ظلٌ من بنفسج
مفتاح البركي | ليبيا
دائماً ما انسى
أغلب الوجوه و الأسماء
تلك التى تمر عبر ذاكرتي المعطوبة
ما عدا صوتُ أمي ( مريم )
و غناء جدتي ( سالمة )
و تراتيل أبي ( يوسف ) الحزينة
عند كل غروب
فقط
و بُحةِ ( ليلى )^ جارتي
عند خواتيم المطر
أمام باب بيتنا القديم
كعادتي
ابلهٌ درويش
مطروداً من رحمةِ الحُب !
لم أكثرت بالخيبة الصديقة
التي رافقتني كظلي
قرابة ستون عاماً
و هي ترتب لي كل ليلة
موعدً مع أحلام لم تصل بعد
رغم أناقة الدمع
و حشرجة الغناء قبل النوم بقليل
في خطوي الخجول
ها أنا احمل قلبي
بعيداً عن لثغةِ القبح
أسأل عنها ( زنقة المنوبية )*
في كل نفسٍ لوردٍ او طيرٍ او حجر
في الشوارع و المقاهي العتيقة
حين كانت تتزين بضحكتها
و الليل ببُخة قلبها
أثعتر كل صباح و أنا اركض
بجُهد الأنبياء
خلف قصيدة لم تنم
منذ ألف ليلة و ليلة !
تلك نبوءة الحُب
فربما لشجرة العنب العجوز
راي آخر حين ظلت تبكي
على ذاك الطفل الذي ترك
ظله نائماً ينتظر جرار النبيذ
و رحل بلا ذاكرة
مترنحاً من شدة العطش
أمام صور قديمة
دامعة الغياب
كل الذين يعرفونني
يتضاهرون امامي بفرح البنفسج
رغم مرارة الدمع
المتحجر بوجعٍ بارد في أحداق الشتاء
هم المراثي
التي تركها الغرباء
كالمعلقات التي كتبت
بدمِ الحب
على حوائط الخذلان في زمن
أجمل ما فيه ظلي الذي
مازال نائماً
رغم ضجيج القبح
يرسم بيده المرتعشة
و جه جارته الطفلة
و هو يعلم أنه كلما عرج
على لون بكى الأخر
حتى غرق الخيال
تاركا لوحته الحزينة
في بحرٍ من الألوان الشجية
معلقة على مسمار قلبه
العجوز
دائما ما انسى
إلا أنني لا انسى
و لن انسى
اخر الحب الذي كان هنااا
امامي يبكي على الطفل
الذي ترك ظله
تحت شجرة العنب العجوز
تربي حزنه اليتيم
ورحل
دائما ما أنسى
و لكنني لن أنسى
ذلك الظل الذي ظل و مازال
و اقفاً يبكي
كلما هتف الليل
بإسمها تلك التي تركت
قلبه كلوحةٍ عتيقة في متحف
لا يحتفي إلا بالموتى
الغرباء
ها أنا مازلت انام
كلما راودني الحنين إليها
تحت شجرة العنب
انتظر تلك المسافرة
في أقصى الحنين
أن تطعم قلبي الجائع
العجوز
حكايا عنب الشتاء الدافئة
تلك القصيدة التي
كلما هتف الغياب
بظلها
سقط ظلي مغشيا عليه .
_____
فتافيت لظلٍ عجوز !
(المنوبية): ولادة الوجع و الشعر في مدينة الخُمس العتيقة