنه إلا الحقّ.
ويستطيع قارئ الشعر العربي أن يجد كثيراً من الأشعار التي تجامل المجتمع والقبيلة والدولة على حساب المنطق، ولعلّ من أشهر المبالغات التي تجسّد هذه المغالطة قول الشاعر دريد بن الصمة:
وما أنا إلا من غزيّة إن غوتْ
غويتُ وإن تَرشدْ غزيّةُ أرشُدِ[3]
إنّ منشأ المغالطة هنا هو اعتزاز الشاعر الفارس بالانتماء إلى القبيلة، من منطلق الفاعلية، بمعنى أن الشاعر يقوم بفعل ما تقوم به قبيلته، صحّاً أم خطأً، فهو يحتكم إلى السلطة التي يحميها وينتمي إليها، لا إلى منطق الخطأ والصواب. ويمكن أن نجسّد هذه المغالطة على النحو التالي:
- أنا أنتمي لغزيّة.
- غزيّة قامت بفعل (قد يتسم بالغواية أو الرشاد).
- غزيّة على حقّ.
غير أن الانتماء للجوقة بجميع أشكالها، يمكن أن يتمّ لأسباب أخرى مختلفة تترجح بين ثنائيتي الخوف والطمع، ولعلّ “غريزة القطيع” تدفع المرء إلى أشكال بلهاء من الانتماء للمجموع، على نحو ما نجد في الطرفة التالية التي تُروى عن أشعب:
“اجتمع عليه يوماً غلمان من غلمان المدينة يعابثونه، وكان مزّاحاً ظريفاً مغنّياً، فآذاه الغلمة فقال لهم: إن في دار بني فلان عرساً، فانطلِقوا إليه ثَمّ فهو أنفع لكم، فانطلَقوا وتركوه، فلما مضوا قال: لعلّ الذي قلت من ذلك حقٌّ، فمضى في أثرهم نحو الموضع، فلم يجد شيئاً، وظفر به الغلمان هناك فآذوه[4].”
إنّ سلوك أشعب الذي يضحكنا هو تعبير طبيعي عن سلوك القطيع، حتى وإن صَدَّق كذبته التي كذبها؛ فهناك تجارب كثيرة، أجريت على عقلاء، لا على حمقى، تُبَيّن بجلاء أن الفرد يسعى إلى الانخراط في المجموعة، من خلال محاكاة أفعالها التي تفتقر إلى أدنى درجات المنطق، حيث يتلاشى وعي الفرد في وجود الكلّ؛ فتطوّر الفكر البشري على مدى القرون لم يستطع أن يعالج هذا الأمر لأنه “غريزة”؛ ولذلك من الطبيعي أن نفهم انسياق الناس في مختلف أنحاء العالم وراء “التريند”[5]، بالشّكل الذي نفهم فيه قول قُريط بن أُنيف العنبري التميمي في بني مازن الذين نصروه حين استغاث بهم:
قوم إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهم
طاروا إليه زرافات ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في
النائبات على ما قال برهانا[6]
وقول الشاعر ودّاك بن ثميل المازني:
مقاديمُ وصّالون في الحرب خطوَهمْ
بكلّ رقيق الشفرتين يماني
إذا استنجدوا لم يسألوا من دَعَاهُمُ
لأية حربٍ أم لأيِّ مكانِ[7]
إنّه العقل الجمعي الذي يجعل الشاعر عامر بن الطفيل مستعداً للدفاع عن قبيلته، ومواجهة كل من يحاول إيذاءها، إذ قال:
وما سوّدتني عامرٌ عن قرابة
أبى الله أن أسمو بأمٍّ ولا أبِ
ولكنني أحمي حماها وأتّقي
أذاها وأرمي من رماها بمنكبِ[8]
إنه العقل الجمعي الذي يمثل تأثير الأكثرية على الأقلية في الأخلاق والأفعال والعادات؛ إذ يصبح الاعتقاد بأن سلوك الجماعة التي تنتمي إليها من أخلاق وعادات هو السلوك الصحيح، غير أن ما يُخشى منه حقاً هو أن يكون هذا العقل الجمعي مصنوعاً من قبل وعي خارجي متحكِّم يلغي الفرادة والإبداع، ويجعل الفرد جزءاً من المنظومة، ويوجه التعاطف البشري بالاتجاه الذي يرغب فيه.
ونذكر هنا أنّ ثمّة تجارب في تاريخنا الأدبي عبّرت عن رغبتها في الانسلاخ عن المجموع، والانكفاء على ذاتها، لتحقيق فرديّتها، على نحو ما نجد عند شعراء الصعاليك، وعند الشنفرى بشكل خاص؛ إذ لم يكتفِ بهجر انتمائه إلى عالم البشر، بل عمل على إيجاد انتماء افتراضي بديل يجد نفسه فيه بين الذئاب والنمور والضباع. يقول الشنفرى:
وفي الأرض منأىً للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزَّلُ
ولي دونكم أهلون سيد عملّس
وأرقط زهلول وعرفاء جيئَلُ[9]
(2)
حين تطوّر المجتمع ذاب نظام القبيلة في نظام الدولة، مع بزوغ فجر الإسلام، وتبلورت فكرة “القائد الرمز”، وحلّ الفرد مكان المجموع، بوصفه رمزاً لهذا المجموع، وذابت العصبيات القبلية إلى حدّ ما، في كيان الدولة الجديد، وصارت الهوية إسلامية، وتوالى التعبير عن هذا الانتماء على مدى القرون الأربع عشرة الماضية، وصارت شخصية النبي الكريم محمد عليه السلام، مهوى أفئدة كثير من الشعراء الذين جسّدوه رمزاً لانتقال الأمة من الظلام إلى النور. قال الشاعر الموريتاني ما العينين بن العتيق (1888ـ 1957م) في مدح النبي الأكرم؛ إذ جعل انتماء الأمة إسلامياً:
دعوت إلى التوحيد وحدك أمةً
تطاول في ليل الضلال وجودُها
وما ألفت إلا الأباطيل ملةً
تواصت بها انجالها وجدودُها
فما صدّك الإيذاء منها ولا الهوى
ولا عن هداك المستبين صدودُها
إلى أن أجابت عن رجاء ورهبةٍ
ومن شرك الأشراك حُلّتْ قيودهُا
فقيد إلى الإيمان طوعاً منيبُها
وسيق له بالهندواني عنيدُها[10]
نسوق هذا التمهيد هنا لنشير إلى أنّ مكمن مغالطة الدفاع عن الانتماء، بوصفه انتماء فقط، ليس في عدم صحة النتيجة بل في طريقة الاستدلال، فدريد بن الصمة حين أعرب عن وقوفه مع غزيّة في رشدها وغوايتها يرتكب خطأ في طريقة الاستدلال، ونصف خطأ في النتيجة؛ فقد ترشد غزّية ويكون معها في رشدها. ولنا في الرسول الكريم أنصع بيان، إذ إن القائد/ الرمز عند المسلمين لا يمكن أن يكون إلا صادقاً، ولعلنا نذكر هنا موقف أبي بكر من معجزة الإسراء والمعراج؛ حين جاءه جماعة من المشركين؛ ليخبروه أن (صاحبه) “يزعم أنه أُسرِيَ به الليلة إلى بيت المقدس”؛ إذ اختصر موقفه بقوله: “لئن كان قال ذلك لقد صدق[11]“.
إن طريقة الاستدلال التي يستخدمها أبو بكر هنا مرتهنة بإيمانه بصدقية الرسالة، لا بالحدث ذاته، فلو قاله غير النبي الكريم لما صدّقه؛ لأن الحدث غير ممكن منطقياً في ظلّ الظروف التي كانت سائدة في تلك الأيام.
- فالمقدمة حادثة لا تصدّق (معجزة).
- وراويها رجلٌ مصدَّق.
- والنتيجة أنّ الحادثة صحيحة.
ولعلنا نذكر المدحيات النبوية الكثيرة التي قيلت في صفات النبي الكريم، وفي سيرته، وأثره في بناء الأمة، ونختار منها هنا قول حسان في صفات النبي الكريم:
خلقت مبرّأً من كلّ عيبٍ
كأنّك قد خلقت كما تشاءُ[12]
على أن الارتهان للمرجعية القيادية اتخذ من ثَمَّ معنى آخر، يهدف إلى التكسب من مدح الخلفاء الذين أضحوا رموزاً للدولة الإسلامية، منذ انتهاء العهد الراشدي، وصار مدح الدولة، من خلال رمزها وقائدها ديدن كثير من الشعراء الساعين إلى التكسب.
وهناك أمثلة كثيرة لمدح الخلفاء الأمويين من قبل جرير والأخطل وغيرهما، ولعلنا نشير هنا إلى قول جرير يمدح عبد الملك بن مروان:
لَولا الخَليفَةُ وَالقُرآنُ يَقرَؤهُ
ما قامَ لِلناسِ أَحكامٌ وَلا جُمَعُ
أنت المبارك يهدي الله شيعته
إذا تفرّقت الأهواءُ والشّيَعُ[13]
سيلاحظ القارئ أن الشاعر يستخدم هنا حيلة لفظية، يستثمر فيها المرجعية القرآنية، ليزيّن للمتلقي فكرة الخضوع للطرف المراد في ثنائية الخليفة/ القرآن، فالمتلقي/ المسلم يعتقد بصدق القرآن، وعليه في التركيب العطفي الذي يوحي بالتلازم أن يؤمن بأحقية الأمويين في الخلافة.
وليس من شأن البحث أن يحدّد أحقية الخلافة، ولكن اللافت للنظر أن جميع الأطراف المتصارعة على السلطة في تلك الآونة كانت تستثمر المرجعية ذاتها؛ لإيمانها أن الحجة المرجعية القرآنية لا تقاوم؛ فالخوارج، على سبيل المثال، كانوا يرون أنفسهم الفئة المؤمنة، وقد وظفوا ذلك في شعرهم بعد انتصارهم في بعض المعارك. يقول عيسى الخطّي:
أألفا مؤمنٍ منكم زعمتم
ويقتلهم بآسَكَ أربعونا
كذبتم ليس ذاك كما زعمتم
ولكنّ الخوارج مؤمنونا
هي الفئة القليلة غير شكٍّ
على الفئة الكثيرة ينصرونا[14]
وسيلاحظ القارئ أن الشاعر وظّف قوله تعالى: “… كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ[15]” في سياق سياسي، من خلال التناص مع تلك الآية، بدليل أن “الله نصر الفئة القليلة”، على الرغم من أن تلك الفئة مُنيتْ بهزائم متلاحقة.
- فالمقدمة: الله ينصر الفئة القليلة المؤمنة.
- والله نصرنا، ونحن فئة قليلة، في معركة “آسك”.
- والنتيجة: نحن الفئة المؤمنة.
وقد استمرّ استثمار مغالطة الاحتكام إلى السلطة التي تقوم على اعتقاد “أن فكرة ما صحيحة، لأن سلطة معينة قالت بها، أو أيّدتها[16]” من خلال الاستناد إلى المرجعية، وإلى المؤسسة التي يمثلها القائد الرمز، وصار وجود الشعراء في بلاط قصر الخليفة شيئاً من لوازمه، ولا يصدر عن القائد الرمز إلا الصواب، ما دام يرأس المؤسسة التي تمنح النفوذ والقوة والمال. وقد بين المعرّي هذه المغالطة أوضح بيان حين انتقل من شكلها التجريدي إلى شكلها الشعري الأمثل؛ إذ يمكن التعبير عن هذه المغالطة منطقياً كما يلي:
- اقبل الحجة أ وإلا الحدث س سيحدث.
- الحدث س مؤذ ومدمر ومهدّد.
- إذن الحجة أ حجّة سديدة[17]
يقول المعرّي:
جَلَوْا صارِماً وتَلَوْا باطِلاً
وقالُوا: صدقنا؟ فقلنا نعمْ[18]
لذلك اختصر أبو العتاهية الطريق على نفسه، وجعل قصر المهديّ محفوفاً بالملائكة، ليعطيَه قدسية، تجعل المتلقي في موقع اليقين ممّا يفعله في شؤون الخلافة:
سُقيتَ الغَيثَ يا قَصرَ السَلامِ
فَنِعمَ مَحَلَّةُ المَلِكِ الهُمامِ
لَقَد نَشَرَ الإِلَهُ عَلَيكَ نوراً
وَحَفَّكَ بِالمَلائِكَةِ الكِرامِ
سَأَشكُرُ نِعمَةَ المَهدِيِّ حَتّى
تَدورَ عَلَيَّ دائِرَةُ الحِمامِ[19]
وكيف لا يشكر نعمة المهدي، ما دام المهديّ في موقع المتنفّذ القادر على المنع والعطاء؟ وكيف لا يستند إلى مرجعية دينية تمّكن للمهدي الخلافة من الناحية التنظيرية[20]؟
ولم يكن أبو نواس بعيداً عن قصور الخلفاء؛ فثمة أخبار كثيرة تشير إلى حظوته عند هارون الرشيد، فقد كان شاعراً مقدّما عنده، كتبَ فيه عدداً من قصائد المدح، ومنها قصيدة يذكر فيها تقواه، وخوفه من الله، ويجعله مصطفىً مختاراً في قوله:
تَبارَكَ مَن ساسَ الأُمورَ بِقدرةٍ
وَفَضَّلَ هاروناً عَلى الخُلَفاءِ
نَزالُ بِخَيرٍ ما بَقينا عَلى الهُدى
وَما ساسَ دُنيانا أَبو الأُمَناءِ
إِمامٌ يَخافُ اللَهَ حَتّى كَأَنَّما
يُراقبُ لُقياهُ صَباحَ مَساءِ[21]
ونشير في هذا السياق إلى المغالطات التي جاءت على شكل مبالغات في القصيدة البائية الشهيرة التي قالها أبو تمام في معركة عمورية التي انتصر فيها جيش المعتصم على جيش الإمبراطورية البيزنطية؛ إذ جعل الشاعرُ المعتصمَ الذي يستند إلى مرجعية (الانتقام لله والارتغاب في الله) جيشاً قائماً بذاته:
تَدبيرُ مُعتَصِمٍ بِاللَهِ مُنتَقِمٍ
لِلَّهِ مُرتَقِبٍ في اللَهِ مُرتَغِبِ
لَم يَغزُ قَوماً وَلَم يَنهَدْ إِلى بَلَدٍ
إِلّا تَقَدَّمَهُ جَيشٌ مِنَ الرَعَبِ
لَو لَم يَقُد جَحفَلاً يَومَ الوَغى لَغَدا
مِن نَفسِهِ وَحدَها في جَحفَلٍ لَجِبِ[22]
فإذا آل الأمر إلى خليفة آخر أعاد الشعراء الكرّة، لأن إجزال العطاء ينتقل إلى الخليفة الجديد، ويجعله، في نظر المادحين المتكسبين، الباحثين عن النفوذ، والخائفين من سطوة السيف، مثالاً لا يحاذى في التقى والورع والكرم. وها هو ذا البحتري يمدح المتوكل والمعتز والمهتدي والمعتمد…. يقول في مدح المتوكلّ:
فَاسلَم أَميرَ المُؤمِنينَ وَلا تَزَل
تُعطى الزِيادَةَ في البَقاءِ وَتُشكَرُ
عَمَّت فَواضِلُكَ البَرِيَّةَ فَاِلتَقى
فيها المُقِلُّ عَلى الغِنى وَالمُكثِرُ
بالبرِّ صُمْتَ، وأنتَ أفضلُ صائمٍ
وبسنّة الله الرضيّة تفطِرُ[23]
نودّ هنا التأكيد مرة أخرى أنّ المغالطة تتهم طريقة الاستدلال ولا تتهم النتيجة؛ فهي لا تقلّل مثلاً من إنجاز المعتصم في عمورية (وما أحوجنا إلى نصر كنصره!!)، بل تكشف اعتماد الشاعر على “تلازم الممدوح والمرجعية” من أجل تمرير مبالغاته في وصف الممدوح، كما تكشف عن تذلل الشعراء للممدوحين، حتى إن شاعراً كالمتنبي مدح كافوراً الإخشيدي، لكي يُقطعه ولاية أو إمارة، واعتذر له ضمناً عمّا أسلف من مدح سيف الدولة الحمداني، على بعد الشقة بين الرجلين، إذ قال فيه:
ويغنيك عمّا ينسبُ النّاس أنّه
إليكَ تناهَى المكرماتُ وتنسبُ
وأيّ قبيلٍ يستحقّك قدرُه
معدّ بن عدنانٍ فداكَ ويعرُبُ
وتعذلني فيك القوافي وهمّتي
كأنّي بمدحٍ قبل مدحك مذنبُ[24]
على أن منافقة المتنبي لكافور لم تدم طويلاً، فهجاه بعد أن يئس من نوال ما تصبو إليه نفسه الأمّارة بالإمارة، وبعد أن أدرك أنّ مقدّماته لم تقد إلى النتائج المرجوّة، فحقق الأمان لنفسه بالهرب، ولم يعد شعرُه مضطراً أن يكون مداهناً للسيف الإخشيدي. ومما قال المتنبي في هجاء كافور:
صار الخصيُّ إمامَ الآبقين بها
فالحرُّ مستعبَدٌ والعبدُ معبودُ
لا تشترِ العبد إلا والعصا معه
إنّ العبيد لأنجاس مناكيدُ[25]
على أن المبالغات قد تبلغ حدّاً تجعل الممدوح متجاوزاً للمرجعية، فالممدوح يصبح في شعر ابن هانئ الأندلسي هو المرجعية ذاتها، فهو مصدر للحقّ لا رمز له، وهو متشفَّع به، لا مجرد طريق إلى المتشفَّع به. يقول ابن هانئ الأندلسي في مدح الخليفة الفاطمي المعزّ لدين الله:
ما شئت لا ما شاءت الأقدارُ
فاحكم فأنت الواحد القهّارُ
فكأنّما أنت النبيُّ محمّدٌ
وكأنّما أنصارُك الأنصارُ
هذا الذي تجدي شفاعته غداً
حقّاً وتُخمدُ أن تراهُ النّارُ[26]
(3)
وقد استمرّت مغالطات الاحتكام للسلطة والمرجعية ذات النفوذ إلى مطلع عصر النهضة وإلى أيامنا هذه، بعد شاع أن مصطلح شاعر البلاط[27]، ولم ينجُ أعظم شعراء العرب، كما لاحظنا، من هذا النفاق الذي لا ينقص من قيمة الممدوح بقدر ما يقلل من مصداقية الشاعر، فقد استند أحمد شوقي إلى المرجعية الدينية في مدح السلطان العثماني عبد الحميد حين قال:
رضي المسلمون والإسلامُ
فرع عثمان دمُ فداك الدوامُ!
كيف نحصي على عُلاك ثناءً
لك منّا الثناء والإكرامُ
إيه عبد الحميد جــلّ زمان
أنــت فيــه خليفــــة وإمــــام[28]!
ويذكر أن الشوقيات مليئة بمثل هذه القصائد المدحية، كالقصيدة التي قالها شوقي في مديح السلطان العثماني محمد رشاد الخامس؛ يهنئه فيها بليلة القدر، ويجعله مجدّداً لعهد الخلفاء الراشدين. يقول فيها:
جدّدت عهد الراشدين بسيرةٍ
نسج الرشادُ بها على منوالهِ
بُنيتْ على الشورى كصالح حكمهم
وعلى حياة الراي واستقلالهِ
فكأنك الفاروق في كرسيّهِ
نعمت شعوبُ الأرض تحت ظلالهِ
أو أنت مثل أبي ترابٍ يُتّقى
ويهابه الأملاكُ في أسمالهِ[29]
أما علاقة أحمد شوقي بالخديوية التي بنى كل مغالطاته المدحية فيها من منطلق محاباة السلطة، فهي أمر يطول شرحه، إذ مدح شوقي الخديوات، وبقي مخلصاً للخديوي الأول إسماعيل، ومَنْ قبله أيضاً من ولاة بني عثمان[30]؛ لذلك فهو لم يخن القصر، أيّاً كان ساكنه (!!)، وكيف يخونه؟ وقد ولد في باب إسماعيل، كما يقول:
أأخون إسماعـــــيلَ في أبنائهِ
ولقد ولدتُ بباب إسماعيلا[31]؟!
إنّه صراع السيف والقلم، وها هو ذا القلم ينحني للسيف في كثير من المواقف، وشوقي مثال من أمثلة كثيرة، رأى جزرة السلطة، وأدرك قوة عصاها، فاختار الطريق الأسهل، وجلس في أفياء السلطة وظلّها[32]. ويمكن هنا أيضاً أن نشير إلى الشاعر محمد مهدي الجواهري الذي مدح أكثر من حاكم عربي[33]، ونورد هنا بعض أبياته في مدح الملك حسين بن طلال، ملك الأردن الراحل، بمناسبة عيد مولده؛ لأنّ فيها تأكيداً على المرجعية الدينية التي يركّز الشاعر عليها؛ ليمنح الممدوح سمة التميّز:
يا سيّدي أَسْعِفْ فَمِي لِيَقُــولا
في عيدِ مولدِكَ الجميلِ جميلا
أَسْعِفْ فَمِي يُطْلِعْكَ حُـرّاً ناطِفَـاً
عَسَلاً، وليسَ مُدَاهِنَاً مَعْسُولا
يا أيّـها المَلِـكُ الأَجَلُّ مكانـةً
بين الملوكِ، ويا أَعَزُّ قَبِيلا
يا ابنَ الهواشِمِ من قُرَيشٍ أَسْلَفُـوا
جِيلاً بِمَدْرَجَةِ الفَخَارِ، فَجِيلا[34]
(4)
يقود الحبُّ أحياناً إلى مغالطات منطقية بريئة، تستند بشكل أساسي إلى محاباة سلطة القلب: من حب العشيقة إلى حب الوطن إلى حب العروبة، ويرتبط ذلك الحبّ بالمكان ليجعل الشاعر يُقَبّل “ذا الجدارَ وذا الجدارا”، ويبدو هذا النوع من المشاعر مسوّغاً منطقياً وأخلاقياً، بل إنه يبدو من ضرورات الشّعر؛ ألم يقل رسولنا الكريم: “أحدٌ جبل يحبنا ونحبه[35]“.
لقد انتمى قيس بن الملوّح لسلطة القلب، وأطاعها، رغبة لا رهبة، وقاده ذلك إلى مجموعة من المبالغات التي تؤكد أن نسيان ليلى يعدُّ ضرباً من المحال:
فو الله ما أنساك ما هبت الصبا
وما ناحتِ الأطيارُ في وَضَح الفَجْرِ
وما نطقت بالليل سارية القطا
وما صدحت في الصّبح غادية الكُدْر
وما لاح نجم في السماء وما بكتْ
مُطَوَّقة ٌ شَجْواً على فَنَنِ السِّدْرِ
وما طلعت شمس لدى كلِّ شارق
وما هطلت عين على واضح النحر
وما اغْطَوطَشَ الغِرْبيبُ واسْوَدَّ لونهُ
وما مرّ طولَ الدّهر ذكرُك في صدري
وما حَمَلَتْ أُنْثَى وما خَبَّ ذِعْلِبٌ
وما طفح الآذي في لَجَجِ البحر
وما زحفت تحت الرّحال بركبها
قِلاصٌ تؤمّ البَيْتَ في البَلدِ القفْرِ[36]
ومن ذلك أيضاً ما قاله جميل بن معمّر العذري عن ديمومة الحب الذي يربط قلبه بقلب بثينة، فهو يمتد منذ الأزل وإلى الأبد، وما أجمل تلك المغالطة التي يتضمّنها قوله:
تعلق روحي روحها قبل خلقنا
ومن بعد ما كنّا نطافاً وفي المهدِ
فزاد كما زدنا، فأصبح نامياً
وليس إذا متنا بمنقطع العهد
ولكنه باق على كل حالةٍ
وزائرنا في ظلمة القبر واللحدِ[37]
فإذا انتقلنا إلى الشعور الوطني وجدناه يقدّم مغالطات مألوفة؛ فالشاعر يرى وطنه أفضل الأوطان، ويرى بلاده عزيزة عليه، وإن جارت، ولعلنا نشير إلى الشاعر مفدي زكرياء الذي قال عن الجزائر:
أرض الجزائر في إفريقيا قدُسٌ
رحابها من رحاب الخلد إن صدقوا
قلب العروبة لم يعصف بنخوتها
عسفٌ ولا نال من إيمانها رهَقُ[38]
فإذا انتقلنا إلى دمشق وجدنا شاعرها نزار قباني يخصّها بكثير من شعره، ويفضّلها على كل المدن، فهو الدمشقي الذي يسيل دمه تفاحاً وعناقيد[39]، ودمشق عنده هي المبتدا والمنتهى:
الفل يبدأ من دمشق بياضُه
وبعطرها تتطيب الأطياب
والماء يبدأ من دمشق فحيثما
أسندت رأسك جدول ينساب
والحب يبدأ من دمشق فأهلنا
عبدوا الجمال وذوّبوه وذابوا
والدّهر يبدأ من دمشق وعندها
تبقى اللغات وتحفظ الأنساب[40]
وأمّا محمود درويش فيجد في فلسطين سبباً لجدارة العيش على هذه الأرض؛ فهي تعني تَجَّدُدَ الانبعاث الربيعي، وهي التي ترعب أعداءها بعزف ناي حزين، وبشهدائها الذين يبتسمون لحتفهم، وهي أيضاً أمّ البدايات والنهايات، وليس ثمة مسوّغ لتفضيلها على البلدان الأخرى، وليس ثمة برهان على أزليتها وأبديتها سوى انتمائه إليه، وما أنبله من انتماء يدفع الشاعر أن يقول:
على هذه الأرض ما يستحق الحياة:
تردّدُ إبريل، رائحةُ الخبزِ
(…) عشبٌ على حجرٍ،
أمهاتٌ يقفن على خيطِ نايٍ،
وخوفُ الغزاة من الذكرياتْ
(…) هتافاتُ شعبٍ لمن يصعدون إلى حتفهم باسمينَ
وخوفُ الطغاة من الأغنياتْ
على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ:
على هذه الأرض سيدةُ الأرضِ
أمُّ البداياتِ.. أمُّ النّهاياتِ
كانت تسمّى فلسطين
صارتْ تسمّى فلسطين[41]
إنّ “التذرّع بالوطنية” يسمح للشاعر أن يرتكب هذه المغالطة المنطقية، مثلما هو شأن “التذرع بالقومية” بالنسبة للقوميين العرب، فنبل الفكرة، يمنح المغالطة قيمة مضاعفة، كما أن تكرارها في مختلف الآداب العالمية يعطيها قدرة تأثيرية هائلة، ويمكن في هذا الإطار أن نكتفي بمثال واحد، على كثرة الأمثلة التي تعزز الانتماء القومي. يقول الشاعر الليبي أحمد الفقيه حسن متحدّثاً عن مصر:
هي الكنانةُ، واذكر فضل أهليها
فهي التي حققت آمال راجيها
مهد العروبة ثمَّ اليوم حاضرُها
عن صفحة زانها بالمجد ماضيها[42]
(5)
بقي أن نشير أخيراً إلى أن بعض الشعراء تنبهوا للمحتوى الأخلاقي السلبي في مغالطة الاحتكام للقوة التي تقوم ثنائيتي الرغبة والرهبة، ورفضوا أن يكونوا من دجاج القصر المدجّن، ورأَوْا أن شعر النفاق السياسي لا قيمة له، على الرغم من الجماليات الفنية التي قد يتمتع بها، فالبردّوني لا يرضى بديلاً عن الشعر الغاضب في قوله:
ما أصدق السيف إن لم ينضه الكذبُ
وأكذب السيف إن لم يصدق الغضبُ[43]
ونزار قباني يرفض أن يكون “مهرّج السلطان”، فيما يكتب أحمد مطر قصيدة يفضح فيها “شعراء البلاط”، الراجفين، والسلطة التي تريد أن تدجّن الشعراء، وتجعلهم طبولاً جوفاء، قيقول:
من بعد طول الضرب والحبسِ،
والفحص، والتدقيق، والجسِّ،
والبحث في أمتعتي، والبحث في جسمي،
وفي نفسي،
لم يعثر الجند على قصيدتي،
فغادروا من شدة اليأسِ،
لكن كلباً ماكراً أخبرهم بأنني أحمل أشعاريَ في ذاكرتي،
فأطلق الجند سراح جثتي وصادروا رأسي،
تقول لي والدتي: “يا ولدي، إن شئت أن تنجو من النحسِ،
وأن تكون شاعراً محترم الحسِّ،
سبح لربّ العرش، واقرأْ آية الكرسي[44]“
المراجع والإحالات والمصادر
[1]، شوقي عبد الحكيم: الزير سالم أبو ليلى المهلهل، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، ص105.
[2]يشير راشد الراضي إلى هذه المغالطة باسم “سفسطة ما يراه الناس”، ويحتجّ فيها المحاوِر لدعواه “بأنّها من القضايا التي يعتقدها عموم الناس”، وفي مثالي الذي طرحته عن والدي يقتصر عموم الناس على القلة غير المؤهلة ثقافياً التي كان يعرفها والدي رحمه الله. تمكن مراجعة:
ـ رشيد الراضي: الحجاج والمغالطة، ص54.
[3]دريد بن الصمة: ديوان دريد بن الصمة، تحقيق: عمر عبد الرسول، دار المعارف، القاهرة، ص62.
[4]أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الميداني: مجمع الأمثال [جزآن]، حققه وفصّله وضبط غرائبه وعلّق حواشيه: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار القلم، بيروت، لبنان، 1/439.
[5]التريند: مصطلح يشير إلى الرائج من الموضوعات الساخنة أو الواقعية في وسائل التواصل الافتراضي، ويعبُّر غالباً عن ميول المجتمعات عبر مشاركة محتوى معين على نطاق واسع، وقد تقوم مؤسسات متنفذة بمنع مشاركة موضوع معين حتى لا يصبح “تريند”، حين لا يتوافق مع معاييرها، أيّ أن التريندات نفسها قد تكون محكومة بتوجهات معينة.
[6]الأعلم الشنتمري:شرح حماسة أبي تمام، تحقيق وتعليق: د. علي المفضّل حمودان، مطبوعات مركز جمعة الماجد، دبي، ط1، 1992، ص358، والبيتان منسوبان في الحماسة لرجل من بلعنبر بن عمرو بن تميم، ولأبي الغول الطهوي، ولطهية بن تميم.
[7]المصدر نفسه، ص365.
[8]عامر بن الطفيل: ديوان عامر بن الطفيل، دار صادر، بيروت، 1979، ص13.
[9]الشنفرى: ديوان الشنفرى، جمعه وحققه وشرحه: إميل بديع يعقوب، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1996، ص59.
[10]د. محمد المختار ولد اباه: الشعر والشعراء في موريتانيا، مرجع سابق، ص230.
[11]تمكن مراجعة:
محمد ناصر الألباني: السلسلة الصحيحة، مكتبة المعارف، الرياض، الحديث رقم (306)، 1/ ص615.
[12]حسان بن ثابت: ديوان حسان بن ثابت، شرحه وكتب هوامشه وقدّم له: عبد أ. مهنّا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1994، ص21.
[13]جرير: ديوان جرير، دار بيروت، بيرت، 1986، ص278.
[14]الأبيات موجودة في:
إحسان عباس (جمع وتحقيق): شعر الخوارج، دار الثقافة، بيروت، ط2، 1974، ص ص54ـ 55. وآسك بلدة في إيران.
[15]سورة البقرة، الآية: 249.
[16]يوسف صامت بو حايك: رجل القش، مرجع سابق، ص48.
[17]عادل مصطفى: المغالطات المنطقية، مرجع سابق، ص113.
[18]أبو العلاء المعرّي: اللزوميات، تحقيق: عبد العزيز الخانجي، مكتبة الهلال ـ بيروت، ومكتبة الخانجي ـ القاهرة، ج2/ ص337.
[19]أبو العتاهية: ديوان أبي العتاهية، دار بيروت، بيروت، 1986م، ص408.
[20]كان بعض الشعراء يشتطّون في مبالغاتهم، فينتقلون من أحقية الخليفة بالخلافة إلى أحقية الخلافة بالخليفة، فيدخلون في مغالطة البروكروستية (Procrusteanism) التي تُنسب إلى سرير بروكروست (وهو قاطع طريق في المثيولوجيا اليونانية يهاجم الناس، ويقوم بمط أجسادهم، أو بقطع أرجلهم؛ لتتناسب أطوال أجسادهم مع طول سريره)؛ إذ راح الشعراء يولفّون المعطيات لكي تنسجم مع المنطومة المثالية للخلافة، على نحو ما نجد عند أبي العتاهية في مدح المهدي:
أتته الخلافة منقادةً
إليه تجررُ أذيالَها
فلم تكُ تصلح إلا له
ولم يك يصلح إلا لَها
ولو رامها أحد غيره
لزلزلت الأرض زلزالَها
ـ أبو العتاهية: ديوان أبي العتاهية، مصدر سابق، ص375.
[21]أبو نواس: ديوان أبي نواس (برواية الصولي)، تحقيق: د. بهجت عبد الغفور الحديثي، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث ـ دار الكتب الوطنية، أبو ظبي، 2010م ، ص248.
[22]أبو تمام: ديوان أبي تمام (بشرح الخطيب التبريزي)، تحقيق: محمد عبده عزّام، دار المعارف، القاهرة، ط5، مج1/ ص ص58ـ 59.
[23]البحتري: ديوان البحتري، مصدر سابق، ص1071.
[24]المتنبي: ديوان المتنبي، مصدر سابق، ص ص469ـ 470.
[25]المصدر نفسه، ص507.
[26]ابن هانئ الأندلسي: ديوان ابن هانئ الأندلسي، دار بيروت، بيروت، 1980، ص146.
[27]شاع لقب “شاعر البلاط” بعد أن تم استحداث هذا المنصب في بريطانيا عام 1668م في عهد الملك تشارلز الثاني، وهو لقب يمنح لشاعر معروف، لينظم قصائد تمجد العائلة المالكة والمناسبات الوطنية.
[28]أحمد شوقي: الشوقيات، مصدر سابق، ج1/ ص ص281ـ 282.
[29]المصدر نفسه، ص202.
[30]انظر مثلاً مدحه لمحمد علي باشا الكبير في الشوقيات: ج1/ 117.
[31]المصدر نفسه، ص212.
[32]لا نستطيع هنا بأي حال أن نغفل مواقف أحمد شوقي الوطنية ضد المستعمر الإنكليزي، على الرغم من تقربه وتزلفه للقصر العثماني، وهذا ما أدى إلى نفيه إلى إسبانيا ست سنوات.
[33]نشير هنا إلى أن الجواهري كان في فترة مبكرة من حياته قد أخذ على أحمد شوقي وحافظ إبراهيم أنهما مشغولان بالمديح على حساب القضايا الجوهرية، وهجاهما بأبيات منها:
ومدائح كانت لفرط غُلُوِّها
تشكو من المخلوق للخلاق
أبياتُكمْ تبقى لهمْ وهباتُهُمْ
ليست بباقية على الإنفاق
وأجلُّ من هبةٍ يُذِلَّ بها الفتى
أشعارَهُ صبرٌ على الإملاق
عاراً أرى وأنا الأديبُ بضاعتي
معروضةً كبضائعِ الأسواق
[34] https://www.aldiwan.net/poem56781.html
[35]عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، فَإِذَا جِئْتُمُوهُ فَكُلُوا مِنْ شَجَرِهِ، وَلَوْ مِنْ عِضَاهِهِ”. أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجة وأحمد وغيرهم..
[36]قيس بن الملوح: ديوان قيس بن الملوح (مجنون ليلى)، مصدر سابق، ص34.
سارية القطا: الطير المسافر في الليل، وغادية الكُدر: الملونة منها العائدة صباحاً. اغطوطش الغربيب: اشتدّ سواده، والغربيب: الغراب. والذعلب: الناقة، والآذيّ: موج البحر.
[37]جميل بثينة: ديوان جميل بثينة، مصدر سابق، ص ص19ـ20
[38]مفدي زكرياء: اللهب المقدس، موفم للنشر، ص29.
[39]إشارة إلى قول نزار: أنا الدمشقيّ لو جرّحتمُ جسدي/ لسالَ منه عناقيدٌ وتفاحُ
[40]نزار قباني: الأعمال السياسية الكاملة، مصدر سابق، ج3/ ص ص634ـ 635.
[41] https://www.aldiwan.net/poem9094.html
[42]محمد الصادق عفيفي: الشعر والشعراء في ليبيا، مرجع سابق، ص127.
[43] https://www.aldiwan.net/poem23694.html
[44] https://www.aldiwan.net/poem9198.html