على ضفاف الحلم

الشاعر محمود محمد عجوا

 

رحَلَ النَّهارُ.. فَعتِّقي أنْخابي
وقِفي بمَلحَمتي بِلا أرْبابِ
أنا فارسُ الكلماتِ.. سيّدُ نشوَتي
الليلُ دِرعي والنُّجومُ حِرابي
بَوْحي ربيبُ النَّايِ أُترَعَ كأسهُ
للهائمينَ على بِساطِ سَرابي
وأنا عَزيزُ الأغنياتِ .. بَريئةٌ
كلُّ الذِّئابِ وقد سئِمتُ ذِئابي

دوسِي على الجُرحِ النَّديِّ إذا بَدا
طَيفُ الغُروبِ بغَيْبةِ الأسْرابِ
سَبعونَ عُمْراً من خَريفِ مَواجعٍ
باِسْمِ الحياةِ يَموجُ بالأغرابِ
نتَقاسمُ الموتَ المُعلَّبَ جاهِزاً
ونُعلِّبُ الأشْجانَ بالتَّطرابِ
وأرى لقيطَ الغيبِ يسْرقُ دمعَنا
لِيدُسَّ جُثَّتهُ بِنَبْشِ غُرابي
عارٍ هوَ التَّاريخُ منْ أوْجاعِنا
يَقْتاتُ من دمِنا بغيرِ حِسابِ

هذا نشيدُ البحرِ حينَ أزورُهُ
وبكاؤُهُ برحيلِهِ وذَهابي
صلِّي بمِحْراب الرُّؤى كي تُبصِري
ما خطَّهُ المِعراجُ في مِحْرابي
رُشِّي على التَّوراةِ مِلحَ قَصيدةٍ
حُبْلى وكنعانِيَّةِ الأصْلابِ
قومِي منَ الإنجيلِ مِثلَ فرَاشةٍ
وتحَرَّقِي شَوْقا” على أعْتابي
قُدِّي قميصَ الغيْبِ عندَ تَعفُّفي
لا تَيأسي .. قد غُلِّقَتْ أبْوابي
فٍرِّي لكَرْمِ اللّوزِ في أبَدِيَّتي
وتَعمّدي من جنَّتي وتُرابي
مُرِّي بطَيفِكِ في شُجونِ قَصيدَتي
وتَنزَّلي ألِفا” بمَتنِ كِتابي

مازالَ في وَتَري نَشيجٌ من أنايَ
يَدُقُّ موسيقاهُ في أقْطابي
وعلى ضِفافِ الحُلْمِ أذْلَفَ غَيْمُهُ
قَطْراً يَسيلُ على رُبوعِ شَبابي
ما أجْملَ الأحلامَ حينَ يُقِلُّها
لَحنٌ تصَوَّفَ في هَوى زِرْيابِ

هيَّأتُ أسْبابَ السَّماءِ لغُربَتي
فتألّقي في حضْرةِ الأسْبابِ
مِيلي على لُغَتي ولا تتَسائِلي
بلْ حَطِّمي بالصَّمتِ صمْتَ جَوابي
لا تهْمِسي باسْمي ولا تَتأوَّهي
واسَّاقَطي برَداً على تَنْحابي
هيلي أهازيجَ الجَنوبِ نَدِيَّةً
فالآهُ واللّيْلاهُ مِلحُ عِتابي
ضُمّي زَريفَ الطُّولِ في أحْلامِهِ
ولْتُرْقُصي جَفْرا على أهْدابي
شُمِّي أريجَ الذِّكرَياتِ لِتَعْرِفي
ما قالهُ طوقانُ للسَّيّابِ

مازالَ يعْتَصِرُ النَّشيدُ سَحابَهُ
حتى غَدا مطَراً بغيْرِ سَحابِ
فإذا بمِرآة الغُروبِ تكَسَّرتْ
ونشَرتُ صورَتَها على أعْقابي
وخلَعْتُ مِعْطفَ أُمنِياتِ حَماقَتي
ونَسيتُ أنّي ما رَفَوْتُ ثِيابي
حُطِّي على السّورِ العَتيقِ حَمامَةً
واسْتَقبلِي نَعْشي بألْفِ عُقابِ
خُطِّي على التَّابوتِ وشْمَ خَطيئَتي
ظِلِّي البَعيدَ وتمْتَماتِ غِيابي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى