المموه
د. منى قابل | مصر
يمتلك أعدادا لا حصر لها من كل شيء كعدد أصفار حسابه النقدي في البنك.. لا أحد يدركه، كرقم هاتفه الذي لا يعرفه العامة.
يملك الكثير من كل الأشياء، رابطات العنق.. البزات.. الضحكات الملونة.. خاصة الرمادية.
يمتلك بعض الدمعات.. و عددا لا بأس به من السيارات. والطائرات،
هذا بالإضافة لأرقام نساء وفتيات كثيرات .
جلست أمام البحر في فندق شهير، حينها كنت في زيارة لصديقتي المقربة، حاولت أن أكتب بعض الكلمات التي تخص روايتي وكانت قد راودتني لوقت طويل.
فشلت في تنسيقها كما أردت، فتركتها.
فتحت كتاب مجدولين ل المنفلوطي، لعله يرحمني.
كنت أحصد درجات نهائية في اللغة العربية.
لا ينقصني سوى درجة في الإنشاء وأخرى في قواعد سيبويه الصعبة جدا على مثلي فألوذ بمطر عيني .
كبرت بما يكفي، لا يجوز أن أشكو.
ولكنك تترجم لي الكلمات لتزيدها سهولة لا مشقة، ورغم ذلك أنا أهوى صعود الجبال وأنت قمة تستحق السعي
فتحت على هاتفي النسخة الأجنبية وأخذت أقرأ، الأمر سهل ويسير لكني أفتقد شيئا ما، إنها متعة الضاد حبيبتي.
لمحت طيفه من بعيد.. عجرفة تمشي على قدمين، رجل مموه يشبه الأشياء الكثيرة التي تحيط به، كنعاماته والزجاج الأسود الذي يحتمي به، لا تملك استخلاص ملامحه تحديدا، حتى وهو بين نساء كثيرات يشبههن كثيرا مموه لحد لم أعرفه في شخص سابق.
لم يلفت نظري صدفة ولكن لأني حلمت به. كانت أمه تمسك بمقوار مما صنعه المصريون من أجل وجبتهم المفضلة. المحشي.. وجبة تعتمد على الخواء أولا. كانت تفرغ جمجمته من كل ما تحويه، حتى صارت مستعدة لأي خلطة وأنا في الحلم أرمقها وأضحك ضحكات مدوية .
عدت لألتفت إلى بحري، اقترب مني، داهمني بسؤال:
– ألن تقولي لي ما سرك أيتها المرأة؟
أجبت:
– معذرة
لأني حقا لم أفهم، رأيته كثيرًا، لكنها المرة الأولى التي يجرؤ فيها على الحديث معي، لم أعره اهتماما، وعدت لكتابي، مد يده بوردة.. مصرية اللون والرائحة نسميها بلدي.
ما قبلت وردة من قبل.لكن الغريب أن هذه الوردة كانت تئن في يده، قبلتها رفقا بها. قمت وهممت بالمغادرة حتى لا يظن أن قبولها فتح باب للحوار، اعترض طريقي وسألني لماذا أرفضه رغم أنه يملك من كل الأشياء الكثير والكثير. .
سألته أتعرف المنفلوطي؟ حملق في وجهي وأجاب اسم مدرسة كنت أمر عليها بسيارتي،ضحكت بتهكم.. غازلني.. تحركت.. سألني بصوت عال ما اسمك؟ .
أجبته: سيدة الكلمات.
ورحلت، بعد مرور أسبوع وجدت منشورًا على موقع التواصل الاجتماعي تويتر
“إلى سيدة الكلمات..
لقد عرفت المنفلوطي، وأمي تبحث عن المقوار بلا جدوى. ألقيت بكل مخزون مصر منه في البحر..
أتقبلين أن تكوني سيدتي الوحيدة؟”
كل يوم ينتظر ردًا على رسالته من السيدة الوحيدة.
وأنا أنظر إلى صورة المنفلوطي وأبتسم .