ما هو دورنا بعد انتهاء دورة نهائيّات كأس العالم؟
د. محمد قاسم ناصر أبو حجام – الجزائر
انتهت المباريات المثيرة في نهائيّات كأس العالم لكرة القدم في دولة قطر الشّقيقة، الصّغيرة في مساحتها، الكبيرة بإمكاناتها في حسن التّنظيم وجمع عدد كبير من النّاس على أرضها المحدودة، وفي توجيه أنظار العالم إليها، قبل حلول موعد النّهائيّات وأثناء إقامتها؛ وكان النّاس بمختلف مناصبهم ومسؤوليّاتهم، وأقدارهم وانتماءاتهم وأهوائهم؛ بين مشجّع لها في الإقدام على هذه الخطوة الجريئة والمغامرة الكبيرة في تضييف حدث كروي كبير في حجم من يدّعي احتكار تنظيمه، زَعْمًا منه أنّه لن يقوى على احتضانه غيرُهم.. وبين مثبّط وساخر وناقم ومهاجم، ومختلق للعوامل التي تثني دولة قطر العربيّة الإسلاميّة الشّرقيّة.. أن تحظى بهذه المكرمة (في عرف عشّاق كرة القدم والمتخصّصين فيها)، فشنّوا عليها حملات مسعورة لانتزاع تنظيم نهائيّات كأس العالم لكرة القد منها. وشوّشوا عليها أثناء إجراء المباريات؛ بالتّصدّي لها في كلّ قرار اتّخذه مسؤولوها الأحرار، لضمان عدم التّسيّب الأخلاقي والاستهتار بالقيم الإسلاميّة والإنسانيّة؛ محافظةً على الأصالة والمروءة..
هذه الإجراءات الحاسمة، وهذه المظاهر الرّائعة ما كانت تظهر في الطّبعات السّابقة في نهائيّات كأس العالم لكرة القدم، ولا في غيرها ممّا يشبه هذه المناسبة. شعر الغرب المتجبّر أنّه انهزم وخسر هيمنته وغطرسته، وخاب ظنّه في رؤية قطر العربيّة المسلمة خاسرة رهان إنجاح المناسبة، وسقطت مساعيه لإظهار فشلها وخسران كلّ من هو خارج عن سربها وحوزتها في احتضان فعاليّة كبيرة في حجم كأس العالم.. فزاد غضبه واستعرت نار الحقد في داخله، فاستمرّ في نفث سمومه على الدّولة التي حيّرت عقول أبنائه، وأجهضت مؤامراتهم، فواصلوا النّيل من دولة قطر، بالهجوم عليها، واختلاق التّهم وكيل الشّتائم له، من دون أيّ مراعاة للقيم الإنسانيّة والفكر الحضاري..لقد برزت دولة قطر بحال من قال فيه الشّاعر العربي الحرّ:
تَرَى الرّجُلَ النَّحيفَ فَتَزْدَريهِ
وَفي أَثْوَابِهِ أَسَدٌ هَصُورُ
انتفضت قطر من أثوابها، وظهرت أسدًا هصورا، لا يقدر على مهاجمتها أيّ أحد، ولا يقوى على تحدّيها في قراراتها وأوامرها أيُّ فرد، في تسيير المناسبة بما يتماشى مع مبادئها وقواعد العمل التي تؤمن بها.. فمضت تشرف على التّنظيمات وتراقب كلّ الخطوات، وتقف عند الأخطاء وتوقف أصحابها.. في عزّ وشمم واعتداد بالنّفس. ما صدم المرجفين والمعوّقين والنّاعقين.. انتصرت في نهاية المطاف، وقدّمت للعالم النّموذج الجيّد لتنظيم نهائيّات كأس العالم لكرة القدم، بما يخدم الإنسانيّة جمعاء..
المهمّ عنده أولئك المستهترين بالنّاس أنّ التّفوّق يجب أن يبقى غربيّا، وتسيير العالم يجب أن يكون وَفق إرادتهم. فجاءت قطر وأثبتت أنّه بإمكان أيّ دولة أن تقوم بدورها الرّيادي في العالم، بشرط أن تتحلّى بالشّروط التي يتطلّبها العمل المبني على أسس القواعد الحضاريّة، ويَتَسَيَّجُ بالقيم النّبيلة، ويتحصّن بالمقوّمات القويّة التي تنبع من اصالتها ومبادئها الصّحيحة.. فماذا ينتظر العالم بعد كلّ هذا النّجاح النّسبي؟
إنّ ما ينتظر العالم اليوم بعد انتهاء أحداث نهائيّات كأس العالم لكرة القدم عملٌ كبير مديد وجهد ثقيل جهيد، خاصّة بالنّسبة للأمّة الإسلاميّة.. ينتظرها التّصدّي والتّحدّي للحملات والمخطّطات والمناورات والمؤامرات التي توجّه لمحاربة الأخلاق بقوّة أكثر ممّا كان من قبل؛ لأنّ الغرب في نهائيّات كأس العالم بقطر انهزم أخلاقيّا.. فلن يسكت عن هذه الهزيمة النّكراء – في نظره – فسيعمل على الانتقام لكرامته وكبريّائه اللّتين مُسَّتَا في المناسبة. حاصّة فيما كان يعوّل عليه من إفساد المناسبة بإملاءاته الأخلاقيّة الدّنيئة التي لم ينجح فيها. وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ ولَا النَّصَارى حتّى تتّبع ملّتهم… (البقرة/ 120)، فكيف يكون حال هؤلاء معنا حين نقف في وجه مخطّطاتهم؟؟ والغرب شعاره لا أحد يتفوّق علينا، ولا أحد يعلو قوّةً على الكيان الصّهيوني.. فلنعِ ذلك جيّدا، ولنُحضِر أمامنا نجاح قطر في هذه المناسبة.. فالوضع ليس سهلا ولا هيّنا. فلنفكّر وندبّر أمرنا ونخطّط لمسيارنا؛ طبقا لهذه المعطيات، من دون الاستسلام لهذه المؤامرات، إنّما علينا أن نتحلّى بالواقعيّة والنّظر العميق والرّؤية الواضحة والتّفكير السّديد.. في مواجهة هذه التّحدّيات، بما يضمن لنا المحافظة على توازننا أمام هذه التّيّارات الجارفة المغرضة المغرقة.. علينا أن نتمتّع باليقظة والحذر، فنغرقَ في دوّامة الفرح والابتهاج بهذا النّجاح، نغمض أعيننا عمّا ينتظرنا من أعمال الانتقام من العدوّ الذي يتربّص بنا الدّوائر في حال نجاحنا أو إخفاقنا، ونعمي ونغطّي بصائرنا على إدراك الواقع المعيش والحقائق على الأرض، وما يدبّر لنا وينسج ويُخاط ويُعدّ.. يجب أن نبقى في جهاد متواصل في معارك فرض الذّات وإثبات الوجود، فالدّنيا هذا ونحن خلقنا لهذا الواجب. نتذكّر قول شيخ الصّحافة الجزائريّة، الشّيخ إبراهيم أبي اليقظان
إِنّـما الدُّنيَا جِهادٌ، منْ ينمْ
يَوْمَهُ، دَاسَتْهُ أَقدامُ الرّزَايَا
دورنا في المراحل القادمة كبير وواسع وحسّاس.. أن نعمل جاهدين مخلصين صادقين دائبين على التّمسّك بديننا الحنيف، والتّفقّه فيه والتّقيّد بتشريعاته، على كلّ المستويات: الدّولة، الأسرة، المدرسة، الشّارع، المؤسّسات، الهيئات، المراكز الجمعيّات.. ونتحمّل مسؤولية التّوعية والمراقبة والمرافقة للنّاشئة بخاصّة، لا نتأخّر عن الدّعوة في سبيل نشر مبادئ الإسلام لأبنائنا ولغيرهم. نصحّح علاقاتنا مع ربّنا ومع أنفسنا وفيما بيننا، ونقف صفّا واحدا كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضا، ونتعاون على البرّ والتّقوى، ونبتعد عن مواطن الرّيبة والهوى.. فالله ينصرنا في معاركنا ضدّ الفساد والمعتدين والحاقدين، ويعيننا في القيام بواجباتنا، ما أظهرنا النّيّة الحسنة في هذا الجهاد، فإن يعلم اللّه فيما خيرا يؤتنا خيرا، ويكون معنا ينصرنا ما أظهرنا الإحسان في أعمالنا: إِنَّ اللهَ مَعَ الذِين اتَّقَوا وَالذِينَ هُمْ مُحسِنُون (النّحل/ 128).
الجزائر يوم الأربعاء: 27 جمادى الأولى 1444هـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا دكتورنا الفاضل. وجعل كلمتك هذه قناطير حسنات في صحيفتك وصحيفة والديك آمين.
صحيح ما قلت دكتور أننا ملزمون بتغيير تعاملنا مع الغرب والاستعداد الجيد لهجماته المرتدة بعض هزيمته وفضيحته في قطر .فلن يسكت ولم تسكت كلابه طيلة الأيام التي استغرقت هذا الحدث الرياضي فعلينا إعداد أسباب الرد المناسب. ومن بينها كما قلت أن نصلح أنفسنا ونصلح ما بيننا. لكن يؤسفني أن أشير إلى أحد معيقات قوتنا وهو الصراعات التي زرعها الغرب بيننا وكمثال عليها ما يحدث بين المغرب والجزائر حول الصحراء . فما تقوم به الجزائر طيلة 48 سنة من دعمها الانفصاليين الصحراويين المغاربة هو خدمة جليلة وعظيمة لفرنسا غرابة الغرب ورأس حربتها في جسم الدول الإسلامية . فهل المغرب استولى للجزائر على شيء ا من أراضيها في الصحراء. وهل حجة الدفاع عن حقوق الصحراويين شرعية وأقنع بها النظام الجزائري شعبه ؟ كم من مظلوم من المسلمين في الصين والهند وأفغانستان وسوريا وبورما…أين النظام الجزائري من الدفاع عن حقوقهم .أم فقط استهلاك إعلامي والبقاء شوكة في حلق اتحاد بلدان المغرب العربي كما تريد فرنسا.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.والله هذا يحز في نفسي كثيرا ورجائي في الله أن يهدي النظام الجزائري. ونحن إخوة في الإسلام والدم واللغة والجزائر..
تحياتي الخالصة لكم دكتورنا الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا دكتورنا الفاضل. وجعل كلمتك هذه قناطير حسنات في صحيفتك وصحيفة والديك آمين.
صحيح ما قلت دكتور أننا ملزمون بتغيير تعاملنا مع الغرب والاستعداد الجيد لهجماته المرتدة بعد هزيمته وفضيحته في قطر .فلن يسكت ولم تسكت كلابه طيلة الأيام التي استغرقت هذا الحدث الرياضي فعلينا إعداد أسباب الرد المناسب. ومن بينها كما قلت أن نصلح أنفسنا ونصلح ما بيننا. لكن يؤسفني أن أشير إلى أحد معيقات قوتنا وهو الصراعات التي زرعها الغرب بيننا وكمثال عليها ما يحدث بين المغرب والجزائر حول الصحراء . فما تقوم به الجزائر طيلة 48 سنة من دعمها الانفصاليين الصحراويين المغاربة هو خدمة جليلة وعظيمة لفرنسا عرابة الغرب ورأس حربتها في جسم الدول الإسلامية . فهل المغرب استولى للجزائر على شيء ا من أراضيها في الصحراء. وهل حجة الدفاع عن حقوق الصحراويين شرعية وأقنع بها النظام الجزائري شعبه ؟ كم من مظلوم من المسلمين في الصين والهند وأفغانستان وسوريا وبورما…أين النظام الجزائري من الدفاع عن حقوقهم .أم فقط استهلاك إعلامي والبقاء حجر عثرة في طريق بناء اتحاد متراص لبلدان المغرب العربي كما تريد فرنسا.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.والله هذا يحز في نفسي كثيرا ورجائي في الله أن يهدي النظام الجزائري. ونحن إخوة في الإسلام والدم واللغة والجوار..
تحياتي الخالصة لكم دكتورنا الكريم
كلام في الصميم يادكتور ، لقد نجحت قطر التي استصغرها كل الضعفاء و هي كبيرة في أعيينا خاصة بعد النعيق الذي أثير و الجلبة و الصخب الذي تبع تنظيم كأس العالم ، قطر رفعت راية الإسلام و قدمت نمطا جديدا في الدعوة إلى الإسلام فشكرا لدولة قطر و شعب قطر