أخبار

مراقبة الصيرورة [انفصال مستمر وقطيعة بلا انقطاع]

المغرب | خاص

في نفس سياق مشروعه الشعري النقدي والنظري، يستمر صلاح بوسريف في تذكير النسيان في الثقافة العربية، التي بدا أنها، حتى في سياقها الحداثي، لم تعد تراجع نفسها، بل استقرت على جملة من المفاهيم والتصورات، وعلى رؤية شرعت تتحول إلى نوع من العقيدة، بسبب هذا النسيان الذي يرممه صلاح بوسريف بمفهوم الصيرورة، أو مراقبة الصيرورة، حتى لا يتحول المنجز إلى قانون وشرط وقاعدة، ونخرج من مجال البدع إلى السنن، كما حدث في الفقه.

يبدو هذا العمل، كأنه جزء ثالث ضمن “مناكفة الأسلاف”، وعلينا ألا نقرأ العنوان الأساس، دون أن نقرأمعه ما يليه [انفصال مستمر وقطيعة بلا انقطاع]. فالكتاب يحرص على معرفة الماضي بقراءته، وبوضع اليد على ما يتحرك فيه من نبض، ومن نفس، ومن حياة، وما هو فيه استمرار، نستحضره، باعتباره قطيعة، لكن دون أن ننقطع عنه، وذلك بنقده، ومراجعته، والتفكير فيه، دائما، بمراقبة ما يتصير فيه، وما هو متموج، يفيد في تدقيق الرؤى والمفاهيم، وفي خلق مفاهيم برؤى أكثر التصاقا بالحداثة، لا باعتبارها شعارا، أو عقيدة، بل باعتبارها هي الصيرورة نفسها، وهي الانفصال الذي يسمح لنا بالاتصال بما سبق، لا بالسير خلفه، بل بمحاداته، بالاستماع إليه والرد عليه، وبقدر نا يكون هو نفسه، نكون نحن أنفسنا، لا أن نصير صدى له، لا صوت لنا.

وفي المشروع الشعري النظري لصلاح بوسريف، نجد هذه المناكفة التي تقطع مع “القصيدة” كمفهوم تاريخي، لتذهب إلى الكتابة، التي ليست هي “التدوين”، والكتاب الذي ليس هو “الديوان”، بل إلى مفهوم النص، أو العمل الشعري، على اعتبار أن ترجمة كلمة poéme، إلى العربية ب”قصيدة”، هو إسقاط لمفهوم من لغة وثقافة، هو غير ما نجده، ثقافيا، وشعريا في المفهوم العربي، تصورا وبناء. وهذا ما حدث في ترجمة مفهوم “قصيدة النثر”.

الكتاب، دخول في أفق السؤال والقلق والمساءلة، وهو تفكيك للمفاهيم والتصورات، وسعي لتذكير ما ننساه، ولا نفكر فيه، ونكرسه، رغم أننا ننتقده، ونسعى إلى تحاوزه، بالإضافة إليه، لا بالذوبان فيه، ونفس الشيء يكون مع الحداثة نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى