مقال

وداعا…. ساقية الحياة

مهداة إلى كل أم

د. ضحى بركات |  القاهرة
كم الساعة الآن.. انقضى وقت النوم ولا زلت فى حاجة لمزيد من الراحة. ولكن وجب على أن أفيق. ينتظرنى عمل كثير..ااااه لاجدوى من التكاسل. أتوضأ وأصلى..قبل خروج الشمس من مخدعها لترسل إشارة بدء يوم جديد… اتجه إلى المطبخ لتجهيز الفطور ..والغداء فى نفس الوقفة فهذا يوفر لى من الوقت الكثير كما أن افراد عائلتي لهم مواعيد تختلف سواءا فى الاستيقاظ أو فى العمل وحتى فى العودة إلى البيت . فنحن أسرة ربما لاتجتمع على طعام إلا فى رمضان …-

ليت العام كله رمضان – انتهى عملى فى المطبخ فاتركه ..الطعام جاهز ..والحوض نظيف. اتجول فى شرفات البيت وصالاته أرتب كل شئ فلن يحملنى جهدى بعد العودة من العمل لفعل ذلك .الحمد لله كل شىء أصبح على مايرام… أدخل الحمام للاستمتاع بقطرات الماء الدافىء تسرى على جسدى فتمحو العرق ومعه كل تعب أشعر به فيتجدد نشاطى وارتدى ملابسى واتجه للخروج إلى مقر عملى فليس مقبولا بعد عناء الطريق منعى من التوقيع واحتساب اليوم إجازة . أجلس على مكتبى بين صرخات وآهات ..أناس لها مصالح يجب أن تقضى ..ورؤساء لهم أوامر يجب أن تنفذ …تمر الساعات بين هؤلاء وهؤلاء وينتهى اليوم بالكاد وعند الانصراف أتذكر بعض نواقص المنزل لاشتريها….ااه واجبات كلما انقضت تجددت . أقف عند كل بائع حتى تنتهى المتطلبات أو تفلس الحقيبة .. فأتجه إلى بيتى وعند بوابة المنزل إتمالك نفسى قدر استطاعتى لأعلو درجات السلم درجة درجة ويداى مثقلة بالمشتروات .. أفتح الباب واتجه إلى المطبخ ألقى ما أحمله من حصاد التسوق ..وقبل أن أنظر إلى علامات الحقائب على يدى أرى الحوض وقد امتلأ بالأوانى التى تناولوا فيها طعام الإفطار وهى تستغيث بى كى أغسلها وأضع كل فى موضعه فألبى النداء .. فمن لها غيرى إنه واجب يومى لافرار منه ولاانتهاء له ..أتناول غذائى وأنا أحلم بلقاء على سريرى المريح عل أحضانه الحانية تمحو مانال جسدى من جهد الساعات منذ الصباح …

وبالفعل ألقى بجسدى بين طياته الناعمة واغمض عينى فيبدأ العقل فى التذكرة بواجبات اجتماعية كثيرة.. متابعة الأولاد فى الدراسة والتعرف على بعض مايحتاجونه أو حل مايواجهون من مشاكل مادية أو معنوية قدر الإمكان ..وواجبات أخرى مثل زيارة مريض ، أداء عزاء فى فقيد، مباركة فى سبوع وليد ، أو عرس سعيد..واجباتقد أجلتها بسبب أشغالى وواجبات لاتحتمل التأجيل….ااه لاوقت للنوم .أفزع من سريرى ..أرتب ملابسى التى تناسب مناسبتى ..واستعد للخروج بخطوات متثاقلة ترجو أن تقف وتعود إلى البيت للخوض فى أعمق سبات . ساعات تمر فى لقاءات قد لاتخلو من التكلف والنفاق …..الحمد لله تمت المهمة بنجاح وحان وقت العودة إلى البيت .وبالفل وصلت الى البيت.فإذا بمهمة تجهيز العشاء وتصليح الثياب وكى وتنظيم الملابس ووضعها فى الادراج .الحمد لله تم كل شئ على مايرام وأخيرا التقى جسدى المنهك بسريرى الحبيب لادخل فى نوم عميق قبل مشرق يوم جديد.. يتجدد فيه كل مافات من الصباح إلى المساء
ساقية تدور على أشدها ،وأدور معها لا أعد أياما ولا أقصر فى إعادة وتكرار …لا أرجو التوقف أو أدعو الفرار …رضا أم اضطرار ..سعادة أم إجبار .. سؤال أخشى أن تكون إجابته صدمة تعيد حسابات مرت عليها سنوات وسنوات …فأقف ولا أستطيع إكمال المسير ..وتضطرب حياة الكل فى بيت انا عماده وجداره. ..إن مال العماد بات البيت حطاما…وقطعا لن يرضينى هذا المصير ولو عشت فى ساقية الجهد أعمارا وأعمارا ….لامجال لتراجع ولا أطلب رد الجميل .تكفنى نظرة فى وجه أى من أفراد أسرتى وهو آمن هانىء البال سعيد ..أو رؤية لهفته على طعام لذيذ أعددته أو ظهوره بين أقرانه فى ملبس أنيق نظيف ..

هذه النظرة ترسم داخلى ابتسامة تمحو عناء العمر وجهد السنين …وتدفع بداخلى الأمل فى استمرار العطاء حتى يأتى القضاء .هذا تعلم ,وهذا تزوج, وهذا توظف, وكل اصبح قادرا على معاملة الحياة..الحمد لله .. سأترك الحياة مطمئنة عليهم ..الحمد لله اشعر بارتياح .ولكن من أرى على باب الغرفة..حقا هل أرى جنود الله . هل هى الساعة والنهاية ..الحمد لله انا على الاسلام .الحمد لله اهلا بجنود الرحمن …صعدت الروح وبدأ الطريق إلى مثواى الأخير…زالت الحجب أسمع كلمات الثناء ..أرى حر البكاء نعم أتألم و يتألم الأحبة للفراق ..ولكن قدر الله شاء….لقد انقضى العمر وانتهى درب العطاء .لا تحزنوا احبتى..فلكل أجل كتاب .ها أنذا أرى الراحة بعد طول عناء . ادعو لى بالثبات اليوم موعدى مع مكافأة الرب… حياة ,نعيم, وجمال .ما أجمل رضا الرحمن وما أمتع حياة الجنان….وداعا دنيا الأحبة..وداعا ألذ جهد وأحلى عناء ….أيا غرس العمر…اثبتوا على الإيمان. وبعد عمر طويل ملؤه الهناء, وزينته الوفاء..لنا فى الآخرة لقاء ..فى دار نعيم وبقاء .. بكل شوق لكم ولهفة عليكم وحب فيكم …لن أقول وداعا… ..ولكن إلى لقاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى