د. عبد الله الشاهر وحديث حول كتابه الصورة الشعرية توفيق أحمد أنموذجا
حاورته الشاعرة السورية ليلاس زرزور | هولندا
نرحب بكم دكتور عبد الله الشاهر الناقد السوري الذي واكب الحركة الثقافية السورية والعربية والذي أصدر مجموعة من الكتب النقدية نذكر منها «مظفر النواب، ملامح ومميزات»و«الأسطورة في شعر بدر شاكر السياب» وكتاب «ناقد وخمسة عشر شاعراً»، وكتاب «الصورة الشعرية توفيق أحمد أنموذجاً».
1 ــ هل يمكن لنا أن نتحدث عن كتابك الصورة الشعرية ــ توفيق أحمد أنموذجاً، وما السبب في اختيارك لتجربة توفيق أحمد الشعرية؟
أولاً بكل سرور، فكتاب الصورة الشعرية حاولت فيه أن أبين أهمية الصورة في النص الشعري، ذلك أن الصورة الشعرية تعد ركناً أساسياً من أركان العمل الأدبي التي يمكن البناء عليها في خلق حالة تواصل بين المبدع والمتلقي. أما عن السبب في اختياري تجربة الشاعر توفيق أحمد فلأنني وجدت فيها نصاعةً في الصورة وغنىً في الأداء، ووفرة ًفي النصوص ما أتاح لي أن أُفرِدَ مساحاتٍ واسعةً للرؤية النقدية، فتجربةُ الشاعر غنية ومتنوعة ما جعلني أجد ضالَّتي فيها.
2 ـ إذا أردنا أنْ نعرّف بالشاعر توفيق أحمد.. فماذا نقول عنه من خلالك؟
أقول توفيق أحمد شاعر يضعك في متاهة من الصور والأشكال والرموز والأفكار ليبني لك عالماً من الحلم والألم.. من الأمل والحب والخيال لتجد نفسك أسير مناظر تمتد مسافات شاسعة من الطبيعة والجمال والفكر والأنوثة والمعاناة وربما المأساة والحنين والرغبة والوحشة.. عالم توفيق أحمد الشعري عالم تداخلت فيه الحيوات فأفرز شلالات من الصور مُمَوْسَقةً تُناغِمُ حركةَ الحياة.. هذا هو الشاعر توفيق أحمد الذي يَنْزَعُ دائماً إلى التفرُّدِ والتمرُّدِ والتَّجددِ على الرغم من وداعتِهِ وهدوئِهِ.
3ـ هل يمكن لنا القول بأنك ازددتَ معرفةً بالشاعر توفيق أحمد بعد أن أَنْجَزْتَ مُؤَلَّفَكَ عَنْهُ؟
في الحقيقة عرفت ُالشاعر توفيق أحمد عن قرب، فوجدتُهُ قريباً من القلب، وديعاً هادئاً في أفكاره، وجدتُهُ ظَلَّ وفياً لرُمَّانَةِ الدار وسنديانةِ الحقل وبيت الطين وأصدقاء الطفولة، فكان ذلك قربي منه.. عندما قرأتُ أعماله الشعرية وجدتُهُ عاشقاً لأشياءَ تحمل ذاكرةَ وطن، وأقاليمَ حياة ونشوةَ عاشق.. شَعَرْتُ أنَّ تجربةً كهذه تستحقُّ أن تُدْرَسَ وأَنْ تأخُذَ نصيبَها من النقد وأن يتمَّ التعاملُ مع هذه التجربة على أنها فِعْلٌ في الواقع من خلال الذات، ومرورٌ في دروب الحلم الذي أيقظ الذكريات.. لم أتعاطف مع توفيق أحمد الصديق، وإنما تعامَلْتُ معه كنصٍّ شعريٍّ، وطَّبقْتُ على نصِّهِ الشعري وتجربتِه الشعرية روحَ النقد الأكاديمي.
4ـ طالما أنك درستَهُ نصاً شعرياً لا صديقاً، فما أبرز النقاط التي عالَجْتَها في كتابك وأنتَ الناقدُ المعروفُ؟
في مفردات الكتاب الذي جاء بفصل تمهيدي وخمسة فصول ِأساسية تَحَدَّثْتُ فيها: في الفصل التمهيدي عن توفيق أحمد ورحلة العمر، وجاء الفصل الأول عن الصورة الشعرية من حيث المعنى وفي تجربة الشاعر توفيق أحمد، أما الفصل الثاني فعالج الموسيقا الشعريةَ في نصه داخليةً وخارجيةً والمُحَسِّناتِ البديعيةَ والدلالية،وعالج الفصلُ الثالثُ بُنْيَةَ الأسماء والأفعال ودلالاتِها، أما الفصلُ الرابع فقد تَحدَّثَ عن أنواعِ الجُمَلِ في النص الشعري عند توفيق أحمد، وخُتِمَ الكتابُ بالانزياحات والحذف والاستبدال.
5_ من خلال ما ذَكَرْتَ حول مفرداتِ الكتابِ وفصولِه يتبادر لي أنه يمكن أن يكون مادةً نقديَّةً تَصْلُحُ أن تُدرَّسَ بالجامعات. ما رأيك؟
أنا كتبتُ الكتابَ، ومن وجهة نظري أقول إنَّني طَبَّقْتُ أُسُسَ الدراسةِ الأكاديميةِ، وأعتقد أنه يمكن أن يكون مادةً جيدةً في الجامعةِ، سيما وأن في ثنايا الكتابِ الكثيرَ من التحليلِ النقديِّ الحديث والشيق في دراسة النصوص، وباعتقادي أنه عاجلا أم آجلاً ستتمُّ العودةُ إلى هذا الكتابِ.
6_ هل تعتقد أن في أعمال توفيق أحمد إضافاتٍ مُبْتَكَرَةً ومُهمةً شَكَّلَتْ علامةً في المشهدِ الشعريِ بشكل عام؟
توفيق أحمد شاعر وتجربُتهُ الشعريةُ إحدى أهمِّ التجارب في المشهدِ الشعري السوري، فقد تميزت بميزات خاصة، كان من أبرزها الصورةُ الشعريةُ، إذ إنَّه أتقن نصَّهُ الشعريَّ جُمْلةً وُمفْردة ًودلالة،ً ليصوغ صورة ًشعرية واضحة المعالم، والحقيقة أن الصورة الشعرية تعد من أصعب مفاتيح النص الشعري نظراً لاختلافها وخصوصيتها وهذا ما تَمَيَّز به نص توفيق أحمد.
7_ الشاعر توفيق أحمد كتب شعر التفعيلة، وكذلك كتب قصيدة العمود؛ في أيٍّ منهما تجد توفيق أحمد أكثر تألقاً؟
بداية ًأقول لك: الشعرُ شعر في ِأي شكل جاء، فالشاعرُ المبدعُ لا يختارُ شكلَ قصيدتهِ بَلِ القصيدةُ هي التي تختاُر شكلَها، ولذلك فإن ما كتبه توفيق أحمد فَيْضُ خاطِرٍ وسَرْحَةُ بالٍ وصوفيةُ وَجْدٍ جاءت على شكل قصيدة، وأرى أن نص الشاعر توفيق أحمد في الشكلين هو هو، له سماتُهُ وخاصيتهُ، مطبوعٌ به ومحسوبٌ عليه، فالإبداُع خاصية لا تقبلُ التقليد، والشعُر وحي يحتملُ التوليد، بِهِ يَتِمُ إثراءُ اللغةِ وإيضاحُ الصورةِ.
8_ دكتور لديَّ سؤال يقول: ما هو النقد ومن خلال تجربتك في كتاب الصورة الشعرية؟
النقد هو إبداعُ الإبداع، وبدون النقد لا تستوي الأمور، فالنص الشعري لا بد من قراءته وإظهار محاسنه وهناته، وفي كل الحالات فإن نقداً واعياً يُعطينا قيمةً إبداعيةً فاعلةً، وكتابُ الصورةِ الشعريةِ قراءةٌ نقديةٌ لتجربةٍ شعريةٍ امتدت على مدى أكثرَ من ثلاثينَ عاماً، فيها من الثراء والوفرة ما يكفي، وللعلم النقد مشروطٌ بالوَفرةِ، وتجربةُ الشاعر توفيق أحمد غزيرةٌ أتاحت لنا أن نُطبِّق عليها مقاييسَ النقد..
9_ عدا الصورة الشعرية؛ ماهي أبرزُ سماتِ قصيدةِ توفيق أحمد من خلالِ دراستِكَ لنتاجِهِ الشعري؟
توفيق أحمد شاعر مسكون بهواجس عوالمَ لا تنتهي، وهذا ما يجعل نَصَّه ُالشعريَّ مفاجئاً للمتلقي، لأن فيه من الإدهاش بقدر ما فيه من المغامرة، وفيه من الحب بقدر ما فيه من الخيال. لكِنْ أبرزُ سمات قصيدةِ توفيق أحمد هما سمتان أساسيتان عنده هما؛ الحُبُّ والوطن..
10_ في الختام أشكرك دكتور عبد الله الشاهر على ما أفدتنا به عن الشاعر توفيق أحمد في كتابك (الصورة الشعرية توفيق أحمد أنموذجاً).
د. عبد الله الشاهر: لكم شكري واحترامي وتقديري بأنكم أضأتم على أحد نتاجاتي النقدية، وعرَّفتم القارئَ بشكل كبير بالشاعر توفيق أحمد، دمتم ودام عطاؤكم.