لماذا لم يؤبن نتنياهو هذا الأديب اليساري؟
توفيق أبو شومر | فلسطين
لماذا لم يُؤبِّن نتنياهو الشاعر والكاتب والقاص، يونثان غيفن الذي توفي يوم 19-4-2023م عن عمر بلغ ستة وسبعين عاما؟!
سؤالٌ لم يُجب عنه نتنياهو شخصيا، غير أن أحد أتباع نتنياهو أجاب عنه في الإعلام الإسرائيلي يوم 22-4-2023م!
أولا من هو يونثان غيفن؟ هو أحد أبرز أساطير الثقافة والفن في إسرائيل، فهو شاعر وكاتب أغانٍ وقصص للأطفال، وفي الوقت نفسه هو صحفي بارز، وهو أحد أبرز محرري كتاب (التقصير) أو الفشل بعد حرب رمضان عام 1973، الكتاب أخرجه عددٌ من الصحفيين الإسرائيليين، وقد مُنع توزيع الكتاب في إسرائيل، لأنه رصد فشل الجيش، مع العلم أن زوجة يونثان غيفن هي شقيقة، وزير الجيش الأسبق، موشيه دايان!
صنَّفَ الإسرائيليون اليمينيون يونثان غيفن بأن يساري متطرف، لأنه كان من أشد المعارضين لسياسة الاحتلال الإسرائيلي شبَّه الاحتلالَ بالنازية، وهو ناقد لكل أنصار اليمينيين الحارديم، هو معجبٌ بأحمد الطيبي، كتب قصيدة عنه شبهه فيها بالملك داود قاتل الطاغية جالوت، وهو أيضا كتب قصيدة عن، عهد التميمي الفلسطينية التي صفعت الجندي الإسرائيلي في شهر ديسمبر 2017م، شبهها بأسطورة فرنسا في القرن الخامس عشر، جان دارك وشبهها بالطفلة اليهودية الأسطورة، أنَّا فرانك!
قال في قصيدة عنها: “عهد التميمي هي جون دارك، وأنا فرانك، صَفْعتُها على وجه جندي الاحتلال تحكي قصة خمسين سنة من الإذلال”
طالب، وزير الجيش السابق، أفيغدور ليبرمان بمنع كل أغانيه من النشر في راديو الجيش، ثم قالت، وزيرة الثقافة والرياضة السابقة، ميري ريغف: ” أنصحك يا ياغيفن أن تكتب شعرا وأغاني، ولكن بدون شعار الحرية لفلسطين، ليست عهد التميمي طفلة في روضة، بل هي مجرمة تدعو للإرهاب، يجب سجنها”!
طرق بابه أحدُ اليمينيين المتطرفين في شهر مارس 2015، وعندما فتح يونثان الباب لكمه العنصري المتطرف ثم طرحه أرضا، وألقى عليه البيض وهو يصرخ: “أيها اليساري القاتل الخائن”
يُرجع المحللون سبب هذه الحادثة إلى دعوة يونثان غيفن اعتبار يوم استقلال إسرائيل نكبةٍ للفلسطينيين ولمعسكر السلام!
قال، أفيف غيفن ابن يونثان وهو مغنٍ مشهورُ بعد الاعتداء على والده: “من السهل أن تؤذوا شخصا وتضربوه، ولكن من الصعب عليكم أن تقتلوا الفكرة”!
أجاب، الليكودي ميكي زوهر عن سبب عدم تأبين نتنياهو للفقيد الشاعر قال:
“لم يؤبِّن نتنياهو يونثان غيفن لأن غيفن قال للقناة 12: “قُتل (يوني) أخو نتنياهو في عملية مطار عنتيبي الأوغندي عام 1976م قُتل خطأ”!! أي كان من الأفضل أن يُقتل نتنياهو نفسُه ليتخلص منه الإسرائيليون، وألا يُقتل أخوه (يوني)!
حاولتُ أن أخصص المقال عن هذا الكاتب، لأنني ما أزال أسمعُ القولَ الذي يتردد بكثرة على ألسنة المعلقين والمثقفين، وهو إن الإسرائيليين كلهم، بلا استثناء عملة واحدة وإن اختلف الوجهان، مع العلم أن هناك فرقا بين التطبيع بمفهوم إزالة الحواجز التجارية والاقتصادية والسياسية، أي تبرئة إسرائيل من عنصرية الاحتلال، وبين دراسة المجتمع الإسرائيل، والتواصل مع فسيفساء المجتمع المختلفة، إن تبرئة إسرائيل من جرائمها هو التطبيع!
إنَّ دراسة المجتمع الإسرائيلي مطلبٌ وطني رئيس، ينبغي وضعه في أولويات الاستراتيجيات الوطنية، وأن تُكرَّس له الأبحاثُ الجامعية والأكاديمية في وطننا العربي كله، وبخاصة في فلسطين!
من العيب أن نبقى، نحن الفلسطينيين، الأقرب لهذه الفسيفساء، غير أننا ما نزال الأقل تأثيرا في معرفة الإسرائيليين والتغلغل في نسيجهم، للأسف!