قراءة نقدية في قصة ” برتقال يافا ” للكاتبة الفلسطينية روز اليوسف شعبان

رفيقة عثمان

هدفت القصّة إلى إعادة واستحضار التاريخ، وأمجاد المكان والزّمان، كذلك أهميّة برتقال يافا وتميّزه عن باقي البرتقال بجودة نوعيّته، وتعريف الأطفال على أنواعه المختلفة؛ خاصّةً البرتقال الشّمّوطي. تعتبر قصّة “برتقال يافا” قصّة ذات أفكار قيّمة؛ لكنّها مكثّفة في أحداثها وازدحام معلوماتها وصعوبة لغتها؛ لتقديمها للأطفال ما دون العاشرة، من الرّسومات تبدو بأنّ هذه القصّة مُقدّمة للأطفال. في هذه القراءة تناولت إبراز عنصر العاطفة بالقصّة، وتأثيرها على نفسيّة الأطفال؛ حيث طغت العاطفة الحزينة على القصّة في عدّة مواقف: اوّلا عندما هدمت أمواج البحر، القصر الرّملي الّذي بنته الطّفلة رانية بمعيّة جدّها سليم، بعد أن استمتعت كثيرًا في بنائه بصحبة جدّها. برأيي هذه الفكرة كانت غير مُوفّقة؛ نظرًا لإكساب الشعور بالإحباط والغضب عند الأطفال عندما تمّ هدم القصرالرّملي بسهولة بواسطة موج البحر؛ ممّا كان له الأثر النفسي السّلبي على نفسيّة الطّفلة رانية. كما نعلم بأنّ الأطفال يتماهون مع شخصيّة البطلة، ممّا يعكس الشعور بالحزن لديهم.

من الممكن الاستفادة من حدث الهدم باستغلال الفرصة، من قِبل الجد بالشرح حول هدم البيوت الفلسطينيّة التي تمّ تدميرها بعد النّكبة، وأن يبعث الأمل في نفوسهم بالبناء من جديد، عند الهدم تزداد العزيمة بالبناء وعدم الاستسلام. ( هذا لو كانت القصّة مُوجّهة لليافعين). الحدث الثّاني المؤلم وله الأثر النفسي غير المُرضي، عندما روى الجد عن وفاة أبيه بعد العودة إلى يافا بالتّسلّل، وتمّت مصادرة بيّاراته وسفنه بعد التّهجير ووفاته بنوبة قلبيّة جرّاء ذلك؛ بينما الحدث الآخر المُحبِط أيضًا، وله الأثر النفسي وتسبّب الحزن في نفسيّة الأطفال، هو سرقة اللّصوص للدّبّوس الذّهبي الّذي يحمل شعار ماركة البرتقال الشّمّوطي الّذي ورثه الجد سليم عن أبيه، والّذي احتفظ به في صندوق مقتنياته؛ والحدث الأخير الّذي بعث الحزن أيضًا في نفسيّة الطّفلين رانية وتامر، عند وقوع الجد سليم مغشيًا عليه وأخذه للمستشفى للعلاج؛ بسبب فقدانه للدّبوس الذّهبي بعد سرقة اللّصوص له.

 ظهرت عاطفة الفرج لفترات قصيرة، عندما بنت رانية القصر الرّملي، ولكن تلاشت الفرحة سريعًا بعد أن هدمها الموج؛ كذلك بدت الفرحة والسّعادة من علاقة الجد للأحفاد، ولكن هذه الفرحة لم تدُم؛ بسبب إغمائه ونقله إلى المستشفى، فرح الأطفال عندما عرفوا عن الدّبوس الذّهبي الّذي حفظه الجد، لكن هذه الفرحة اختفت، عندما سرق اللّصوص هذا الدّبّوس. ممّا سبق، نلاحظ بأنّ العاطفة الحزينة هي الغالبة، ومن أهم عناصر القصّة هي إدخال الفرح على قلوب الأطفال، وعدم إثقال همومهم وما لا تحتمله قدراتهم النفسيّة والعقليّة.

   على الرّغم من النوايا السّليمة للكاتبة؛ بعرض الأهداف المنشودة من تمجيد القديم، واستحضار التّاريخ للرّواية الفلسطينيّة؛ إلّا أنّها تناولت عدّة أحداث مكثّفة بعيدة عن مدارك الأطفال دون سن العاشرة، ومن الأفضل تناول حدث أو قضيّة واحدة، في قصّة واحدة والتركيز عليها؛ بدلا من إقحام عدّة أحداث دراميّة في قصّة واحدة.

برأيي تلائم هذه القصّة الأبناء اليافعين، بعد إجراء التعديلات اللّازمة، من التركيز على محور واحد فقط والتوسّع به، مع الاهتمام في إدخال عنصري التشويق والخيال. تبدو اللّغة مناسبة لفئة اليافعين، من سلاستها وإثرائها بالقاموس اللّغوي. إنّ تناول موضوع الهجرة أثناء النّكبة، والرّواية الفلسطينيّة، هامّ جدّا، هذا الحدث يحتاج لقصة منفردة؛ لتعطيه الكاتبة حقّه من السّرد والتفصيل.عنوان القصّة “برتقال يافا” يحمل في طيّاته أهميّة برتقال يافا قبل النّكبة، وهو رمز يشير إلى الرّواية الفلسطينيّة، وأمجاد يافا وعظمة تجارتها، وتصديرها للبرتقال إلى بعض الدّول الأوروبيّة. من الممكن تأليف ثلاث قصص من هذه القصّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى