مقال

تاريخ الموسيقى والعلاج بالفن

"الفن يغسل من الروح غبار الحياة اليومية." - بابلو بيكاسو

الفنانة التشكيلية _ سارة نصار | القاهرة

أول استخدامات للفن

الفن في الحضارات القديم

كان للفن أيضًا دور مهم في تطور وحياة الناس الذين عاشوا في الحضارات القديمة.  في مصر القديمة ، على سبيل المثال ، غالبًا ما كان الفن يستخدم لأغراض دينية وللتصوير الرمزي لجوانب مختلفة من الحياة الآخرة

 (  أدرك أفلاطون ، أحد أعظم الفلاسفة ، أهمية الفن.  ، كان الفن مفيدًا في التأثير على المشاعر البشرية.  الفن ، إلا أنه لا يزال يعتبر شكلاً هامًا من أشكال التعبير في العديد من المجتمعات القديمة

الفن هو شكل طويل الأمد ومتعدد الثقافات للتعبير والتواصل يحمل العديد من الصفات العلاجية (باكارد ، 1980).  تأتي أقدم أشكال الفن من لوحات الكهوف التي تعود إلى العصر الحجري القديم.  في الواقع ، بينما يجد علماء الآثار ويجمعون المزيد من الأدلة والمواقع الجديدة ، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن إنسان نياندرتال قد أنشأ علامات بأشكال وأحجام مختلفة على جدران الكهوف – أقدم أشكال الفن (ثان ، 2012).  وفقًا لباكارد (1980) ، ربما استخدم البشر في هذه الفترة الزمنية الفن لإعداد الصيادين نفسياً لرحلات الصيد الطويلة والخطيرة.  صورت هذه اللوحات آمال ورغبات الصياد ومثلت قرابين رمزية لآلهتهم.  هناك أيضًا أدلة تشير إلى أن الفن في العصر الحجري القديم كان له أغراض عديدة تشمل الدين والروايات والأساطير والرسائل والألعاب (Bahn ، 1996).  في النهاية ، ما بدأ على أنه تلبية لحاجة الإنسان للخلق تطور إلى ما نعتبره ضروريًا في بعض الأحيان عندما لا تكون الكلمات كافية لتسهيل مشاعرنا وعواطفنا الداخلية بشكل صحيح

السر النفسي وراء تلاعب الموسيقى بمشاعرنا

 فريدريك نيتشه

“دون موسيقى ستكون الحياة غلطة”

لماذا تثير الموسيقى انتباهنا ومشاعرنا إلى تلك الدرجة؟ إن طفلا في الشهور الأولى من عمره سوف يستجيب للموسيقى كشخص كبير، سوف يتأهب ويتراقص مع بعضها، ثم مع البعض الآخر الحزين منها سيركن إلى كتفي أمه

سر الموسيقى

 تصوّر(2) فريدريك نيتشه، الفيلسوف الألماني الأشهر، في كتابه “مولد التراجيديا”، أن الموسيقى هي شرط ترانسندالي سابق للغة، كذلك ربطها بما تعنيه “الإرادة”، بل ووضعها كصورة بدائية من وجودنا ذاته، وبذلك يكون التعرف إلى الموسيقى، بالنسبة لنيتشه، والتعرّف بها إلى العالم، هو تعرّف إلى ذواتنا، تكميل لها!

تاريخ الفلسفة حافل بتأملات كثيرة حول الموسيقى، بداية من فيثاغورث الذي يُقال إن بداياته مع الرياضيات كانت عبر تأمل الموسيقى وانتظامها، إلى أفلاطون(3) “الموسيقى هي قانون أخلاقي”، مرورا بكانط الذي اعتبر أن جمال الموسيقى مرتبط بجمال تركيبها نفسه، حتى نصل إلى شوبنهاور الذي اعتقد أن الموسيقى(4) “أكثر اختراقا لذواتنا من كل الفنون الأخرى، لأن كل تلك الفنون تخاطب الظلال فقط، بينما تخاطب الموسيقى الجوهر”، ربما هنا يجب أن نوضح أن الموسيقى قد لعبت دورا خاصا في التاريخ الروحي(5) للشعب الألماني، وكانت أشبه بتعزية له عمّا سمّاه كارل ماركس “البؤس الألماني”!

ترجع بدايات البحث خلف العلاقة بين الموسيقى والاستثارة العاطفية -بكل أشكالها- إلى المؤلف الموسيقي، والفيلسوف، وأحد واضعي نظرية الجمال في الموسيقى، ليونارد ماير(6) (Leonard B. Meyer)، خلال كتابه المنشور بالخمسينيات من القرن الفائت “العاطفة والمعنى في الموسيقى” (Emotion and meaning in music)، والذي استخدم تقنيات من علم النفس الجشطلتي، نظرية المعلومات، والألفة المسبقة مع أنواع محددة من الموسيقى، لتفسير تلك العلاقة

العلاج بالفن والموسيقى 

العلاج بالفن هو أحد مداخل العلاج النفسي وتقوم فكرته بشكل أساسي على اتباع نمط الفن مثل الموسيقى أو الرسم أو النحت او السيكودراما.

ذلك من أجل إخراج الطاقات السلبية الكامنة داخل المريض فيستطيع الانسان تفريع ما بداخله من خوف او الم او غضب ومن ثم تحسين حالته البدنية والعقلية والعاطفية.

بدأ العلاج بالفن كمهنة في منتصف القرن 20، والذي نشأ بشكل مستقل في الدول الناطقة بالإنجليزية والدول الأوروبية.

اعترف معالجو الفن الاوائل بان تأثير علم الجمال والطب النفسي والتحليل النفسي والتأهيل والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة والتربية الفنية بدرجات متفاوتة على ممارساتهم.

اطلق الفنان البريطاني أدريان هيل مصطلح العلاج بالفن في عام 1942.

اكتشف هيل الفوائد العلاجية للرسم والتلوين في فترة نقاهته عندما كان يتعافى من مرض السل في المصحة .

اقترح العمل الفني لزملائه المرضى وبدا عمله -العلاج بالفن-.

والذي تم توثيقه في عام 1945 في كتابه الفن ضد المرض كما استخدمت الموسيقى كعلاج منذ قرون فكان يمارس في العصور القديمة لطرد الأرواح الشريرة .

كما أشار أسقليبيوس إلى استخدام الموسيقى في علاج أمراض العقل، الموسيقى كذلك استخدمت كعلاج في المعابد المصرية.

أفلاطون قال أن الموسيقى يمكن أن تؤثر على العواطف وبالتالي يمكن أن تؤثر على طبيعة الفرد .

أما أرسطو فقد اعتقد أن الموسيقى تؤثر على الروح ووصف الموسيقى كقوة تطهر المشاعر.

كورنيليوس استخدم صوت الصنج النحاسي والماء لعلاج الاضطرابات.

من أشكال هذا العلاج:

(العلاج بالموسيقى) : أحد أقدم أنواع العلاج الموجود في العالم حيث تعمل الموسيقى على تحفيز العقل والجسد على

الاسترخاء أو استحضار مشاعر وأفكار معينة والمساهمة في مواجهتها.

يقوم المعالج في بعض الجلسات بعزف الموسيقى للمريض، وقد يقوم المعالج بتعليم متلقي العلاج كيفية العزف على الة ما

ومن الحالات الطبية التي يمكن علاجها بالموسيقى

تخفيف أعراض مرض التوحد

أظهرت احدى التجارب أن مرضى التوحد يتفاعلون بنسبة كبيرة مع الموسيقى فقد يساعدهم الاستماع إلى الأغاني والموسيقى

على تطوير بعض المهارات اللفظية أو الفعلية ومساعدتهم على تنمية إدراكهم.

تحسين نمط الحياة لمرضى الخرف

تعد الموسيقى إحدى الوسائل التفاعلية مع مرضى الخرف، فالعلاج بالموسيقى يساعدهم على استحضار بعض الذكريات والمواقف والمشاعر.

ويقلل من شعورهم بالضيق والتوتر ويرمم الفجوة بينهم وبين الناس حيث تساعدهم على التواصل بطرق أسهل.

تأثيرها في العمليات

تساعد الموسيقى في العمليات الصعبة والخطيرة مثل: تصوير أوعية القلب، أو جراحة الركبة.

فكانت نتائج تجربة اجريت على عدد من المرضى أن المريض الذي استمع للموسيقى قبل دخول غرفة العمليات كان أكثر هدوءًا وأقل توترًا من باقي المرضى.

والمريض الذي استمع إلى الموسيقى داخل غرفة العمليات كان مسترخيًا، ولم يكن بحاجة إلى جرعات عالية من التخدير.

والذي استمع إلى الموسيقى بعد إجراء العملية لم يكن بحاجة إلى الكثير من مسكنات الألم القوية.

  • استعادة النطق

يستعين الأطباء بالموسيقى حتى يبدأ الجانب الأيمن من المخ بالتنبه للموسيقى والكلمات.

ويبدأ في محاولة إرسال إشارة إلى الجزء الأيسر منه، والذي يرسل بدوره إشارات للسان للغناء والتفاعل مع الموسيقى

  • تقليل الاثار الجانبية لعلاج السرطان

يقلل الاستماع إلى الموسيقى التوتر والقلق الناتج عن العلاج الكيميائي والعلاج بالإشعاع وتساعد في تهدئة الجسم والتخفيف من الاثار الجانبية لعلاج السرطان، مثل: الشعور بالقيء والغثيان.وايضا من المشاكل والأمراض التي يمكن علاجها بالفن المرضى المصابين بصدمة الاطفال فقد تم تخفيف أعراض الاضطراب الشديدة الحادة للأطفال الذين تلقوا تدخل العلاج بالفن .

اضافة لعلاج اضطرابات الأكل ويمكن استخدام العلاج بالفن لمساعدة الأطفال المعرضين للخطر

.

قوة الالحان

تؤثر الموسيقى على جميع مستويات الدماغ البشري، لأنها تلامس عواطفنا بشكل مباشر. فللموسيقى تأثير على الأجنة وتصل إلى أعمق نقطة فينا وتساعدنا على تعزيز طاقاتنا. الموسيقى يمكن أن تساعدنا على تحقيق حياة أكثر صحة وسعادة.

يبحث عالما الأعصاب بيتر فوست وشتيفان كولش في سر الإيقاعات والألحان. فهما يفحصان وظيفة عقلنا وتطوره. يقول شتيفان كولش من جامعة بيرغن في النرويج إن الموسيقى بإمكانها تنشيط قوى شفاء موجودة في الجسم على نحو أفضل من الأدوية الطبية أما بيتر فوست من معهد الدماغ في آرهوس بالدنمارك، فاكتشف أن للموسيقى تأثير خاص على دماغنا ويفسر سبب عدم قدرتنا على الجلوس هادئين عند سماع بعض الأغاني. عند ممارسة الرياضة تساعدنا الإيقاعات الموسيقية في الوصول إلى لياقة عالية. أما توم فريتز من معهد ماكس بلانك في لايبزيغ فيرى أننا نصبح أكثر قوة إذا ألفنا ألحانا موسيقية أثناء التدريبات. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى