تاريخ

حصن الفهيدي في دبي 1214هـ / 1799م

استحكام دفاعي وعبقرية تصميم

بقلم : د.محمود رمضان

    تنوعت الإستحكامات في العمارة الدفاعية الإسلامية في الخليج العربي مثل الحصون والقلاع والأبراج والمربعات والأسوار والمدن المحصنة، وقد تطلبت الطبيعة الجغرافية والأحداث السياسية والأطماع الخارجية على منطقة الخليج العربي على مر العصور، ضرورة تشييد كثير من العمائر الدفاعية، وخاصة في المناطق الساحلية، وقد بقيت أعداد ليست بالقليلة منها حتى الآن. ويعد حصن أو قلعة الفهيدي بإمارة دبي من القلاع الكبيرة التي ما زالت تحتفظ بعناصرها المعمارية الدفاعية كإستحكام دفاعي إسلامي، وإمتداد للفكر الهندسي الإسلامي في المنشآت ذات الطابع الدفاعي العسكري بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أنشئت هذه القلعة في عهد الشيخ هزاع بن زعل الياسي في سنة 1214هـ / 1799م، واسُتخدمت مقراً للحكم ما يقرب من تسعة وتسعين عاماً حتى أنتقل المغفور له الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم إلى الإقامة في منطقة الشندغة بدبي، وحُولت القلعة إلى سجن، واستخدم جزء منها مخزناً للأسلحة والذخائر الحربية.

وفي سنة 1391هـ/1971م استخدمت تلك القلعة متحفاً للمقتنيات الأثرية، وقد أفتتح في ثوبه الجديد التقني في سنة 1414هـ/ 1991م. هذا وبنيت قلعة الفهيدي بالصخور المرجانية البحرية والجص، وهى تشغل مساحة مربعة يبلغ طول كل ضلع من اضلاعها 30.55م، وترتفع أسوارها حوالي 9.25م وفتح في الجزء العلوي من هذه الأسوار فتحات لمزاغل كانت مخصصة لرمي السهام، وأخرى لفتحات البنادق يتم إستخدامها للدفاع عن القلعة في وقت الهجوم، ويتوج الأسوار من أعلى صف من الشرافات النصف دائرية من الحجر ذات تدبيب خفيف من أعلي مثلما هو معروف في أنماط الإستحكامات الدفاعية الإسلامية في دول الخليج العربية.

وبالنسبة لأبراج هذه القلعة فهى ثلاثة أبراج كبيرة، أثنان منها دائريا الشكل يكتنفان الزاويتين الجنوبية الغربية والشمالية الشرقية من القلعة، ويبلغ أقصى إرتفاع لكل منهما حوالي 14م، ويتكون البرج الجنوبي الغربي منهما من ثلاثة طوابق أوسعهم أسفلهم، وشغل الطابقين العلويين بفتحات مزاغل لرمي السهام والقذائف النارية أما البرج الثالث فهو مستطيل الشكل، ويبلغ أطوال أضلاعه 7-9م، وإرتفاعه حوالي 15.4م، ويحتوي على طابقين، شُغل الطابق الأسفل منهما بنوافذ يغشيها أسياخ من الحديد وبالنسبة للطابق العلوي فقد شُغل بسبع فتحات لمزاغل مستطيلة، ويتوج واجهة هذا البرج صف من الشرافات الحجرية كانت تستخدم كدروع وقائية عند الدفاع عن القلعة.

ويقع المدخل الرئيسي للقلعة بالواجهة الشرقية، وهو مدخل تذكاري بارز يمتد إلى خارج الواجهة بحوالي 1.55م ويتوسطه فتحة باب مستطيلة يغلق عليها فردتا باب خشبيتان في حالةجيدة من الحفظ، ويؤدي المدخل السابق إلى دركاة مستطيلة بها زُلاقة خشبية كانت تستخدم لإعاقة المهاجمين، وتُفضي هذه الدركاة إلى دهليز مستطيل، فُتح في زاويته الجنوبية الشرقية فتحة مستطيلة تؤدي إلى فناء أوسط مكشوف بداخل القلعة، ويحيط به وتفتح عليه مجموعة من الحجرات من الجهتين الشمالية والشرقية.وشُغلت زوايا الفناء المشار إليه بدرج حجري يصعد منه إلى أعلى الأبراج والممشي العلوي أيضاً. وخُصصت الحجرات التي تفتح على الفناء الأوسط قاعات للعرض المتحفي يعرض بها مجموعة نادرة من الرماح والسهام والنشاب والخناجر والدروع والسيوف،والخوذات وأدوات القتال والدفاع المختلفة، بالإضافة إلى صور لمدينة دبي القديمة، وذلك في تناسق وتناغم متحفي وتقني. كما فُتحت قاعة كبرى أسفل القلعة عبر ممر صمم خصيصاً لهذا الغرض لعمل متحف للعروض الحية والتشخيصية عن مهنة صيد اللؤلؤ والحياة البحرية والبيئة، علاوة على قاعات أخرى خصصت لعرض نماذج من المكتشفات الأثرية التي شملت حضارات ما قبل التاريخ والحضارة والآثار الإسلامية في دولة الإمارات العربية المتحدة وبخاصة إمارة دبي ذات التألق الحضاري المتجدد.

تصوير: د.محمود رمضان
تاريخ التصوير:
المرحلة الأولى : 29 أغسطس 2003م
” خارجي وداخلي نهار”
المرحلة الثانية : 10 يونيو 2014م
” خارجي ليل “

الكاتب: د.محمود رمضان
مدير مَرّكَزُ الخَلِيجَ للبُحوثِ وَالدّرَاسَاتِ التَّارِيخيَّةِ خبير الآثار والعمارة الإسلامية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أحسنت..دكتور محمود رمضان
    عرض رائع
    ممكن صالون ثقافى تحت رعاية السفارة القطرية والقاء الضوء على التراث الحضارى والثقافى وتطور العمران فى قطر وبحث فكرة مشاركة علمية من خلال المؤسسات القطرية للعمل الاثرى وتبادل الخبرات فى مجال الترميم والحفائر والنشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى