الديمقراطية بين الديمقراطية التوافقية والديمقراطية التمثيلية
بقلم: عماد خالد رحمة | برلين
تندرج قضية إدارة التنوع والفروق بين الأشخاص والجماعات والعروق بتأثير العديد من العوامل المختلفة. في المجتمعات التعدّدية ضمن سياسات الدول،وذلك بهدف محاولة تحقيق الاندماج الاجتماعي بدلاً من النزاع والصراع. هذه التعددية تتخذ أشكالاً متعددةً في المجتمع مثل التعددية الثقافية أو الدينية أو الاثنية أو العرقية أو السياسية. وبذلك إنّ آلية وطريقة تعاطي الدولة بمختلف أجهزتها ومؤسساتها وهيئاتها وإداراتها مع التعدديات من خلال سياساتها واستراتيجياتها وحتى قوانينها هي التي تحدّد مدى تحوّل هذه التعدّدية إلى نعمةٍ أو إلى نقمةٍ. فاعتبرت العديد من الدول أنَّ الديمقراطية الأكثرية قد تعيق وصول معظم أو كافة الأقليات إلى التمثيل في الحكم ومشاركتها في إدارة السلطة مما يهدِّد المحافظة على الانسجام والتوافق بين مختلف أطياف المجتمع. لذا تم الاعتبار أنّ (الديمقراطية التوافقيةConsensus democracy) قد تكون بديلاً لإدارة التنوع والفوارق في المجتمعات التعدّدية.
و(الديموقراطية التوافقية (Consensus democracyهي نوع من الديمقراطية التمثيلية، إلّا أّنّها تتميز عنها بتراجع أسلوب وآلية الصراع السياسي بين الأغلبية والأقلية وتعويضه بالتوافق والحكم الجماعي والمشاركة في السلطة والأخذ بأكبر عدد ممكن من الآراء والأفكار وإشراك الأقلية المنتخبة في السياسات الكبرى أو في الحكم. كون الديمقراطية التوافقية تسمح للمواطنين بالمشاركة أكثر في تحديد جدول عملية صنع القرار والأعمال السياسي. ففكرة الديمقراطية تقوم في سياق تحققها التاريخي والخلاصات الفكرية والثقافية والمعرفية لها على المبادئ التي حدَّدها كل من الفيلسوف التجريبي والمفكر السياسي الإنكليزي (جون لوك (John Locke1632- 1704) م، والقاضي والفيلسوف السياسي الفرنسي شارل لوي دي سيكوندا(Charles Louis de Secondat) المعروف باسم مونتيسكيو(Montesquieu) (18 كانون الثاني 1689 – 10 شباط 1755) م، صاحب نظرية فصل السلطات وتعني اختصارا: (الحكم بالرضا عبر الانتخابات، وحكم الأكثرية الحائز على أكبر عدد من الأصوات، والفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية).
ديمقراطية الأغلبية ولدت وترسّخت من خلال تجارب الديمقراطيات المبكرة في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية خلال القرنين الثامن والتاسع عشر، وهذه الدول الثلاث تعتبر دولاً متوافقة ومتجانسة قومياً الى حدٍ كبير، وهو تجانس وتوافق لا يقسمها إلى أكثريات او أقليات دينية أو ثقافية أو إثنية. لكن التجانس والتوافق القومي لم يكن في يومٍ ما القاعدة العامة في كل دول العالم، بل العكس هو الصحيح حيث إنَّ أغلبية دول العالم تتكوَّن من (شعوب) متعدِّدة الأعراق ومن العديد من المجتمعات والعديد من اللغات والثقافات والأديان.
في حقيقة الأمر ونتيجة التبدلات والتطورات في المجتمعات تبلور مفهوم الديمقراطية التوافقية (Consensus democracy) منذ بضعة عقود كنموذج بديل لــ(الديمقراطية التمثيليةRepräsentative Demokratie) التي لم تحقق أهدافها ومراميها في معالجة بعض الأزمات والمشكلات التي تعاني منها المجتمعات التي تتسم بقدر كبير من التعدّد والتنوع، اللاتجانس والانقسام المجتمعي، وميّزة الديمقراطية التوافقية هو عدم الاكتفاء بالأغلبية كمعيار وحيد للسلطة وإدارة الحكم، بل بإضافة معيار آخر، هذا المعيار هو التوافق الذي يتضمن إشراك جميع مكونات المجتمع المتعددة في إدارة البلاد والحكم، بما يضمن لكل طرف من الأطراف حقوقه وخصوصياته، وبذلك فالديمقراطية التوافقية تمثل رؤية جديدة مستحدثة نابعة من جوهر (الديمقراطية التمثيليةRepräsentative Demokratie)، وليس نقيض لها كما يروِّج البعض. لكن ذلك لن يكون إلا بتحقيق شرط وهو أن تتوفّر الشروط الكافية لتحقيقها ونجاحها والتي من أهمها وجود القدر الكافي من التعاون والتنسيق بين النخب الممثلة لقطاعات المجتمع المتنوّع والمتعدِّد، وإمكانياتهم وقدرتهم على حشد وتهدئة أفراد الجماعات وقت الضرورة أو وقت الحاجة. فالديمقراطية التوافقية هي نظام سياسي له أسسه وقوانينه الناظمة تكون السلطة فيه للشعب، بمن يمثّله من نواب ونحوهم، كما تعني النظام الذي تتعدد فيه مصادر السلطة وإدارة الحكم، ويكون قادراً على تقليص حالات العنف المدني وترشيد إمكانية اللجوء أليه. وعلى الرغم من الانتقادات واسعة الطيف الموجهة للديمقراطية التوافقية (Consensus democracy) واليات عمل مؤسساتها وهيئاتها وإداراتها التي اجتهد المفكر الهولندي (آرند ليبهارت (Arend Lijphart في رسم معالم بعضها، من خلال كتابه الهام: (الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدّد) إلا أنها تفرض نفسها في الوقت الراهن كبديل حقيقي لــ (الديمقراطية التمثيليةRepräsentative Demokratie) القائمة على مبدأ الأكثرية، خاصة مع تنامي النزاعات والصراعات الطائفية والمذهبية في في عدد كبير من دول العالم التي باتت مهدّدة بالانقسام والتفكك، ومنها دول من منطقتنا العربية.
والمجتمعات التعددية كما يعرفها المفكر الهولندي (آرنت ليبهارت) هو: (المجتمع المجزأ والمفتَّت بفعل الانقسامات الدينية والطائفية والمذهبية، أو الأيديولوجية أو الثقافية أو اللغوية أو العرقية، كما إنه المجتمع الذي تنتظم بداخله الأحزاب والقوى السياسية، ومجموع المصالح العامة، ووسائل الإعلام بكل تشكيلاتها، والمجتمعات التطوعية على أساس الانقسامات المميزة له). يقول المنظرون السياسيون والمحللون الاستراتيجيون إنَّ مبدأ الأغلبية والأقلية السياسي قد يتحوَّل الى أغلبية وأقلية قومية، وبالتالي ينشأ عن ذلك استبداد وطغيان الأكثرية ضد الأقلية. لهذا حاول المنظرون السياسيون والمحللون الاستراتيجيون إيجاد حل لهذه القضة من خلال نظريتين. الأولى: تطبيق مناطق الحكم الذاتي أو الفيدرالية لضمان الحقوق القومية للأقليات، وهو استلهام للتجربة الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا الاتحادية، وذلك بدافع الحد من تغوَّل سلطة وقوة الحكم المركَّز بتقسيم السلطات على أساس جغرافي بين الحكومة المركزية وسلطات مناطق الحكم الذاتي أو الحكم الفيدرالي، إضافةً الى التقسيم الوظيفي الى سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية.
الديمقراطية التوافقية التي نشأت في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر وتبلورت بشكلٍ عملي بعد الحرب العالمية الثانية 1945م، وقد ولدت النظرية التوافقية من الحاجة الماسة الى ترشيد(ديمقراطية الأغلبية Mehrheitsdemokratie) المألوفة، أي منع الأغلبية من التسلط على الأقلية وومارسة الاستبداد عليها، ومنع الأقلية أيضا من المس بجوهر الديمقراطية ذاتها بحجة وجود أغلبية تستبد برأيها وتوجهها. وعليه، فإنَّ الديمقراطية التوافقية انطلقت من قاعدة ديمقراطية ثابتة وراسخة وليس من ديمقراطية ناشئة.وقد اخذت بعض دول أوروبا الغربية (سويسرا وبلجيكا والنمسا وهولندا إضافةً إلى كندا) ذات المجتمعات غير المتوافقة وغير المتجانسة من الناحية القومية بنظرية الديمقراطية التوافقية كنظام حكم وسلطة قائمة للتوفيق بين مكونات مجتعاتها وشعوبها. وهناك أربعة عناصر رئيسية بحسب تقسيم المفكر الهولندي آرنت ليبهارت تميز الديمقراطية التوافقية، وهي:
العنصر الأوّل: تشكيل حكومة ائتلاف أو حكومة تحالف واسعة تشمل حزب الأغلبية وسواه وهذا يعني أنّ عملية صنع القرار لن تكون سريعة .
العنصر الثاني: مبدأ التمثيل النسبي في الوزارات والإدارات والمؤسسات والهيئات والانتخابات لأنّ النسبة كمعيار لتوظيف العاملين في الإدارات الحكومية سيكون على حساب القدرات والفعالية والكفاءة الإدارية.
العنصر الثالث: الإدارة الذاتية للشؤون الخاصة لكل جماعة. كون الاستقلال القطاعي يتطلب تعدّد الوحدات الإدارية والحكومية .
العنصر الرابع: حق الفيتو المتبادل للأكثريات والأقليات لمنع احتكار القرار السياسي والاقتصادي وهذا ينطوي على خطر إضافي يتمثل في تأخير أو تجميد صنع القرارات كلياً .
ومن أجل نجاح الديمقراطية التوافقية يتطلب تعاوناً كبيراً وحقيقياً بين زعماء القطاعات في المجتمع التعدّدي على الرغم من الانقسامات العميقة والهزات التي تفصل بين هذه القطاعات، وهذا يستلزم بالضرورة أن يشعر القادة والمسؤولين بشيءٍ من الالتزام يهدف إلى صون وحدة البلد، وبالممارسات الديمقراطية بشكلٍ عملي . وعلَّهم أن يتحلوا أيضاً بالاستعداد الرئيسي للانخراط في الجهود التعاونية مع زعماء وقادة القطاعات الأخرى بروحية الحلول الوسط والاعتدال، وفي الوقت نفسه لا بدَّ لهم من الاحتفاظ بولاء ودعم مريديهم واتباعهم. ولذلك يتوجب على النخب السياسية والفكرية والثقافية أن تقوم باستمرار بعملية توازن صعبة ومعقّدة، فثمة أمرانِ حيويان هامّان ، الأمر الأوّل : اتصاف قادة وزعماء الأحزاب بقدرٍ من التعقّل والتسامح يفوق مريديهم واتباعهم. وثانيهما: مدى قدرتهم وإمكانياتهم على حمل اتباعهم ومريديهم على مجاراتهم.
يقول المفكر الهولندي (آرند ليبهارت) Arend Lijphart في كتابه الهام: (أﻧﻤﺎط اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ) Patterns of Democracy ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺜﻤﺎن ﺧﻠﻴﻔﺔ .حول مفهوم الديمقراطية التوافقية على أنه: (يُعرف من حيث علاقته بالانقسامات والتفتيت القطاعية المميّزة للمجتمعات التعددية والمتنوعة والتعاون السياسي القائم بين النخب القطاعية بكافة مستوياتها). أي أنَّ (آرند ليبهارت (Arend Lijphart يعتبر أنَّ الديمقراطية التوافقية هي القدرة على تخطي الانقسامات العمودية والأفقية القطاعية في المجتمعات التي يوجد فيها تنوع وتعدّد في الانتماءات، وذلك بهدف تحقيق التعاون بين الأطراف. وهذا ما أوضحه جيرارد لامبروخ Gerhard Lembruch حيث يُعرف الديمقراطية على أنها (استراتيجية في إدارة النزاعات والصراعات من خلال الوفاق والتعاون بين مختلف النخب بدلاً من التنافس الحاد واتخاذ القرارات بالأكثرية.) فقد اﺳـﺘﺨﺪم ﺟـﲑارد ﻻﻣـﱪوخ Gerhard. Lehmbruch. ﰲ البداية ﻋﺒـﺎرة اﻟﺪﳝﻘﺮاﻃﻴــﺔ اﻟﻨﺴـﺒﻴﺔ. (proporz demokratie) ﰒ ﻋﺒﺎرة استخدم عبارة الديمقراطية اﻟﺘﻮاﻓﻘﻴـﺔ (Consensus democracy) وهنا يقصد جيرارد لامبروخ Gerhard Lembruch أن التوافقية تساعد على تقليص النزاعات والصراعات في المجتمع حيث يكون هناك تعاون على اتخاذ القرارات وإصدار القوانين والتشريعات بدلاً من أن تفرض الأكثرية قراراتها ويُغيّب دور الأقليات في اتخاذ القرارات.
الجدير بالذكر أنّ الديمقراطية التوافقية كانت قد تعرّضت إلى حزمة من الانتقادات الجدية التي لا تتعلّق الديمقراطية التوافقية بسمة غير الديمقراطية العامة، بل بعجزها المحتمل عن إحلال الاستقرار السياسي في البلد والحفاظ عليه. فمن الممكن للعديد من صفاتها وسماتها أن تقود الى التردّد وعدم الفاعلية واليقين. ومن مخاطر الديمقراطية التوافقية حسب (أريك نوردلينغر Eric Nordlinger) إنها ربما تشجع على تفكيك الدولة وتفتيتها، حيث يقول: (إنً قيام قطاعات مختلفة ومتمايزة إقليمياً إذا اقترن بما تمنحه النظم الفيدرالية من استقلال ذاتي جزئي وليس كلّي، ربما أتاح اندفاعاً إضافياً متساوقاً للمطالبات بمزيدٍ من الاستقلال الذاتي، وعندما يتم ُرفض تلك المطالبات فقد يعقب ذلك المطالبة بالانفصال الكامل ثم تبدأ الحرب الاهلية). حتى هذا اليوم، يبدو أنَّ الديمقراطية التوافقية قد نجحت الى حدٍ كبير في الدول الأوروبية الأربع (سويسرا وبلجيكا والنمسا وهولندا إضافةً إلى كندا)، ولكنها تعثرت أو بالأحرى فشلت في دول العالم الثالث التي حاولت تطبيقها كقبرص ولبنان ونيجيريا وبعض الدول الافريقية، وذلك بسبب التدخلات الأجنبية بشكلٍ مباشر، وغياب روح الوسطية والاعتدال والقبول بالحلول الوسط لدى قادة وزعماء القطاعات المتباينة والمتفارقة في هذه الدول. الحقيقة ان الديمقراطية التوافقية (Consensus democracy) لا يمكن ان تكون بديلاً عن الديمقراطية الحقيقية القائمة أساساً على مبدأ المواطنة واحترام الخصوصيات والحقوق ، بل هي وسيلة وآلية مؤقتة لبناء جسور الثقة المتبادلة بين الأكثرية والأقليات في المجتمعات المتعددة والمختلفة.
اذ اكّدت المدرسة الانثروبولوجية Schulanthropologie التي منها العالم البولندي برونيسلاف كاسبر مالينوفسكي (Bronisław Malinowski) (7 نيسان 1884- 16 أيار 1942), ويعدُّ من أهم علماء الإنسان ( الأنثروبولوجيا) في القرن العشرين، وهو من أهم الرواد في علم الإنسان التطبيقي (Applied anthropology). والباحثة وعالمة الأنثروبولوجيا والفولوكلور الأمريكية روث فلتون بندكت (Ruth Benedict (1887 ـ 1948)م. وعالمة الأنثروبولوجيا اللغوية اللسانيات الوصفية فرانسيس جين هاسلر هيل Frances Jane Hassler Hill، (27 أكتوبر 1939- 2 نوفمبر 2018)، كليفورد جيمس غيرتز Clifford James Geertz(1936 ـ 2006) م هو واحد من أبرز علماء الأنثروبولوجيا الأميركيين على أولوية الروابط الدينية والقرابية والإثنية التي تتميّز بحال من التضامن المتكامل والمكثف والتأثير القوي الفاعل في سلوك الناس وذلك عبر المحرّمات ،والقوة الإكراهية، وايضا” للتجذّر في التاريخ والتوارث عبر التربية العائلية والتثبيت ضمن المفاهيم العقدية والدينية. وبهذا المعنى فان تلك الروابط تصير ثوابت واقعية قائمة بحد ذاتها في التاريخ أو متكوّنة على مدار التاريخ، أي انها تصير جواهر ثابتة. وهذا ما حدا بكليفورد جيمس غيرتزClifford James Giirtz للحديث عن “الهوية الاساسية Grundlegende Identität” للمجموعة. وبحسب تعريف (آرند ليبهار (Arend Lijphart للمجتمع التعدّدي (هو المجتمع المجزأ بفعل الانقسامات الدينية أو الجهوية أو الايديولوجية أو العرقية أو الثقافية أو اللغوية ، كما أنَّ المجتمع الذي تنتظم بداخله الأحزاب والقوى السياسية، ومجموعات المصالح العامة، والمدارس ووسائل الإعلام، والجمعيات التطوعية، على أساس الانقسامات المميزة له). ويرى بعض الباحثين السياسيين الاستراتيجيين، إنَّ في دول من هذا النموذج ليس هناك من مناص من الديمقراطية التوافقية، وهي الدول التي تتميز بالتنوع والتعدد والتعدد الديني والعرقي والطائفي. يرى ليبهارت Lijphart (ومن البديهيات المعروفة في عالم السياسة إنَّ الاندماج والتجانس الاجتماعي والاجتماع السياسي يعتبران شرطين أساسيين مسبقين للديمقراطية المستقرة، وصعوبة تحقيق الحكم الديمقراطي المستقر والراسخ وصونه في المجتمع التعدّدي، من هنا نرى أنَّ وحدة الدول في المجتمعات التعدَّدية تصان بوسائل وآليات غير ديمقراطية، حيث أنَّ المجتمع التعدّدي هو مجتمع تعيش ضمنه مختلف قطاعات المجتمع جنبا الى جنب ولكن بانفصال، داخل الوحدة السياسية الواحدة).