أدبمقال

في رحاب الروحانية

د. محمود رمضان

صعدتُ استنشق هواءً نقياً في رحاب تجليات العشق، فتعلقت روحي بهمس ملائكي يفيض بالطهر والنبل والعطاء والروحانية، كُنتُ منذ لحظات على موعدٍ مع القدر؛ كان التوقيت يشير إلى الثامنة مساءً بالتمام والكمال والأنوار خافتة أحياناً، لكنها تتوهج حيناً في أضواء ذهبية.

ااستهلال الضياء: جاءت من دفء مدينتها في سلام وحياء وبهاء، واستقبلها عقلي بهدوء ومودة وارتاح فكري وتنفست جوارحي الصعداء.
لم تغيرها السنوات التي مرت في لمح البصر كأنها ثانية ضوئية، تبادلنا السلام بالنبضات القلبية عبر تقنيات روحانية دون أي سلام بالأيدي البشرية، وَضعت كل ما احضرته بذكاء وروية.

قالت: هذا فؤادي حديث العهد بالعشق عبارة عن بوتقة دفء، فأرتشف من الفيض الحالم هذا الترياق المعتق بالياسمين والزهور البرية، لا تنسى القبة الخضراء؛ ومآذن الحسن والجمال التي تشع بالأنوار المحمدية (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم).

رحلة عبر بوابة الزمن: كانت لفتة ذكية، لم تدرك إنها وضعت للفؤادِ توقيت جديد اخترعته كي اظل اتذكرها عندما يفوح العبير وسماع صوت الأذان بعزف من قيثارة سماوية.
تحدثنا كثيراً ومر الوقت كأننا كنا في رحلة عبر بوابة الزمن داخل مكوك فضائي عبرنا به مجرات وكواكب من تخلق بعد، وجاورنا الكواكب والنجوم والشهب والأقمار والشموس التي تولد كل صباح وعند الغروب تترك الأرض في دَعة لتسلم أمرها لرب البرية، عُدنا سريعاً للأرض بعد ساعتين من الأزمنة البشرية، ساعتان بمقدار ثمانية عشرة سنة كونية؛ افقنا على العاشرة مساءً من ذلك الحديث الراقي الذي اختصر بعمق تقارب البشر، صار كل فرد فينا يعلم الجانب الروحي في الآخر حتى أنني اصبحت أعرف الكلام قبل أن تحكيه شفاهياً، بل هي تتنظر الإجابات على استفسارات قبل أن تقولها لأنها وصلت لفهمي من شدة الامتزاج الروحي والشفافية الملائكية.

التشظي الجميل: تحدثتْ وتحدثتْ وزاد شوقي لمفرداتها التي تنبع من نفس ذكية، عَبرتْ بكل صدق عن مكنون دافيء يجعل من يغفل عن الحب عاشقاً يهيم في بحور التشظي الجميل لا يريد العودة للأزمنة الشقية، حين تتحدث تجعلك لو أن كل الحواس تسمع وتستحضر ما تبقى منك أو تفتت من كيانك فيما مضى دون أن تعرفها، فهى أنثى .. تختصر كل النساء وبنات حواء ولا حضور للبقية.

هيهات..
هيهات..
وددتُ أن تحظى يدي بالسلام عليها واصافح يدها منذ أن اقبلت ليبقى عطرها هائماً يلامس يدي كلما راودتني ذكراها القوية؛ حان موعد الفراق وحمل كلانا ما معه من أوراق وورود على استعجال، لا أعرف لماذا؟.

في وصفها: خرجنا من الكافية بعد أن فتحت الباب لها هي سيدة مجتمع، أميرة رحابها وهي ممشوقة فتية، عفيفة خمرية، مرفوعة القامة تفيض بالحسن والدلال، وإن شئت قل عنها هذه الصبية الناضجة الواعية بروحها التقية!
ويعجبني فيها الذكاء والتفاني والروحانية؛ تعجلتْ وباغتت الفراق بالسلام باليد، تاه مني جُل ما كنت اتمناه، وهو أن أضع يدي في يدها ونتصافح سوياً، كم حزنت أنني لم تتاح لي الفرصة بالمصافحة حتى العادية، لكنني تصالحت مع روحي بأن قلت ..لا ..لا..هي صافحتني بالنبض حينها، وأنا الذي تعجلت، فوضعتُ موضع نبضي في كف يدها، فيكفيني أنها احست به وهذه هي المصافحة النقية، لكنني سأنتظر في المرة القادمة.

الأمنيات.. وأنتظر..وسأطلب منها بحياء وذكاء أن أرى تعرجات خطوط اليد اليمنى وعندها، أبلغها برغبتي في الإنصراف وأن أصافح يدها كي يظل العطر دهوراً فواحاً ذكياً. فإلى لقاء..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى