قلب تقاطر دم
شعر: بسام اليافعي | اليمن
سافرتُ وحدي وقلبي لا يطاوعُه
هَجْرُ الأحبة فاختارَ البقا مُرْغم
***
وسرتُ أعمى يقودُ الحزنُ خطوتَه
حافي الشعورِ عليلَ النبضِ بل أسقم
***
ذنبُ افتقاري إذا ما الدمعُ أفقدني
رؤيا الطريقِ وأعمى أعْيُنِي ألجم
***
وَعَبِّدَ التَيْهَ قبلي ثم أجبرني
أنْ أسحقَ الآهَ تحتي واقعي الأظلم
***
أنْ أمتطي الجرحَ جسرا والأسى قدرا
من أجلهم وضلوعي في اللظى تُضْرَم
***
أمشي وأغرس طولَ الدربِ من كبدي
مُقَلاً لأبقى عليها قُرْبَهم أنْعَم
***
لا الخطو يحملُ حالي بل يجرجِرُها
كما يُجَرُّ إلى الحتفِ الذي يُعْدَم
***
تُغالِبُ السَيْرَ كالممسوسِ ما قلبتْ
قَدَمَاً على الأرضِ إلا عاقها المَقْدَم
***
لا الصحبُ أَعْذَرَتِ الأقْدَامَ إذ عثرتْ
ولا الطريقُ على أثقالها ترحم
***
كأنَّها قبلَ هذا اليوم ما حملتْ
بَشَرَاّ عليها ولا لَوَّوْا لها مِعْصَم
***
ولم يَمُرَّ عليها مُوْجَعٌ كَلِفٌ
ولاجرى فوقها يوما أسى مُغْتَم
***
واغربتاه..كهذا اليوم ما شَهِدَتْ
عيني ولا عاشَ قبلي مثلَه آدم
***
تَغَرَّبَ الكلُ فيه عن مُناصرتي
فاسْتَفْرَدَ الحزنُ فيه بالحيا والغم
***
حتى الصباحُ بلا إِصباح طلْعتُه
ثَكْلَى تصارعُ إحساسَ الأسى المُبْهَم
***
والشمسُ في وجهها المُصْفَرِّ شاحبةً
تَهْوِي الى الأرضِ من بُرْجِ الدُجى الأعتم
***
وَجْهاً لوجهٍ وقفْنا والحياةُ على
مَضَضٍ تُوَدِّعُ فيها قَبْلنا الموسم
***
أبدى كِلانا شموخا فوق طاقته
حتى نغطيَ مافينا من المأتم
***
أبدى كلانا لِيُلْهِي ضَعْفَ صاحبه
فوق الهشاشة إِكبار الذي استعظم
***
تَحَامَلا كالذي من كَفِه نفدتْ
كل الخيارات فاستقوى بصوت الهم
***
قاما على عَجَلٍ في شبه هلوسةٍ
والعينُ تسبقُ في جريانها المَبْسَم
***
تعانقا ليقولا كلَ ما عجزتْ
عنه الحروفُ ولم يجدا له مُعْجَم
***
تعانقا فأذابا الكونَ بينهُما
قُبَلاً . وكلٌ لصاحبِه بها أقْسَم
***
تقاسما بالتساوي كل مَسْغَبَة ٍ
وكلَ ذرةِ شوقٍ في الهوى وأَلَم
***
وضَمَّ كلٌ – كَمُوْصٍ- صَدْرَ صاحبِه
واستودعَ الحبَّ فيه بالْلَمَى والضَم
***
وانْهالَ كلٌ على الخدين يشبعها
ذِكْرَى . ومن ريقه يَجْنِّي لها بلسم
***
توادعا بعد ما خَطَّا لبعضهِما
صدقَ العهودِ على الأحضانِ أو بالفم
***
قلنا وداعا وما في القولِ من جُمَلٍ
تَبْغِي الوداعَ ولا في الحالِ ما يَدْعَم
***
قلنا وداعا .. ولذنا خلفَ أدمُعنِا
وما لفظنا سوى قَلْبَاً تَقَاطَرَ دَم