مَنْ سَارَ على الدَّربِ؛ وَصَلْ
سفيان مغوز| المغرب
مشهد من زاوية مغلقة، بين أربعة حيطان، حيث يحيى شديد العطش، شديد الجوع!، كل شيء حذاءه: قنينة ماء، كأس شاي، كأس قهوة، حلوى، تمر، مكسرات…وفي المطبخ الشريف، يطبخ الدجاج على طريقته الخاصة، تلك التي تشم لذتها قبل نضجها!، كل هذا؛ ويحيى لا يبالي، لا يشبع بطنه، بل يجالس كتبَ الأدب، في مختلف مجالاتها: نقد، شعر، سرد، بلاغة، عروض نحو، صرف.. إضافة إلى ثقافة أخرى، يرى أن تغذية الفكر أولى من إشباع البطن!، لا، ليس هذا فحسب، بل من أجل تحقيق، عبارة كان قد قرأها في رواية أستاذه منذ التأهيلي، وهي:” على درب الحُلم”، لرشيد أعراب، تتبع فصولها بنهم، لكن، الذي أثر فيه ليس ما بين السطور، ولا الذي هو مفقود بين الفصول، إنما ما أثار عواطفه الجياشة، هو عبارة، قد تبدو للبعض عادية، لكنها في نظر يحيى، غاية يرجو تحقيقها، وهذه العبارة جمعت بين البلاغتين؛ الجمالية الإمتاعية، والتأثيرية الإقناعية، والذي جعلها كذلك، هو حسنُ موضعها داخل الرواية، حيث وردت هذه المسكوكة في آخر الرواية وبها خُتمت .والعبارة تقول:” مَنْ سَارَ على دَرْبِ الحُلُم؛ وَصَل ” .فقد زادت هذه الجملة جمالا وبلاغة، من خلال المكان الذي وُضعت فيه، فللمكان دور شديد في وقع التأثير والإقناع .فزاد مكان العبارة جمالا إلى جمالها الأصلي، لأن الشيء إذا وضع في مكان حسن زاد جماله، لجمال موضعه .
لكن، المقابلة الحاصلة هنا، ليست في المعنى، أو الشعور، أو الإرادة في حدّ ذاتها، إنما هي شديدة الارتباط بالمثيرات الخارجية، تلك بواعثٌ والله أفسدت على الكثير طعم الحياة، وقتلت الإحساس فيهم، وضعّفت الإرادة لديهم، وكسرت قلوبهم، وغلبت مبادئهم، فكلما كرّروا التجربة، زادوا خيبة، فيا له من واقع مر، يشفع للفاسد، ويعدم أصحاب القيم التي يصعب تجاوزها .
لكن، يحيى، يضيف شعارا آخر، ليكمل الأول، وهو تشبثه بشعار المقاوم عمر المختار:” نحن لن نستسلم، ننتصرْ أو نموت ” .فهما شعاران يسيران جنبا إلى جنب، فالسير على درب الحلم، يقتضي بالضرورة؛ عدم الاستسلام. والوصول، يستلزم الانتصار، وهو هنا يكون بالحلم، أو بالموت .
س.م