أنثى في ساعة الصفر

سليمان دغش | فلسطين

كَفَراشَةِ ليلٍ تَمَلَّكها الضوءُ

فاستَأْنَسَتْ قَمَراً في المساءِ المُباغِتِ

لا مَوْعِدٌ للفَراشَةِ مَعْ هالَةِ الضوءِ

راوَدَها البدْرُ فاشتَعَلتْ نَجمَةٌ

في مَجَرَّةِ سُرَّتِها الغَجَريَّةِ

لا شيءَ يُطفِئُها الآنَ تُدرِكُ

إلّا تَوَحّدها نَجمةً نجمَةً

في جُنونِ أوارِ المَدارِ

كانً ليلي طويلاً طويلاً  كقامَتِها

في احتِفاءِ النّخيلِ على كرنَفالِ أصابِعِها

حينَ مَدّتْ يَداً للسَّلامِ

بِخَمسِ أصابِعَ عَمَّدَها الضوءُ كُلَّ صباحٍ

وصلّى عَليها إلهُ الرّخامِ

فَهمَّ النُعاسُ الخَجولُ على هُدُبٍ مُثقَلٍ بالدُّجى

يَكسِرُ القَلبَ.. يَكسِرُني

كُلَّما رَفَّ هُدْبٌ في لَوْعَةٍ وانكِسارِ

لمْ نَقُلْ أيَّ شيءٍ

فَكُلُّ الكَلام يَتيمٌ على شَهْقَةِ الانبِهارِ

تَرَكنا أصابِعَنا تَتَوَلّى الحِوارَ الخَفِيَّ

فإنَّ الأصابِعَ تُتْقِنُ أكثَرَ مِنّا

فُنونَ طُقوسِ الحِوارِ

لَمْ نَقُلْ أيَّ شيءٍ

لنخدش بَلّورَ هذا المَساء المُكَدَّس

وَرْداً وَوَعْداً على الشُّرُفاتِ

تَمَلَّكَنا الصَّمتُ في ساعَةِ الصِّفْرِ

والصَّمتُ أيْقونَةٌ للكلامِ المُقَدَّسِ سِراً وسِحْراً

فلا تَفْضَحي السِّرَّ خَلفَ احتِمالِ المَرايا

أُ حِبُّ الكَواكِبَ أنْ تَتَجَلّى

رُويداً

رُوَيداً

وَراءَ السّتارِ

آهِ يا امرأةً

تستَحِمُّ الكَواكِبُ في لَيْلِ أجفانِها المُستَبِدِّ

فَكَيْفَ تَجَرّأتَ يا لَيْلُ أنْ تَسْرِقَ الأَسوَدَ السّرمَدِيَّ المُراوِغَ

مثْلَ سُنونُوَةٍ في فَضاءِ غِوايَتِها

كُنْ على حَذَرٍ أيّها الليلُ

سَتَرمي على بَيدَرِ النَّجمِ خِلْخالَها الغَجَرِيَّ

وَتمضي إلى آخِر البَرْقِ في ماءِ سُرَّتِها

مَنْ ترى يوقِفُ الغَيْمَ ساعَةَ البَرْقِ

عَنْ شَهْوَةِ الإنهمارِ

هِيَ أُنثى

تُهَيِّئُ مِشْمِشَها حبّةً حَبَّةً لِسَريرِ الأميرِ الوَثيرِ

وَتَحْلُمُ مِثلَ الأميراتِ أنْ توقِظَ الشّمس

تَحتَ حَرائِرِها في الصّباحِ البَهيِّ

لِكيْ يَستَحِمَّ الأميرُ الوَسيمُ على شُرُفاتِ النّهارِ

فلا الليْلُ يكفي لضوءِ الشُّموعِ

على شَمْعَدانِ أصابِعِها في المَساءِ الشّهيِّ

ولا الشّمسُ تَكفي لِتاجِ الأميرَةِ

يا شَمسُ عفوكِ نامي قليلاً

ليبدأَ مِن كَتِفَيْها احتفاءُ النّهارِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى