د. روز اليوسف شعبان تقبّل الآخر في قصّة ميمي والصبي الأحدب للكاتبة فاطمة كيوان.
ميمي والصبي الأحدب قصّة للأطفال، تأليف الكاتبة فاطمة كيوان، إصدار دار الهدى للطباعة والنشر كريم، 2001، رسومات حسام الدندشي
تعالج الكاتبة في قصتها ميمي والصبي الأحدب، نظرة الآخرين إلى الإنسان المعاق أو الذي لديه عاهة ، وفي قصّتها هذه تعمل على ترسيخ قيمة تقبّل الآخر لدى الأطفال، واحترام شخصياتهم ونفسياتهم وعاهاتهم، فكلّ إنسان اختار له الله الأفضل له، وقد خصّه وميّزه عن الآخرين بقدرات خاصّة.
الشخصيات في القصة: تبرز في القصة عدّة شخصيات لكن أهمها شخصيّة الطفل أحمد والطفلة ميمي.
الطفل أحمد: يعاني أحمد من حُدبة على ظهره، جعلته حاني الظهر، ضامر البطن، فاختلّ توازن مشيته، وكان يحتاج أحيانًا كثيرة إلى مساعدة زملائه في حمل حقيبته. لكن الله عوّضه بأن منحه ذاكرة حديديّة و ذكاءً حادًّا وخاصّة في مجال الحاسوب والتكنولوجيا، فكان مرجعا لزملائه وحتى لأساتذته فلقبوه “المخ”.
ميمي: هي فتاة جميلة شقراء ، لها عينان زرقاوان، وشعر أشقر طويل، وهي فطنة ذكيّة تحبّ المرح، موهوبة ترقص الباليه وتغنّي، إلى ذلك فهي مغرورة ومتعالية تستهزئ أحيانا بالآخرين. شعرت ميمي بالغيرة من أحمد الذي حصل على إعجاب ومحبة جميع الطلاب والمعلّمين، فهزئت منه وقالت له:” هديتك محدودبة مثلك فأنت لا تتقن تغليفها، إنها مضحكة وغير متناسقة أيها المخ”. ص 12.
سنبل: هو زميل أحمد في الصف، تعاطف مع زميله حين هزئت منه ميمي وسخرت من هديته التي نعتتها بأنها تشبه حدبته. سنبل لحق بأحمد حين ترك زملاءه ودخل غرفة الصف باكيًا. عندها واساه سنبل وقال له:” إن الله يختار لنا دائما ما هو أفضل لنا”. ص 17. أمسك سنبل بيد أحمد ورافقه إلى البيت وتناولا معا وجبة الغداء.
الأم: لعبت الأم دورًا مركزيًّا إيجابيًّا في القصة، فبعد أن حلمت ميمي أن أحمد رش شعرها الأشقر بعدّة ألوان فتجعّد وأصبح منظره بشعا، استيقظت مذعورة تبكي وتتفحص شعرها، واعترفت لوالدتها عما فعلته مع أحمد. لامت الأمّ ابنتها على تصرّفها مع أحمد وطلبت منها أن تعتذر له . فالأم هنا هي المربيّة والموجّهة لابنتها.
يلاحظ في القصّة تغييب دور المعلمة التربويّ في المساعدة في حلّ مشكلة أحمد، علمًا أن أحداث القصّة حدثت في المدرسة، وقد ظهر دورها فقط في مساعدة الطلاب في التحضير لحفل عيد ميلاد أحمد. حبّذا لو أتاحت الكاتبة للمعلمة فرصة التدخل بين الطلّاب والمساهمة في غرس قيم تقبّل الآخر واحترامه. فللمعلمة كما للأم وللأسرة دور هام في تربية الأطفال على القيم.
نهاية القصة: ترتّب ميمي بالاتفاق مع زملائها في الصف، حفل عيد ميلاد لأحمد بعد أن عرفت ذلك من خلال إشعار وصلها في الفيسبوك، فتفاجئه بهذا الحفل وتغني وترقص معه وتعتذر له أمام الجميع.
لغة القصة: جاءت اللغة سلسة سهلة قريبة من عالم الطفل، إلا أنها في بعض الأحيان بدت أكبر بكثير من وعي الطفل، فمثلا جواب سنبل لأحمد حين قال له، إن الله يختار لكل إنسان ما هو أفضل له، هذه اللغة وهذا الوعي لا يمكن لطفل أن يمتلكه ومن هنا نرى تدخل الكاتبة في الحوار. كما استخدمت الكاتبة تعابير من عالم الطفل مثل: (بلي ستيشن)، فيسبوك. ولا بدّ من الإشارة هنا أنّه وفق القانون يمنع الأطفال من فتح حساب خاصّ بهم في الفيسبوك، ويخشى هنا من تشجيع الأطفال على استخدام الفيسبوك مما يشكّل خطرًا عليهم. كما أنّ اللعب بلعبة (بلي ستيشن) غير محبّذة ، حبّذا لو اختارت الكاتبة لعبة أخرى.
الأسلوب: استخدمت الكاتبة أسلوب السرد والحوار، إضافة إلى حوارٍ داخليّ لأحمد، حيث حدّث نفسه عن عاهته قائلًا:” لماذا خلقني الله بهذه الصورة؟ ما ذنبي في أنّ والديّ بينهما قرابة قويّة، وأنني ولدت هكذا نتيجة أحد الأمراض الوراثيّة التي تنتقل للأبناء عبر الأجيال؟ ولم لم يخضع والداي للتحاليل الطبيّة قبل الزواج لتفادي ولادة أولاد مختلفين؟”. ص 14. ورغم جماليّة الحوار الداخليّ الذي يبيّن لنا الحالة النفسية لأحمد، إلا أنّ جزءًا من هذا الحوار بدا أكبر من جيل أحمد ووعيه، مثل انتقال الأمراض الوراثية بالجينات، ووجوب خضوع الأزواج للتحاليل قبل الزواج، خاصّة إذا كانت هناك قرابة قويّة. وهنا يبدو واضحا تدخّل الكاتبة في الحوار.
القيم التربوية في القصة: تحتوي القصة على قيم جميلة ومهمّة لأطفالنا مثل: تقبّل الآخر، عدم الاستهزاء بالآخر، التواضع، التعاون، المحبّة، التسامح الاحترام والمساعدة .
الرسومات: الرسومات جميلة ومعبّرة إلا أنها أخذت حيّزًا أكبر في الصفحات وجاء ذلك على حساب الكلمات فبدت الفقرات صغيرة مما يصعّب ذلك على الطفل قراءة القصّة.
في الختام يمكن القول إنّ قصة ميمي والصبي الأحدب قصّة جميلة للأطفال تغرس في نفوسهم قيم تربوية هامّة.
جزيل شكري وتقديري للدكتورة روز اليوسف شعبان لقرائتها اللافتة لقصتي ميمي والصبي الأحدب. براءة وافؤة ومهنية .
محبتي وتقديري