يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟!
د. أحمد الطباخ
جملة نورانية لا يقولها إلا من كان أشبع القرآن كيانه، وسيطر على لبه، وجعله يعيش حالة إيمانية لاتفارقه، ولما لا؟ والقرآن الكريم هو كلام رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين، فنقله إلى أصحابه، فغير حالهم، ورفع شأنهم، وخلد ذكرهم وجمع كلمتهم؛ فكانوا جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، فهو حياة القلوب وشفاء الصدور وراحة الأبدان .
كان مالك بن دينار رحمه الله يقول: ما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله تعالى الذي يضفي على الوجه نورا، وعلى النفس سكينة وراحة، وعلى القلب طمأنينة، وعلى الجوارح انقيادا واستسلاما؛ فيؤتي ثماره اليانعة عندما يقرأ بخشوع وخضوع لرب العالمين، فهو ربيع القلوب التي تورق جمالا وفضلا؛ لذلك قال مالك بن دينار هذا الكلام الرائع عندما نادى على حملة القرآن فقال: يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟، فإن القرآن ربيع المؤمن، كما أن الغيث ربيع الأرض، وقد ينزل الغيث من السماء إلى الأرض، فيصيب الحش فيكون فيه الحبة، فلا يمنعها نثن موضعها أن تهتز وتخضر وتحسن.
فيا حملة القران ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟، أين أصحاب سورة..؟، أين أصحاب سورتين؟، ماذا عملتم فيهما، فالله لم ينزل القرآن إلا للعمل والتطبيق، وليس للقراءة والبركة والتكسب من وراء قراءاته بالملايين دون أن يقوم هؤلاء بدورهم من أدائهم لتلك الأمانة، حيث قال رسول الله صلى عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية، والبلاغ يعني أن يترك المبلغ أثرا ملموسا فيمن بلغ لو كان صادقا في بلاغه سيؤثر بلا شك فيمن يسمع، فقد أثر القرآن في الناس تأثيرا ملموسا عندما خرج من الحناجر الصادقة والقلوب العارفة، ولا يمكن لأحد أن ينسى أثر القراء العظام من أمثال: الشيخ رفعت والمنشاوي والحصري والبنا …… وغيرهم ممن أسلم على أيديهم خلق عظيم، وما زال أثرهم يترى علينا إلى يومنا هذا؛ لصدق مشاعرهم وإخلاص نياتهم لله رب العالمين.