الانسداد الفكري والحيلولة دون التنوير
سمير حماد
منذ قرون تعيش المنطقة, حالة من الانسداد الثقافي, نتجرع بسببه الكثير من الويلات..هذا الانسداد تركنا متأخرين عن ركب الحضارة مسافات بعيدة جدا.
السبب الحقيقي لهذا الانسداد هو الانغلاق الفكري والاسوار التي صنعها التعصب الديني, حول العقول وحرمها من عملها في التفكير والبناء والابداع ….منذ القرن العاشر الميلادي، حيث بدأت محاربة رجال الدين والسلطة , للمفكرين العرب من طراز ابن رشد وابن حزم وابن خلدون وغيرهم كثيرين من الحكماء والفلاسفة العرب المتنورين..وهذا ما خلق الانسداد الفكري والتقوقع وتكرار المقولات وعجز الفكر عن التنوير, والتوقف عن الابداع في كل العلوم.
لقد عاشت اوروبا المحنة ذاتها في القرون الوسطى, لكنها استطاعت ان تخرج منها بعد حروب طاحنة رافقها نهوض فكري تنويري قلب المنطقة راسا على عقب بعد أن كان رجال الدين والكنيسة لهم بالمرصاد.
لقد سقط المشروع التنويري العربي سقوطا مريرا وفشل فشلا ذريعا، نحن مازلنا نراوح في المكان ذاته منذ قرون كثيرة ط، فلا يستطيع مفكر أو كاتب أن يكتب اي شيء عن الدين، أو يحاول نقده، او نقد بعض مسلماته, او البديهيات التي تربينا عليها, وان كانت خاطئة, حتى تقوم الدنيا ولا تقعد، لقد تعاون رجال السياسة والدين على اسقاط المشروع التنويري , مما جعلنا متخلفين عن الغرب ثلاثة قرون على الاقل.
إننا لن نستطيع أن نلحق بركب الحضارة، الا بانفراج هذا الانسداد الذي سببه التعصب الديني, والفهم الخاطئ للدين وذلك بتفكيك المشكلة وتشريحها, من ثَم تنقيتها من الشوائب والمعيقات.. بهذا يتمّ البناء على أنقاض القديم, مانستطيع ان نسميه نهضة حقيقية عميقة نقدر من خلالها الانفتاح على العالم بثقة وأمان.