كبوة الشيخ ممدوح عامر !
بقلم: علي جبار عطية| رئيس تحرير جريدة أورك العراقية
ضجت مواقع التواصل مؤخراً بمقطع فيديو مدته ٢٧ ثانية يظهر فيه القارىء الشيخ ممدوح عامر في حفل زفاف شقيقه الأصغر، وهو يردد مقطعاً لأغنية (ودارت الأيام) لأم كلثوم مع حركات راقصة.
مقطع الفيديو المذكورعلى قصره يشير إلى النقمة التي سببتها لنا التكنولوجيا والشبكة العنكبوتية التي سلبت الإنسان خصوصيته، وهي أعز ما عنده !
هذا الحدث كان قصة إخبارية لعددٍ من الفضائيات منها (العربية)، و(صدى البلد)، و(النهار) فضلاً عن الصحف الإلكترونية ومنها (المصري اليوم) .
الضجة هذه لم تقتصر على الجهات الإعلامية والشعبية بل شاركت فيها (نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم) في مصر، وهي الجهة التي تشرف على قراء القرآن، وتنظم عملهم، ويبلغ عدد المنضمّين لها أكثر من عشرة آلاف عضو( علماً أنَّ القارىء ممدوح عامر ليس عضواً فيها) فقد قالت النقابة في بيان لها: كان الأولى بالقارىء أن يحترم القرآن الكريم الذي يتعايش منه، والذي جعل له اسماً بين الناس، ولكن للأسف الشديد لم يفعل ذلك، وإنَّما هبط إلى مستوى متدنٍ لا يليق بأهل القرآن، والنقابة سوف تقوم بما تراه مناسباً تجاه هذا الموضوع.
وقد سبق للنقابة أن أوقفت قارئاً لمدة سنة عن القراءة بسبب حركات غير لائقة صدرت منه، وهو مندمج مع تلاوة له تفاعل معها أحد الحاضرين بصورة مبالغ فيها !
كما استنكر الشيخ محمد صالح حشاد، نقيب قراء الجمهورية، وشيخ عموم المقارىء المصرية، الفيديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي للقارىء ممدوح عامر، وهو يرقص ويتمايل ويغني .
وقال نقيب القراء خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية عزة مصطفى ببرنامج (صالة التحرير) على قناة (صدى البلد) ، إنَّه على قدر احترام الناس للعلماء والقراء يجب أن يكون هذا الاحترام متبادلاً تجاه الناس.
وأبدى تعجبه مما فعله الشيخ ممدوح عامر، مشيراً إلى أنَّه لا يليق بأن يقوم قارىء للقرآن ومعمم بمثل هذه التصرفات، مضيفا أن الناس تقدره وتحترمه على أنه حامل لكتاب الله والناس وجدوه في مشهد لا يليق ويغني لأم كلثوم في الفرح.
مؤكداً أنَّ الغناء يتنافى مع احترام الناس للعلماء والقراء والجلباب الأزهري والعمامة.
الغريب أنَّ القارىء ممدوح عامر دافع عما فعله بأنَّه إنسان حر وأب وأخ، وأنَّه لا يعلم شيئاً عن الفيديو المتداول على السوشيال ميديا الذي بثه أحد الحاضرين لحفل زفاف شقيقه الأصغر،لكنَّه اعتذر لمريديه ومتابعيه.
وقال : فوجئت بوابل من الاتصالات الهاتفية، وحين سئل لو دعي إلى حفل زفاف فهل يكرر الفعل نفسه أجاب بنعم لأنَّ من حقه أن يفرح !
مضيفاً : نقابة القراء لها حق في كل ما تقوله عن هيبة القارىء ، لكن أرفض أن ينال مني أحد لأننا في النهاية بشر، أنا لم أرتد الملابس الأزهرية في الفرح، وكنت في بيتي وسط أسرتي.
وفي مداخلة هاتفية عبر قناة (صدى البلد) قال ممدوح عامر :إنَّ الشخص الكفيف عادة ما يكون أكثر عاطفية من غيره، ويتأثر بالمحيط به من إيجابيات وسلبيات بصورة أكبر من الآخرين.
لم تغبِ الأضواء يوماً عن القارىء ممدوح عامر فقد سُلطت عليه منذ ولادته في قرية الحلاوجة بمحافظة البحيرة سنة ١٩٨٧ كفيفَ البصر لكنَّ الله عز وجل وهبه صوتاً ملائكياً وقابلية فذة على الحفظ حتى وُصف بمعجزة مصر، وقد حفظ القرآن الكريم وهو في سن الخامسة والنصف في مدة ١٦ شهراً فقط، ونال تكريم رئاسة الجمهورية في سن السابعة
والتحق بالصف الثالث الابتدائي مباشرة بقرار من شيخ الجامع الأزهر جاد الحق علي جاد الحق.
التحق بمعهد قراءات دمنهور وكان الأول في المراحل الدراسية الثلاث في التجويد وعالية القراءات، وتخصص القراءات،
وعلوم القرآن، ثم التحق بكلية علوم القرآن وتخرج فيها .
كما حظي برعاية خاصة من الشيخ محمد متولي الشعراوي وهو في سن السابعة بأن جعله ضيَّفاً مقيماً في منزله إكراماً له، وحاز على عدة تكريمات المحلية والدولية خلال أكثر من ربع قرن.
يتميز صوته بالعذوبة والرقة ودفء الأجواء الروحانية والإيمانية حتى لقب بـ(فاكهة قراء القرآن الكريم).
وتعد طريقته في التلاوة والإنشاد امتداداً لمدرسة شيوخ القراء مصطفى إسماعيل، ومحمد صديق المنشاوي، وعبد الباسط عبد الصمد، وهو المنادي بعودة قراء مصر إلى صدارة القراءة القرآنية بوصف مصر دولة التلاوة في العالم الإسلامي بعد بروز قراء مميزين من دول الخليج والعراق وإيران.
ومن آرائه أنَّ قراءة القرآن الكريم هي فى الأساس موهبة وقبول من عند الله سبحانه وتعالى، ولا تحتاج إلى وسيط بين القارىء والمستمعين، وأنَّنا عندما نتكلم عن قراءة القرآن الكريم فنحن نتحدث عن عظمة الله سبحانه وتعالى لأن هؤلاء القراء يتحدثون بلسان الله عز وجل فقارىء القرآن الكريم هو كالفنان لا يكفي أن يكون له صوت جميل فقط بل لابدَّ أن يتمتع بالموهبة الحقيقية والاحساس الصادق بما يقوله .
ومن التفاتاته اللطيفة أنَّه يرى أنَّ وباء كورونا رسالة من الله سبحانه وتعالى للتأكيد على معنى واحد وهو أنَّ الإنسان قد خلق ضعيفاً !
هل يندرج تصرف القارىء الشيخ ممدوح عامر في حفل الزفاف تحت المثل الذي يقول :(لكل جواد كبوة)؟
أم أنَّ بث هذا المقطع والضجة التي رافقته تأتي في إطار حملة تسقيط لرموز دينية رداً على رفضهم للتوجه الداعم للعلاقات المثلية الشاذة ؟