تاريخ

الآن في المكتبات.. العمارة العربية الإسلامية الفكر المعماري العربي الإسلامي

تأليف الدكتور المهندس بديع العابد

عالم الثقافة | القاهرة
الكتاب من إصدارات وزارة الثقافة وهو معني بجمع وصياغة مفاهيم الفكر المعماري العربي والعربي الإسلامي،من المصادر العربية والإسلامية،في منظومة فكرية.ويتكون من أحد عشر فصلاً، تتصدرها مقدمة، ويعقبها خلاصة، امتدت على مدى 534 صفحة؛ توثق مفاهيم ومبادئ الفكر المعماري العربي الإسلامي.

     انتهج فيه المؤلف الدكتور بزيع العابد منهجا استقرائياً شمولياً صارماً؛ وملتزماً بمبادئ ورؤى فلسفة التاريخ العربي والإسلامي،رابطاً بينها وبين منهجيات تفسير وممارسة العمارة العربية الإسلامية.


تحرى الكتاب البداية الزمنية للفكر المعماري العربي في حضارات اسلافنا في العراق ومصر، التي تشكل مرحلة العروبة غير الصريحة في التاريخ العربي، وبين عدم إمكانية تحديد بداية للفكر المعماري في هذه الحضارات، لأنها وصلت إلينا آثاراً وليس إرثاً؛ وذلك بسبب الاحتلال المتعاقب لليونان والفرس والرومان للوطن العربي.
فقد تحرى الكتاب البداية في الجاهلية، التي تمثل مرحلة العروبة الصريحة قبل الإسلام في التاريخ العربي، التي دونها ووثقها الشعر الجاهلي؛ والتي ارتقى بها القرآن الكريم من بداية واعية إلى بداية أكثر وعياً، ومن مشروع فكري تحت التأسيس إلى مشروع فكري قيد التأسيس؛ ترك أمر تفصيلها وتأطيرها نظرياً للفقهاء والمفكرين العرب والمسلمين الذين شكلوا عناصر الفكر المعماري وارتقوا به إلى مرحلة تكوينه كظاهرة علمية ومنظومة فكرية تحكم ممارسة العمارة.
   ثم عرض الكتاب لمفهوم البداية وبين أنها: مشروع فكري تحت التأسيس؛ تتضمن معنيين: تاريخي وبنائي فالأول ينتهي لحظة تسجيلها (البداية) زمنياً، ليترك حرية المسار للمعنى البنائي، الذي يبين ويوثق مرحلة التشكل، التي بدورها تنتهي إلى مرحلة تكوين المشروع الفكري. فحدد الكتاب مصدرا واحدا لتفسير الفكر المعماري العربي في الجاهليةهو الشعر الجاهلي. وحدد ستة مصادر لتفسير الفكر المعماري العربي الإسلامي وهي: الديني، الأدبي، الجغرافي، التاريخي، العلمي، والمعماري. وبين الكتاب إسهام كل مصدر من المصادر الخمسة الأولى في تشكيل بنية الفكر المعماري العربي الإسلامي، التي أوصلته، بدورها، إلى مرحلة تكوينه في المصدر السادس، الذي عرض للمؤلفات المعمارية المتكاملة والمستقلة عن المصادر السابقة.
      وبين الكتاب أن الفكر المعماري حوى نظرية وممارسة؛ أو إطارين الأول خاص بدراسة وتفسير الظاهرة المعمارية والثاني بممارستها. ولتحقيق ذلك تحرى الكتاب الجزئيات المشكلة للفكر المعماري وتعقبها في مختلف المصادر، فجمعها وحللها وأعاد تصنيفها وتوظيفها معمارياً، ووصل بها إلى منظومة فكرية معمارية محكمة التكوين ومكتملة البناء؛ ملتزماً بالنظامين: العَقَدِّيْ والعقائدي المعرفي للحضارة العربية الإسلامية، وبفلسفة التاريخ الإسلامي.

أي بالمسار الذي رسم حدوده المصدر الديني، فهي تكمل بعضها بعضاً، مما يؤكد وحدة هذا الفكر وتماسكه. كما بين الكتاب أن مرحلة التشكل أتاحت التعرف على الفكر المعماري من خارجه، فبينت موجبات وجوده وصفاته وخصائصه، وشكل بنيته؛ بينما مرحلة التكوين (المصدر المعماري) أتاحت التعرف على الفكر المعماري من داخله، أي من نظام العلاقات فيه، القابلة للنقد والتحليل، والمقابلة والمعارضة والإضافة.
والكتاب يتميز عن غيره من المؤلفات المعمارية، بانه متفرد في موضوعه، وعرضه، وطروحاته. فهو نتاج قناعات عقدية وعقائدية معرفية، والتزام مطلق بالثقافة العربية الإسلامية وبفلسفة تاريخها.
  والكتاب مثال على الشمولية فالفصول السبعة الأولى عرضت لجميع أسس، ومبادئ، ومفاهيم، وقواعد، وأحكام، ومنهجيات وطرق تصميم، والنسب والمقياس الإنساني. كما عرض لأسس نظرية التصميم المعماري المتكامل، كالوظيفية، والمتانة، والأمان، والخصوصية، والتصميم البيئي والجمالي، والألوان ودورها في عملية الادراك. والقواعد والبيانات الفنية للتصميم المعماري: كالإنشاء، والتحكم البيئي، والمتطلبات الاجتماعية والنفسية للمستعملين، وحقوق الارتفاق، ونفي الضرر، وتشريح البيت(برنامج التصميم)، ومنهجيات الممارسات العملية(التصميم)، وأنماط المباني، وبيانات التصميم؛ والمواصفات، والصنائع، وتقانات البناء، وحساب الكميات،والهندسة، والمساحة، وأحكام البنيان (أنظمة وتشريعة البناء)، والحسبة (الإشراف والرقابة البادية).
كما شملت الفصول السبعة الأولى أساليب تفسير العمارة، وحضورها الاجتماعي والثقافي والفكري، وتشابكها المعرفي مع ظواهر ومباحث الثقافة العربية الإسلامية. كما بينت أصالة العمارة العربية الإسلامية، وحضور الظاهرة المعمارية في الظواهر والمنظومات المعرفية الأخرى، وفي الوجدان الجمعي الشعبي، وبينت دورها في تشكيل بعض الظواهر الحضارية والمنظومات المعرفية في الحضارة العربية الإسلامية، وتاريخ العمارة، والآثار.
   وخلصت الدراسة في هذه الفصول أن هذه المفاهيم، شكلت وكونت مجتمعة، الفكر المعماري العربي الإسلامي. وبينت أصالة العمارة العربية الإسلامية، وفندت دعاوى ومنهجيات الإستشراق في تفسير العمارة العربية الإسلامية القائمة على المنهج الوصفي والتحليل الشكلي، وتكريس تبعيتها للعمارتين البيزنطية والفارسية.
   كما تناولت الفصول السبعة الأولى: أسس ومبادئ ومفاهيم التخطيط العمراني كشروط اختيار مواقع المدن: الأمنية، والبيئية، والصحية، والاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية؛ ونظرية التخطيط العمراني المتكامل الشبيه بآلية عمل الجسد، وبينت الهيكل التنظيمي للمدينة، ونسيجها العمراني وعناصرها الحضرية، وتراتبية الإدارة وطبيعتها في المدينة، وتركيبة السكان وأنشطتهم اليومية، وحركية المدينة، والحياة الاقتصادية ومصادرها. وكذلك دور القرار السياسي في عملية التخطيط العمراني، كما تناول المؤسسات السياسية والإدارية المناط بها إدارة المدن.
وأما الفصول الأربعة الأخيرة، فعرضت لواقع حال العمارة الإسلامية ولفكرها المعماري، أثناء تراجع الحضارة الإسلامية. كما شخصت واقعها المعاصر فعرضت لحضورها وانحسارها، وتأثيرها وتأثرها، كما عرضت لبيان سبل استعادة حضورها وتوظيف فكرها في المناهج الدراسية بكليات العمارة، وفي الممارسات العملية. فتناولت جذورها الممثلة بعمارة أسلافنا، وبينت ارتباطها بهذه الجذور وتأثيرها على العمارة اليونانية والبيزنطية والفارسية. كما تناولت تأثير العمارة العربية الإسلامية على العمارة الأوروبية، قديماً وحديثاً، نظرياً وعملياً، فبينت الأفكار، والنظريات، والنظم، التي نقلها المعماريون الأوروبيون عن المعماريين والعلماء العرب، كأسس رسم المنظور، والمقياس الإنساني، والنسب، والزخارف. وبينت تأثير التخطيط العمراني للمدن العربية على المدن الأوروبية، وبصفة خاصة تخطيط مدينة القدس. كما بينت أسباب انحسار العمارة العربية الإسلامية، وتأثير العمارة الغربية عليها كما عنيت ببيان دور الجامعات العربية في انحسار العمارة العربية الإسلامية، وكيف عملت الجامعات العربية على تغييب الفكر المعماري العربي الإسلامي واستبداله بالفكر المعماري الغربي؛ مما عمل على مأسسة تبعية العمارة العربية الإسلامية للعمارة الغربية. واقترحت هذه الفصول آلية لاستعادة وعينا المستلب وتوظيف الفكر المعماري العربي الإسلامي في المناهج الدراسية في الجامعات العربية والإسلامية.
وبالجملة فإن هذا الكتاب حوى كل مفاهيم الفكر المعماري العربي الإسلامي؛ وخلص من كل ما تقدم عرضه، وسبق ذكره، إلى أن الفكر المعماري العربي الإسلامي، بشمولية محتواه وإمكانات أداته، وآلية إنتاجه، وحضوره في ظواهر الثقافة لإسلامية: فكر شامل في موضوعاته، مستقل بذاته، محصن بقدراته، يستوعب المستجدات الفكرية والفلسفية والتقانية. وهو الأقدم زمنياً والأعمق معرفياً من أي فكر معماري آخر، له حضوره المعاصر بالرغم من محاولات تغييبه، ولكن ينقصه الاعتراف، ويعوزه التوظيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى