تصريح ترامب.. ونظرية (العصا والجزرة)

صبري الموجي| رئيس التحرير التنفيذي لجريدة عالم الثقافة

بضربةٍ قاضية – تجرّد صاحبُها من معاني الرحمة وأخلاق الفرسان – أصاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفاوضات السلام بين الدولة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية فى مقتل منذ تصريحه وبلغة تتسمُ بالاستعلاء بأن القدس عاصمة للدولة الإسرائيلية باعتبارها دولة ذات سيادة !

والحقيقة أن قرار ترامب الأخير ومُطالبته بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس هو ترسيخٌ عملي لنظرية (العصا والجزرة) التي تحكُم سير العلاقة بين الولايات المتحدة والعرب من جهة، وبينها وبين إسرائيل من جهة أخري، حيث تُبارك أمريكا وتؤيد – استنادا لهذه النظرية – كل ما تصنعه قوى الاحتلال الإسرائيلي في حق فلسطين : من قتلٍ للأبرياء، وتدمير للأرض وهتك للعرض، وترويع للآمنين، وتهجير للمُستضعفين، وغيرها من أعمال إجرامية لا تخفى على ذي بصر، فى حين أنها ترفضُ ردود الأفعال من الفلسطينيين، مُعتبرة أن دفاعهم عن أنفسهم هو صورةٌ من صور التطرف الذي لابد أن يُعامل أصحابُه كمجرمي حرب، ويخضعوا بسببه لمساءلة المُجتمع الدولي !

إن قرارًا كهذا والذي خالف فيه ترامب رؤساء أمريكا السابقين هو طعنةٌ نافذة في قلب مفاوضات السلام، أضافت إلى جراحات القضية الفلسطينية جُرحا جديدا لن يكف عن النزيف.

إن قضية فلسطين التي بدأت تقرع آذاننا منذ وعد بلفور 1917 م الداعي لإقامة وطن قومي لليهود فى فلسطين هي تجسيدٌ حي لأقسى درجات الظلم والعدوان من قبل الكيان الصهيوني، في مقابلة أشدِ أنواع التخاذل والهوان من قبل العرب، الذين نسوا أنهم ودولة فلسطين المُحتلة أشبه بقطيع الثيران الذي أمن هجمة الليث بتعاضده وتآزره، وبمجرد أن طالته يدُ الفرقة لم يأمن غدرة الليث الذى مزقه أشلاء !

إن مثلَ الدول العربية كمثل الجسد الواحد، إذ اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالحمى والسهر، ومن ثم فإن رسائل الشجب والتنديد لا تكفى وحدها، بل لابد معها من لمّ الشمل والضغط برسائل قطع العلاقات، ووقف التبادل الاقتصادي، ومنع استخدام أسواق الدول العربية فى ترويج بضائع دول الغرب الداعمة لدولة إسرائيل وعلى رأسها أمريكا صاحبة القرار الأخير.

إن ضياع فلسطين هو جريمةٌ في حق العرب جميعا، ووصمةُ عار في جبين الأمة العربية من أقصاها إلى أقصاها، التي تزيد علي الكيان الصهيوني في العدد والعتاد، ومن ثم فلا يليق أن تقف مكتوفة الأيدي- مُكتفية بمصمصة الشفايف – أمام مُحتل بغيض مارس ويمارس كل صور القمع والتنكيل مع أبناء فلسطين الشقيقة، حيث أهلك الحرث والنسل، وأفسد الزرع والضرع، أراق الدماء، وأزهق الأرواح، خرّب البلاد وشتّت العباد على مرأى من العالم أجمع، وبمباركة الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الرسمي للدولة الصهيونية ! 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى