شعر : هلال السيابي
منى النفس، لو أغدو على عرفات
كثيرَ صَلاةٍ، في أتمٌّ صِلات
***
أشاهد من فيض السناء مشاهدا
تعزٌُ على الأنظار والنظرات
***
وتبصر نفسي ما أرادته من هوى
وتلمس من شاءت من البركات
***
وأنى، ومالي منه غير نوازع
من الشوق، لو أن الغرام يواتي
***
تنازعني نفسي إليها، وتنثني
بركبي عنها حائدا بفلاتي
***
تطالبني، والأين بيني وبينها
ودون مقام الوصل ألف شتات
***
لي الله لو أغدو ورايات عزتي
تنكٌّس من عُزٌَى الهوى ومناة
***
أصاحب أهل الحب في خلواتهم
وأخلو إلى الرحمن في خلواتي
***
كأني من موسى على الطور جذوة
مطهرة عن نفرة وغواة
***
أناجي إلهي: ربٌّ هذا مقامك الكريم
فطهر بالسناء سِماتي
***
لعلٌي أرى ما لم ترَ العينُ لحظةً
ولا جال في حِسِّ ولا خطرات
***
وأشهد منه مشهدا بعد مشهد
كذي النون لما باء بالرحمات
***
إلهي إن كان الغوى عنك لزٌني
فكم بتٌُ من خطبي بشرٌِ بيات
***
وإن أتعمد قاصداً غيرَ ماترى
وترضى، فإن الكيد من نزعاتي
***
علقت بأذيال الهوى، وتعلقت
حصاتي به، حتى عدمتُ حصاتي
***
سريت مع السارين في ظلم الدجى
ولم أخش ما فيه من العقبات
***
وفي الدرب ما فيه من الهول، والخطى
مضللة، والنور غير مُوَاتي
***
وعبدك بين الخوف يارب والرجا
وإن كان من حال الهدى بِمَوات
***
دعته الدياجي فاستجاب لصوتها
حثيثا، غلى أن باء بالحسرات
***
ولولاك يا ربٌَاه زلٌَت به الخطى
إلى حيث لا يرجو سبيل نجاة!
***
إلهي إن كان الغوى شانَ وجهتي
فنورك ربي زان كل جهاتي
***
يناديك مني خافق غير نابضٍ
بغيرك، لو ساءت جميع صفاتي
***
ويدعوك ياربي فؤاد متيم
بحبك، لو قد طار بالفلوات
***
فإن أقض أيامي على علٌَ أو عسى
فكم شهد الليل البهيم تراتي
***
وكم بتٌُ أسقيه، وأهلوه هُوٌَم
بذائب دمعي، أو لظى عبراتي
***
وما أنا في هذا بهاد مروٌَع
ولكن هذا القلب ذو غدرات
***
كأنيَ ذاك الفرد من صحب أحمد
غداة شكى بالقلب نوعَ شتات
***
فقال له المختار لوكنت مثلما
تكون معي لارتعت باللحظات
***
تصافحك الأملاك أنٌَى ذهبت أو
أتيت بلاشك على الطرقات!
***
محمد يا خير النبيين إن يكن
دعاك، فهذي سيدي دعواتي
***
تقبل ثنائي فيك غير مُزيٌف
سوابغَ ألقاها غداةَ مماتي
***
فمدحك ياخير الخلائق لم يزل
طريق نجاة أو سبيل حياة
***
وحبك بعد الله فرض محتم
على كل نفس لم ترع بفوات
***
محمد هذي دعوة حشوها الرجا
بلطفٍ كريمٍ مورقِ النفحات
***
تغاديك في دار الخلود مروعةً
فتنهض روحاً بعدَ طولِ سبات
***
وتلمس من ذاك المقام حَطيمَها
فتأنس من هول بها وهنات
***
سرت من فؤادي لا تريم عن المدى
وأن يبتعد عني وعن نظراتي!
***
سأسري بعون الله نحو سمائه
ولو قاطعتني في السرى شهواتي
***
وأركب من تسبيح قلبي ونبضه
براقا، ومن دمعي ومن عبراتي
***
وربيَ عوني في الطريق لمجده
بتطهير ذاتي في الهوى وصفاتي
***
ولي من صلاتي للرسول وآله
شبا عُدٌَةٍ أرمي بهنٌ عداتي
***
لعل سنا برق المحصب من منى
يريني كمالي حين ختم حياتي!
٢٢ محرم ١٤٤٥ هجرية ٩ أغطس 2023 م