فارس من السكر الأحمر.. في ذكرى المولد النبويّ

شعر: محمد القاضي | مصر


في زمن
ليس ببعيد في قاموس الزمن
غااااائر جدا
في قاموس الإحساس
وقف هذا الطفل مشدوها
أمام حوانيت البائعين
يداعب أحلامه الصغيرة
ذلك الفارس المختال
في ثيابه المغزولة
من السكر الأحمر

مر عام كامل
وكان ذلك فيما مضى
وقتا طويلا جدا
مر عام كامل
منذ أن زاره
آخر فارس أحمر
قادم إليه من عالم الأحلام

طاف خلف فارسه
على جواده الأحمر
عابرا بلاد العجائب
ومساكن الأقزام السبعة
تسابق مع موكلي
في غابة الذئاب
وحلق بعيدا في السماء
حتى طالع مدينة العمالقة

وما أن هبط جواده على الأرض
حتى أدرك الصغير
أن بينه وبين جواده الأحمر
إعارة أبيه إلى جازان
لن يجد اليوم من يشتريه لأجله

عاد منطفئا إلى منزله
وهو كعادته
يطوي على أحزانه ثناياه
قانعا بوحدته في عالمه الخاص
ذلك الذي طالما صور الأشياء
على غير ما هي الأشياء عليه

نام ليلته حزينا
ينظر إلى جواده
من مكان بعيد
صامتا
وفي عينيه كثير من الكلام
يعتذر فيه إلى جواده الصغير
ويرتق ما أمكنه من تشققات الروح

وفي صباح اليوم التالي
ذهب إلى المدرسة
بطيئ الخطى
شارد الخيال
لا يشغل باله
سوى هذه الخيول الحمراء
التي امتلأت بها
الشوارع والميادين

وفي نهاية اليوم
ولدى عودته إلى البيت
سمع ضحكات خاله
تتخلل حديثه الدافئ
مع أمه وإخوته
نسي … وما كان له أن ينسى
أن هناك دوما
من لا يخلف موعده
في مثل هذه المناسبات

وجد أخيرا جواده الأحمر
وقد عاد إليه
محملا من بلاد العجائب
بأشكال شتى
من حلوى الملبن
والسمسم
والحمص
والبندقية

قضى بقية يومه
يجوب العالم مختالا
على ظهر جواده الأحمر
ماسحا عن عالمه الخاص
تلك الدمعات الحزينات
التي كدرت وجهه البريء
ليلة أمس

وبعدما أنهكه التعب
ترجل من على جواده
واضعا كفه الصغير
تحت خده الأيمن
وقد ارتسمت على وجهه
أمارات الرضا
واعدا جواده بمتابعة المسير
في يومه التالي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى