الحب من غير أمل

بقلم: مروة فھمي

لطالما سمعت هذه الجملة منذ أن كنت في العشرينات من عمري ولكنني لم أقتنع بها قط، حتى ظننت أنني لست بهذا الكائن الذي يعرف معنى الحب، أو يمكن أن يرتبط يوماً ما! لكنني اليوم وأنا في منتصف الثلاثينات، أُعلنها صراحة بأنني لست مقتنعة بأن الحب من غير أمل أسمى معاني الغرام!

كيف لك أن تحب وأنت لا تتمنى أن تلتقي بالمحبوب؟ أن تلامس أناملك أنامله، أن تضع يدك على خده وتنظر إلى عينيه مُركزاً علي البؤبؤ، ذلك الجزء الصغير الأسود ليتصل القلبان وتران وتقرآن ما بداخل قلب كل منكما، وربما تسمعان في الخلفية” رجعوني عنيك لأيامي اللي راحوا، علموني أندم على الماضي وجراحه” كيف تحب ولا تتمنى أن تنجب طفلاً ممن تحب؟ أن تربي ابنكِ أن يكون مثل أبیه، وتتمنى أن تشبه ابنتك أُمھا! كيف لا تتخيلين نفسك وأنتِ تُطھي له الطعام الذي يحب؟ فقط لأنهيحبه! كيف لا تتخيل أن تجلس معھا في غرفة المعیشة تشاھدان فیلماً أو مسرحیة مع تناول بعض التسالي لتُطمعھا عندما تنسى أو تسقط دموعها متأثرة بالمشهد الرومانسي، أو ربما تجلسین معه لتشاھدي مباراة الكلاسيكو، وعندما یُحرز الفريق الذي یشجعه ھدفاً، تقومين لتھتفي معه وتلقي نفسك بین أحضانه مُتلككة بھذا الھدف!

كيف لا تتمنى أن یتحملك المحبوب في أسوأ حالاتك؟ عندما تستيقظ من النوم وعندما تمرض وعندما تغضب لأنك تعرف أنك تحبه وأنه یُحبك!  كيف لا تتمنى أن تُحسِن من نفسك؟ تأكل بدون صوت و تُھذب لحيتك وأن لا تستعمل ملعقة معدنية في الأواني التیفال وأن تقلل من عصبیتك، أن تتحملى تقلباته ورغبته في العزلة وعدم الرغبة في الكلام، وفھم أنه لن یفھم ما بك دون أن تقولي! وأن تُقدر كل الأشیاء الصغيرة التي یفعلھا محبوبك لك!

إن لم تتخيل وتتمنى كل هذا فأنت لا تحب! وعندما تتخيل وتتمنى كل هذا، عندھا سیكون ھناك أمل، ولذلك أقول لكم أن الحب من غیر أمل أشد معاني الألم! لأن حینھا ستتحول تخیلاتك وأحلامك إلى كوابیس، ویدق قلبك صارخاً معترضاً عما فعلت به ویجعلك تنتفض ویؤرق نومك ویومك! وربما تدخل في صراع ما بین ھل تتمنى الانتقام ممن لم يشعر بك أو یُقدرك حق قدرك؟ كيف تسامح من روي بذرة الحب تلك بداخل قلبك! وربما فعل ذلك وھو یعرف أنه لن ُیكمل رعایتھا! أو تتمنى له الخير والسعادة؟ فهو في الأخير ذلك المحبوب، الذي دق له القلب، وتخیل معه العقل كيف ستقضي تفاصيل يومك وحياتك بأكملها! وفي كلتا الحالتین سیستمر الألم، ألم قلبك الذي لن ينسى حتى وإن تناسى عقلك، لأن العقل أبداً لا ينسى!

كيف يكون الحب من غير أمل وقد قال رسولنا الكريم”لا أرى للمتحابين إلا الزواج”؟!

عان الكثيرون من عدم الاستقرار العاطفي، وللأسف كثيرون يعتقدون أن هذا إخلاص لمن نحبهم. تم تشخيص هذه الحالات بأن أغلبھم يعانون من أمراض نفسية وربما عقلية فى أحیان كثیرة، وعاشوا شھورًا وربما سنوات كثیرة لا یستطیعون المضي قدماً في حیاتھم. وقیل أیضاً إن ذلك قد يكون راجع لرغبة كامنة في عدم الارتباط!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى