كيف تنتصر على نفسك وتتجاوز محنتك؟

د. أسماء السيد سامح | القاهرة

المحنة جزء من الحياة، والتغلب على الشدائد هي واحدة من أكبر العقبات التي نواجهها، وكما كتب هافلوك إليس: “الألم والموت جزء من الحياة، ورفضهما هو رفض الحياة نفسها”.

بغض النظر عن مدى الذكاء أو السعادة، سنواجه النضال والتحديات والصعوبات وأحيانًا لحظات مؤلمة، هل هذا يعني أن يكون تقييمنا للحياة سلبيًا ساخرًا لما يجب أن نتطلع إليه؟

في الواقع، يجب أن نشكر الله سبحانه وتعالى على الشدائد، فكل ما علينا هو أن نتعلم كيفية التعامل مع الشدائد والتغلب عليها، فهذا ما يبني الشخصية ويطورها، وكل تحد وكل صعوبة نواجهها في الحياة تعمل على تعزيز إرادتنا وثقتنا وقدرتنا على التغلب على العقبات المستقبلية، وكما يقول الفيلسوف اليوناني هيرودوت: “إن المحنة لها تأثير في استخلاص القوة والصفات لرجل كان من الممكن أن يبقى كامنًا في غيابه”.

عندما تستجيب بشكل إيجابي وبنّاء لأكبر التحديات التي تواجهك، فإن صفات القوة والشجاعة والشخصية والمثابرة تظهر من أعماقك. بالطبع، بما أننا بشر، فمن السهل جدًّا الوقوع تحت شفقة النفس أو ظلم الحياة أو “لماذا أنا؟” فعندما نفعل ذلك، فإننا نفشل في التعرف على فرص الحكمة والنمو التي تصاحب الشدائد، وبمجرد أن نسمح لأنفسنا بالتفكير بشكل أكثر وضوحًا، فإننا قادرون على التخلي عن الأفكار المهزومة وغير المثمرة والبدء في أعمال التعامل مع ما هو أمامنا.

كن واعيًا وتقبل أن الشدائد لا مفر منها في الحياة.. وكما أشير من قبل، فإن المحنة جزء من الحياة، ولتجنبها أو مقاومتها سيجعلها تستمر، وفي كل مكان تنظر إليه في العالم، هناك صراع وفيضانات وأمواج تسونامي وحروب وكوارث من جميع الأنواع، حتى داخل دائرة عائلتك وأصدقائك، هناك الموت والخسارة والمأساة، وعلى الرغم من أن الألم أمرٌ لا مفر منه، فإن المعاناة اختيارية، إذًا ماذا تفعل؟

قبل وقوع المصائب، اعمل على تنمية القوة العاطفية والشجاعة والانضباط، عندما تدرك نفسك أن بعض الصعوبات أمر لا مفر منه، يمكنك إعداد نفسك ذهنيًّا لمواجهة الشدائد وجهًا لوجه، ولن يكون الأمر مختلفًا عن محارب ذاهب للمعركة، يعد نفسه جسديًّا وعقليًّا لأي احتمال، ويعرف أنه يمكن أن يكون الأمر مرهقًا أو شاقًّا، لكنه في كل الأحوال مجهز. في أغلب الأحيان، عندما تكون مستعدًّا للأسوأ، لا يحدث الأسوأ أبدًا، أو يكون أقل حدة مما كان متوقعًا، الإيمان هو مورد داخلي آخر لا يقدر بثمن، الإيمان بأن كل شيء سوف يعود ويعمل، الإيمان بوجود ضوء في نهاية النفق دائمًا، والإيمان بأن “هذا سيمر أيضًا” فكل شيء في الحياة له غاية وهدف.

بناء نظام دعم للعائلة والأصدقاء، فعندما تصبح الأمور صعبة، نحتاج إلى التشجيع والدعم، فنحن بحاجة إلى شخص ما للتحدث معه، شخص للمساعدة في تخفيف العبء من علينا، ومن الممكن أن نتفاجأ باكتشاف عدد المرات التي مرّ بها صديق بتجربة مماثلة، ويمكنه مساعدتك في إرشادك خلال الأوقات العصيبة، حتى لو بمجرد معرفة وجود صديق يقف بجانبنا عندما نحتاج إليه، يمكن أن يكون أكثر راحة.

من حيث المبدأ الذي يقول “أن ما لا يقتلك سيجعلك أقوى” فأنا لا أتفق كثيرًا مع هذا المبدأ في الواقع، على سبيل المثال، إذا لم يكن لديك ما يكفي من المرونة أو الخبرة في التعامل مع الصعوبات، يمكن أن تسحقك الشدائد، ومن ناحية أخرى، إذا كان لديك مرونة كافية، فهذا سيجعلك أقوى. يتم بناء المرونة مع التعرض المتكرر للعقبات، إذا كنت تفتقر إلى الممارسة في مواجهة العوائق (كما هو الحال عندما تختار تجنبها) فإن حدثًا صادمًا واحدًا يمكن أن يقضي عليك.

وللتأكيد على هذه النقطة، أظهرت الأبحاث التنموية أن الأطفال المصابين بصدمات نفسية أكثر عرضة للإصابة مرة أخرى، فإن أولئك الذين ينشئون في الأحياء الصعبة يصبحون أضعف، وليس أقوى، وأكثر عرضة للنضال في الحياة. استلهم الأفكار وتعلم من الآخرين الذين تعاملوا بنجاح مع الشدائد

هناك العديد من القصص الملهمة لأناس تجاوزوا احتمالات لا يمكن التغلب عليها، وقد انتصروا على محنهم ليعيشوا حياة ناجحة ومنتجة بدلًا من الاستسلام لها.

إذن إتاحة التصميم والمرونة والمثابرة لكل هؤلاء الأشخاص العظماء أن يتخطوا محنهم ويتغلبوا عليها، فمن المؤكد أن بوسعنا أن نستجمع القوة والشجاعة للتغلب على محننا! التغلب على الشدائد هو أحد التحديات الرئيسية في الحياة، فعندما نعقد العزم على مواجهتها والتغلب عليها، نصبح خبراء في التعامل معها وبالتالي ننتصر على نضالاتنا اليومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى