يوقظ الرمل

نداء يونس | فلسطين

لم أستطع أن أنزعه؛

هو ليس كالبشرة تماما،

ولا كالأجنحة،

ليس كالوحمة،

ولا كالزوائد اللحمية،

إنه يرفع شعلة جسده،

ويشرح

درسا في ذوبان العناصر.

 

بجلده المسلوخ من تسلق النخلات،

وسحب المراسي،

والتجديف بقوة في اللامكان،

وبتلك العلامات على جسده،

والنسر على ظهره،

وبكيس خلطات الأعشاب من مدينة الغيب

وأوراق التنبول

التي يعرف يقينا أنها تسبب السرطان،

وأنابيب الزئبق الأحمر،

و أوراق البردي وزهور اللوتس المجففة

التي لا تصلح إلا للأساطير

ودرء عين الشر،

وبعض النباتات من قلعة ميم،

وقناعا لأرواح قبيلة “تسو”،

يشرح درسا

في ضيق الجغرافية

لحبيبته التي لم تعد

من صوته.

 

سيأخذها إلى قصر الخليفة العباسي

ويبدأ ترجمة الوشوم

عن هذه الصحراء:

في البدء كان الماء؛

لكنه غرق.

 

يستطيع الآن أن يحمل البرينيه إليها،

وأن يحوطها بأسود قصر الحمراء،

لكنها لا تستطيع أن تقول الوقت،

لأنها سمكة في يده،

وهو طائر؛

ينقر صفحة الزمن.

 

يكتفي بإدخال الغابات إلى غرفته، واستجواب أشجارها:

أيها سيصبح سريرا للوحدة

وأيها سيصبح نافذة

تطل على اللاشيء.؟

 

في جناحه،

أجلس التماثيل،

وسكب لها بعض النبيذ،

وأشعل لها بعض الأشجار في الكلام

ووقف يتفرج على تورد وجنتيها،

حين حدثها عن الحب،

 

يمكنه أن يقرأ المستقبل

تماما،

لأنه يعرف الماضي.

 

كان يحاول أن يتهجى كتاب الصمت،

وأن يفكك لغز الضباب

الذي اعتاد أن يحيطه

كلما صعد فيها.

 

يتنقل على ناقة ألفية،

يوقظ الرمل،

ويتبع خط النجوم

الذي لم يكن سوى قلادة

سقطت منها.

 

المغارات التي أوقد في مداخلها النار

ما زالت تمسح أثر ليلته القصيرة،

حتى الهياكل العظمية في أعماقها

ما زالت تحس بالدفء.

 

ما زال يتنقل على بغلته،

يحكي للفقراء والمجانين

والمشردين

والمغنين،

للقتلة في السجون

وللذين يعرفون الله،

وللماء العكر في المستنقعات،

عن حريرها،

وحرِّها،

وحريقها،

وحرف سُرتها،

وخوابيها،

وخفة نجمها،

وخوفها مما تعرف،

ورجفتها،

وحدهن عذراوات باخوس،

من يمنحنه الخبز والخمر،

ثم يقفلن عائدات

إلى ما خلف المشربيات.

 

يحمل سهامه ويعود في قفص،

لا يذكر سوى الطريق،

الذي قاده إليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى