بدوي طه | القاهرة
في إطار استراتيجيته المتكاملة الهادفة للارتقاء بالمستوى التثقيفي والتوعوي تجاه قضايا البيئة، نظم المرصد المصري لتكنولوجيا البيئة ندوة علمية بمحافظة الفيوم حول ” الثقافة البيئية وتنمية الفرد والمجتمع” بمشاركة نخبة من الأكاديميين والإعلاميين المتخصصين في المجال البيئي وذلك ضمن خطة المرصد للتوعية والحفاظ على مقومات البيئة الطبيعية ونشر الوعي بالسلوك البيئي الصحيح.
وأكد الدكتور أحمد كامل حجازي أستاذ علوم البيئة التطبيقية بجامعة القاهرة رئيس اللجنة الوطنية لصون الطبيعة والموارد الطبيعية ، أهمية ودور الثقافة البيئية في تقريب وجهات النظر الاجتماعية والاقتصادية و السياسية في التعامل مع مشاكل الفرد والمجتمع من أجل الحفاظ على البيئة و صونها و تحسين أوضاعها، خاصة تحت ظروف التقدم التكنولوجي السريع في كافة المجالات من جهة، و النمو السكاني و ندرة الموارد من جهة أخرى.
وقال الدكتور حجازي خلال ندوة المرصد المصري لتكنولوجيا البيئة ” بمحافظة الفيوم بالرغم من كثرة و تنوع العلوم البيئية، إلا أن الثقافة البيئية لازالت محدودة الانتشار ومحصورة في أوساط غير ممثلة لجميع شرائح المجتمع، وهذا أدي إلي “الانفلات أو الفوضى البيئية” نتيجة تضخم بعض المشاكل البيئية المزمنة وما ينتج عنها من تداعى السلوكيات والنظرة السلبية تجاه الفكر البيئي الذي يعتبره البعض معوقا للتنمية وأضاف : بداية من عقد الستينيات بدأ إدراج الموضوعات البيئية ضمن المكونات الثقافية، وأشتد في عقد السبعينيات و الثمانينيات إلى يومنا هذا، حيث أصبحت تمثل ليس فقط رؤية الفرد و المجتمع، بل الإقليم والعالم أجمع ، فالثقافة البيئية أساسها التنوع حيث تتأثر بالظروف البيئية التي يعيش فيها الإنسان، والمواريث الثقافية و الحضارية، و التفاعل مع الآخرين إيجابا أو سلبا ، وفي مجملها تمثل معارف و إدراكات، ممزوجة بقيم واعتقادات، مجسدة في أعمال و سلوكيات، تعبر عنها شعائر و آداب وفنون، تقرأ وتسمع، وتحس و ترى.
وأوضح الدكتور حجازي أن الثقافة البيئة تقوم على ثلاث عناصر متكاملة هي القيم والمعاني والمعايير ، فالقيم تمثل المكون الفكري المعرفي اللامادي “القضايا أو المشكلات البيئية)؛ والمعايير تعنى بتوصيف القضية أو المشكلة البيئية وأثرها؛ وبالنسبة للمعاني فتشمل المكونات الفكرية الإدراكية )التعامل السلوكي للفرد والمجتمع مع القضايا البيئية(. ونبه الدكتور حجازي ، إلى أهمية أن تتطور الثقافة البيئية بتطور المجتمع ومشاكله، ومن دون ذلك يصبح المجتمع أسير ثقافة مضى زمانها ، مشيراً إلى أن واقع الثقافة البيئية في مجتمعات الثقافات الشفاهية مبنية على ضجيج لا طحين، حيث يدور جدل ساخن عن قضايا البيئة، ولكن يغيب عنه المنهج و الفعل العملي التطبيقي والنظرة الدينامية، كما تغيب الفعالية الاجتماعية و الإبداع المعرفي المتجدد، مما يفقد هذه المجتمعات القدرة على التكيف مع واقع محلي أو عالمي عمادة التطور والمنافسة.
وأشار الدكتور حجازي إلى أنه حين يغيب الهدف البيئي الاجتماعي والرؤى الموحدة يغيب الحافز للتعامل الايجابي مع قضايا البيئة ويتحول المجتمع إلى مستهلك لثقافات أخرى دخيلة تضر المجتمع أكثر مما تنفعه. وأكد أن التخطيط للثقافة البيئية يجب أن يعمل على زيادة التفاعل مع ثقافات الغير والتعاون معها وليس نبذها ومعاداتها ومواجهتها منوها بأن الشعار الأمثل للثقافة البيئية هو “فكر على المستوى العالمي وأعمل على المستوى المحلى” وأشار الدكتور حجازي إلى أن التعليم والثقافة البيئية هما وجهين لعملة واحدة، والعلاقة بينهما علاقة تأثير متبادل، فإذا كانت الثقافة البيئية تشكل الإطار الخلقي والسلوكي والعقائدي لصياغة الأهداف التربوية وتحديد محتواها ومضامينها، فإن التعليم هو العامل الموجه للتنمية الثقافية من خلال المواد الدراسية في شتى مجالات العلم وتابع : إذا نظرنا إلى واقع التربية والتعليم في مجتمعات الثقافات الشفاهية بصفة عامة، والتعليم البيئي بصفة خاصة، سنجد أنه قائم على ثقافة أو تعليم الشفاهة الذي يعتمد على التلقين واسترجاع المعلومات استنادا على تفسيرات وبراهين لغوية، مما جعل للمنظور اللغوي والخطابي مكانة عليا في هذه المجتمعات. وشدد على ضرورة أن تخاطب الثقافة البيئية الإنسان كعنصر اجتماعي متكامل فهي تخاطب العقل والوجدان والجسد و تنمي السلوك من أجل الحفاظ على البيئة و تنميتها,ولا تركز على فئة دون غيرها ، معتمدة على مفاهيم واعتبارات متكاملة ومتداخلة .
ومن جانبه أكد النائب الطاهر سليم عضو مجلس النواب، أن الاهتمام بالتوعية والتثقيف البيئي يجب أن يكون على قمة أولويات المجالس النيابية في مصر ، وأن يقوم النواب في دوائرهم بتكثيف اهتمامهم بالتعاون مع مراكز الشباب والمدارس والمصانع وكافة المنشآت الحكومية والخاصة وحتى الأسواق التي تقع في دوائرهم ، وأن يكون التثقيف والتوعية على أسس علمية وتطبيقية سليمة وتتناغم مع ذات المفاهيم التي أكدت عليها ندوة المرصد المصري لتكنولوجيا البيئة في الفيوم ، والتركيز على الأطفال والنشء لقدرتهم على الاستيعاب والتطبيق .
وأشار النائب الطاهر سليم، إلي ضرورة تكثيف الندوات والمؤتمرات التي تتبنى التثقيف البيئي بالتنسيق مع التربية والتعليم ووزارة الشباب والرياضة والمحافظات والأحياء والمجالس القروية وأمانات الأحزاب ، وهناك دور في غاية الأهمية لأمانات المرأة في الدوائر خاصة في توعية ربات البيوت فيما يتعلق بترشيد استهلاك المياه وترشيد الطاقة والفرز من المنبع للمخلفات المنزلية ليسهل تعظيم الاستفادة والتخلص الآمن منها. وبدوره عقب خالد مبارك ، الأمين العام للمرصد المصري لتكنولوجيا البيئة بقوله :إن المرصد سيستثمر ما جاء بمحاضرة الدكتور أحمد حجازي خاصة تطبيق أفضل الأساليب العلمية وتوظيفها علي أرض الواقع خلال المرحلة القادمة بعقد العديد من الفعاليات المعنية بالتوعية البيئية والتثقيف البيئي في العديد من محافظات مصر ،وتشمل الندوات والزيارات الميدانية للمدن والمراكز والأحياء والنجوع .
وأضاف الكاتب الصحفي خالد مبارك أن المرصد المصري لتكنولوجيا البيئة ، سيتبنى إستراتيجية متكاملة تشمل التوعية والتثقيف في كل مجالات البيئة ومنها نوعية البيئة بصفة عامة وتلوث الهواء والماء والمجارى المائية والتربة، وترشيد الطاقة ، والارتقاء بالمستوى التوعوي والتثقيفي لدى المواطنين خاصة فيما يتعلق بالتراث الطبيعي المصري المتفرد فعلى سبيل المثال لا الحصر من غير المعقول ألا يكون معظم أفراد المجتمع المصري على غير علم بعناصر محميات مصر الطبيعية وأن الديناصورات والحيتان عاشت على أرضها منذ عشرات الملايين من السنين ، وأن مصر بها مواقع لا مثيل لها في العالم خاصة المحميات الجيولوجية كـ”الدبابية” بمحافظة الأقصر.
وكان المرصد المصري لتكنولوجيا البيئة ، قد نظم جولة سياحية للمشاركين في الندوة للتعرف على المحميات الطبيعية بمحافظة الفيوم مثل وادي الحيتان والشلالات وبحيرة قارون بالإضافة إلى زيارة المزارات السياحة بقرية تونس.