سياسة

تطبيع المغرب مع إسرائيل في ميزان التحديات العالمية القادمة

أجدور عبد اللطيف| كاتب مغربي

كتبت ذات مرة تدوينة مطولة غداة تطبيع المغرب مع الكيان الصهيوني، ورغم محاولتي تحري الموضوعية قدر ما استطعت آنذاك وتناول القضية من جوانبها الأصلية الأصيلة، ورغم أن بعض ما ذكرت في المقال المذكور حقائق تاريخية جلية، إلا أن عليها استدراكات جليلة غفلت عنها، لذلك أتراجع عن ذلك المقال جملة وتفصيلا، وأبرئ ذمتي منه.

لعل ما يقع فيه السواد الأعم منا هو الخلط الذي يروجه الإعلام عنوة بين الديانة اليهودية كديانة سماوية عاصرها المسلمون في المغرب وتعايشوا مع أهلها في تسامح وحسن جوار منذ قرون، وكما الحال في اليمن والشام ومصر، بل في المدينة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين الصهيونية كحركة راديكالية متطرفة تتخذ الذين ذريعة للتسلط والتجبر.

لعل ما أقدمت عليه الدولة المغربية كذلك من تطبيع لا يمت للدين ولا اللاهوت بصلة، إنما هي أحلاف سياسية محضة يتذرع المغرب واهما بما سيجنيه من التحالف مع الشيطان من منافع سياسية واقتصادية، لكن الحمق كله في الأمن لقوم لم يأمن منهم نبي ولا ولي، ولم يسلم من أذاهم طفل ولا امرأة، ولا اطمأن لعهدهم شجر ولا حجر، لقد نقضوا المواثيق زمنا بعد زمن وصار الأمر عندهم طبعا أصيلا لا يتبدل، والسادسة عموما أشد تبدلا من طقس يوم خريفي مشمس جميل، أما إذا كانوا سياسيين صهاينة فالغدر مسألة وقت لا غير، كيف وهم يعتبرون جميع البشر دونهم منزلة، ويعتبرون المسلمين بالذات شر الخلق والعدو الذي لا بد من إبادته.

إن المغرب مدعو للاستقواء بأخوته في الدين والتاريخ والموروث، وإنني بكل صدق معجب أشد الإعجاب بتواضع الملك ومد يد الصلح والإخاء للدولة الجزائرية التي ما يزال العسكر فيها يركب عنهجيته للأسف الشديد ويفوت علينا وعليهم فرص نماء وتدعيم بعضنا البعض في مواجهات تحديات مقبلة ستكون ولا شك عسيرة، ولكم في ما تحيكه فرنسا اليوم ضد الدول التي سئمت غرورها واستغلالها إيانا عبرة، فاستعبادنا حق أصيل عندهم.
إن التهجم على إخواننا في التوحيد هنا وهناك والإساءة لهم صفة جهل ووصمة عار، فحسن الجوار بالحسنى من واجبات التاريخ والملة والعقل، وإن المغرب مدعو للاستقواء والاستناد لجبهته الداخلية أولا بتحقيق العدالة الاجتماعية لأبنائه والإعلاء من شأن مواطنيه، وحمايتهم من سماسرة الأزمات وتجار دماء الفقراء، حتى يكون الشعب الرافعة الاقتصادية الحقيقية والمعول عليه – بعد الله – الذي لا يغدر في كل أزمة تحل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى