مقال

تحديات الصحافة وأزماتها.. صراع مستمر من أجل البقاء

د. هبة العطار | أستاذ إعلام _ كاتبة مصرية

     الصحافة أحد أهم وأقدم وسائل الإعلام، وهى -مع غيرها من وسائل الإعلام- تعد أدوات قوية فى مواجهة كل أشكال الدعاية والحروب المستحدثة مما يُطلق عليه حروب “الجيل الرابع” وغير ذلك من المصطلحات.
    وممارسة العمل الصحفى تخضع لأطر قانونية تحكمها التشريعات، وقواعد أخلاقية تشرف عليها نقابة الصحفيين فى ضوء صلاحياتها المنصوص عليها بالقانون رقم 76 لسنة 1970، وهو لم يكن أول تشريع ينظم العمل النقابى بل سبقة القانون 158 لسنة 1955. والقصد من كل هذا الإشارة إلى أن العمل الصحفى فى مصر عرف مفهوم التنظيم منذ مرحلة مبكرة تعود إلى صدور قانون المطبوعات رقم 20 لسنة 1936.
    إذن نحن أمام واقع صحفى ثرى بتراثه وتاريخه وممارساته، ونقابة الصحفيين عليها أدوار يجب القيام بها بفعالية فى هذه المرحلة الحساسة للحفاظ على تماسك الدولة وأبرزها: الحفاظ على حقوق العاملين بالصحف المصرية بمختلف أشكال ملكيتها (قومية–حزبية– خاصة) فى مواجهة سلطات الإدارة، وتهيئة المناخ المناسب للعمل الصحفى بالتواصل الفعال مع مختلف مؤسسات الدولة، بما يوفر للصحفى ضمانات ومساحة مقبولة لممارسة رسالته، وفى ذات الوقت أن تشرف على حدود الدور الذى تمارسه الصحافة وأن تمنع الجور والتجاوز بحق المجتمع والمواطنين من أى انحراف فى ممارسة هذا الدور.
     والأمر ليس فوضى، لأن حرية الرأى أساسها الموضوعية والمصداقية والتعبير المتوازن عن الواقع بلاتحريف أوتزييف ولا تحامل أو مبالغات.
 إن مصر تمر بمرحلة استثنائية، والكل يعلم حجم التربص الذى يواجهه مجتمعنا والاستهداف الذى يتعرض له.
    وقد اعتدت منذ فترة كمثل الجميع على قراءة الاخبار الكترونيا، وحزنت أمس عندما اشتريت الجرائد الورقية بشكلها المعتاد لأفاجأ بما وصل إليه حالها من قلة عدد الصفحات وتراجع كم المضمون ونوع الورق وجودته، ولكن يبقى الاعتراف بأن الصحف المصرية، – ورغم كل ما أصابها – تبقى هى الأكثر جاذبية ومقروئية بين مثيلاتها مما يصدر من صحف فى العديد من الدول العربية، فمصر بحكم الموقع والمكانة هى مصدر الخبر والمعرفة والابداع والفنون بشتى أنواعها، والصحف المصرية هى الأكثر حيوية من حيث الشكل أو المضمون فيما تطرحه وتتناوله مقارنة بغيرها، غير أننا يجب أن ننتبه إلى ضرورة إصلاح المشهد الصحفى، فالمؤسسات الصحفية مليئة بالكثير من الكوادر المؤهلة، فضلا عن وجود باحثين من بين أبنائها، لهم اسهاماتهم الجادة فى اصلاح صناعة الصحافة وفق أسس علمية وعملية، ويجب أن يؤخذ كل هذا فى الاعتبار حتى لاتنهار هذه الصروح الصحفية الكبرى.
     إن تطور اليات التحول الرقمى وإمكانيات الإنتاج والعرض التفاعلى وتوقعات واحتياجات التلقى لدى القراء، لا يمكن أن تؤدى إلى اندثار الصحافة الورقية لو تمت إدارتها وفق أسس علمية، فما زالت الصحافة الورقية تشهد انتعاشا كبيرا فى اليابان والسويد والنرويج على سبيل المثال.

      وفى النهاية نحتاج للهدوء والتوازن لتستقيم الامور . فأى دولة تود أن تتقدم لابد من تكاتف كل مؤسساتها فى جبهه واحدة بتوازنات تحقق أهداف السياسات العامة للدولة دون اخلال بالمصلحة العامة وحقوق المواطنين لتحقيق الاستقرار داخليا وخارجيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى