تجاعيد الماء (10)

سوسن صالحة أحمد | شاعرة سورية تقيم في كندا

(عراك)

تراقبها من بعيد، وأنت مستلق على أريكتك التي اعتادتك، وأضحت ربما تحتج على رائحة لاتشبه رائحتك فيما لو اقتَرَبَت منها.
تراقبها بنفس الوقت الذي تمسكُ بالريموت كونترول، تقلب من محطة إلى أخرى في التلفاز، على تساوي تلك المحطات غالبًا في البؤس، تتابع مباراة كرة قدم أو الكثير من الأخبار التي لا تحمل إلا رائحة الخراب في هذا الكون.
تعودا من عملكما، تستلق أنتَ بعد وجبة الغداء التي كانت قد أعدّتها بالأمس قبل أن تنام، وتلتفت هي إلى ما فُرِضَ عليها كواجب لا يستغني عنها مهما تكاثرت عليها الواجبات، ولربما كانت تُدندن بأغنية تُخفف من وحشة عملٍ مُتكرر بصورة واحدة لا تتغير، ولا تنتهي، ولا ينتهي، ولا ينقضي من مرّة واحدة.
تكلمها في سرك: “لا حُرمتُ منكِ”، تتمنى لو تقف بجانبها، تغسل الصحون، أو تقطّع الخُضار، لكن شيئًا ما بداخلك يمنعك، تشعر للحظة أنك تريد طبع قبلة في باطن يدها، تلك التي حملت لك كوب الشاي أو فنجان قهوة، لتكون بجانبك دقائق، تترك فيها عملها، تشاركك حديثًا سريعًا، تعتقدُ هي أنه سيجدد نشاطها ويكسر شوكة مللها، ويدخل البهجة إلى قلبها وحياتكما.
أعلمُ أن شيئًا ما يغلبك، يغلب حبك، واعترافك، وأعلم أنك لو أردتَ، ستكون الأقدر على الغَلبة للتعبير العملي العلي بما تشعر.
وأعلمُ أنك تتمنى لو أنكَ صديقها لا زوجها لتفعل ذلك وتشاركها جميع أحوالها، دون حسابٍ أو اعتبار لهذا الذي يمنعك.
أنتَ تعرف جيدًا أنه يمنع عنكَ الإحساس الحُر المترف للسعادة، في بيتك، ومع زوجتك، وإن لم تشعر أنه يمنع عنكَ ذلك، أستطيع أن أقول لك حين ترد لتقول: ” لا أنا أشعر بالسعادة”، أن كل ما تشعر به، إنما هو في مضمونه الحسي فقط، ما تعداه ليعيش المعنى لحظة من أنفاسك.
اغلب ما غلبك، كن على أي حال صديقها، وتلذذ بالمعنى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى