وَعَرَفتُ اللهَ

د. عز الدّين  أبوميزر | القدس – فلسطين

هِيَ قَد بَدَأتْ شِبْهَ عِبَادَةْ

حَتَّى صَارَتْ عِنْدِيَ عَادَةْ

أَنْ أقرَأَ فِي المُصحَفِ شَيئًا

من قَبلِ الفَجرِ وَقَبلِ النّومْ

وَكَأنِّي أركَبُ ظَهرَ الغَيْمْ

لِأُسَابقُ مَا عِندِي مِن وَقتْ

فَاجتَاحَ العَالَمَ كُورُونَا

وَالكُلُّ بِفَزَعٍ لَزِمَ البَيتْ

فَأتَانِي الوَقتُ عَلَى طَبَقٍ

كَم كَانَ القَلبُ بِهِ يَحلَمْ

فَجَعَلتُ الآيَةَ أَقرَأُهَا

بِتَأَنٍ مرّاتٍ وَبِصَمتْ

وَأُقَارِنُ هَذِي مَعَ هَذِي

وَالأختَ أُقَابِلُهَا بِالأُختْ

وَالخَسَّةُ كَانَتْ مِن زَمَنٍ

قَد كَبرَت فِي رَأْسِي وَرَبَتْ

وَوَشَت لِي مِرآتِي أَنِّي

بِكِتابِ اللهِ أنَا أفَهَمْ

وَنَظَرتُ الخَسَّةَ إذ بِالخَسَّةِ،

جَوفَاء وَمَلآى بالوَهْمْ

وَهُرَاءٍ قَد أصبَحَ دينًا

لِقُرونٍ عَشرٍ لم يَهرَمْ

وَدَعَوْهُ خِطَابَ اللهِ لَنَا

وَسَيبقَى المُشتَرَكَ الأَعظَمْ

وَبِغَيرِ السَّلَفِ وما قَالُوا

لَا يُفهَمُ دِينٌ أو يُعلَمْ

مَعَ أنّ المَولَى أنزَلَهُ

لِلنّاسِ جَمِيعًا لَيْسَ لَهُمْ

فَنَظرتُ لِقلبِي فِي صَدرِي

كَالمِرجَلِ فِيهِ يَفورُ الدّمّْ

وَارتَعَبَتْ مِرآتِي مِنّي

فَانفَجَرَت فَزَعًا وَتَشَظّتْ

وَإذَا بِي أكْبَرُ بَبَغَاءٍ

عَن عَقلِي كَم كُنتُ مُغيَّبْ

مَا أصعَبَ أن يُختَزَلَ العُمرُ،

بِلَحظَةِ صَحوٍ…. مَا أصعَبْ

وَتَرَى المَخزُونَ بِعَقلِكَ طَارَ،

كَطَيرٍ أُفزِعَ وَتَكَهرَبْ

لَكنّي كَم كُنتُ سَعيدًا

بِجَديدٍ هُو أقرَبُ لِلرّبّْ

وَوَجَدتُ اللهَ قَريبًا مِنّي

بَل مِن حَبلِ وَرِيدِي أقرَبْ

فَلِمَاذَا مَن سُمُّوا عُلمَاءَ،

وَلَبِسوا العِمّةَ وَالجُبّةْ

مِن فَوقِ مَنَابِرِهِم يَدعُونَ،

جَمِيع النّاسِ لِكَي تَرهَبْ

مِن بَطشِ اللهِ وَلَا أحَدٌ

يُدنِينَا مِنهُ لِنُحِبّهْ

بَلْ أن نَخشَاهُ وَنَرهَبَهُ

وَعَلَينَا قَد كَتَبَ الّرّهْبَةْ

أهُمُ قَد عرفوا أهلَ النّارِ

وَمَن مِنّا اقتَحَمَ العَقَبَةْ

وَبِدُونِ دَلَالَتِهِمْ فِينَا

قَد لَا يَعرِفُ أحَدٌ رَبَّهْ

وَكَأنَّ اللهَ لَنَا قَد وَقَفَ،

وَبِالمِرصَادِ عَلَى أُهْبَةْ

يَنتَظِرُ أَمَامَ جَحِيمِ النّارِ،

وَبَينَ يَدَيْهِ المرزَبَّةْ

كَيْ يُمسِكَ بِالعَاصِي مِنّا

يُلقِيهِ بِنَارٍ مُلتَهِبَةْ

حَتّى أصبَحنَا مِن فَزَعٍ

مِن دُونِ عَذابٍ نَتَعَذّبْ

هَل نَهرُبُ مِنهُ وَليسَ لَنَا

مِن دُون اللهِ وَلَا مَهرَبْ

وَلَأَصغَرُ جُزءٍ مِن رَحمَتِهِ،

يَسَعُ الكَونَ وَلَا يَأْبَهْ

وَالدُّنيَا أهوَنُ عِندَ اللهِ

الأكرَمِ مِن جُنحِ ذُبَيْبَةْ

مَن نَحنُ لِنُعجِزَ قُدرَتَهُ

وَعَلَينَا هُو يُعلِنُ حَربَهْ

أَنُحِبُّ سِوَاهُ؟ وَكَيفَ لَنَا

نَنْسَى مَن لَا يَنسَى حِبَّهْ

وَيَقولُ بِأنّي وَبِعبدِي

لَأَحَنُّ وَأرحَمُ مِن أُمٍّ

وَلَها وَلَدٌ قَد فَقَدَتهُ

حَتّى مِن عَودَتِهِ يَئِسَتْ

وَإذَا بِالوَلَدِ يَعُودُ لَهَا

هَل فَرَحٌ يَعدِلُ فَرحَتَهَا

فَأنَا مِنهَا أكثَرُ فَرَحًا

بِالعَاصِي مِنكُمْ يَأتِينِي

مِن أيِّ الأبوَابِ أَتَى

فَسَيَجِدُ عَلَيهَا مَكتُوبًا

أنْ هَذَا هُو بَابُ الرّحمَةْ

وَانَا الفَردُ الصَّمَدُ الأَعلَى

لَا يُغلَقُ لِي بَابُ التَّوبَةْ

فَعَرَفتُ اللهَ كَمَا هُوَ أَمَرَ

الْعَبدَ بِأنْ يَعرِفَ رَبَّهْ

لَا نَقْلًا مِنْ غَيرِ دَلِيلٍ

رَبِّي فِي المُصحَفِ ما كَتَبَهْ

وَالعَادَةُ قَد أضحَت عِندِي

بِيَقِينٍ تَاللهِ عِبَادَةْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى