مقال

المرأة مظلومة المظاليم

بقلم: حنان بدران
ونحن نعيش في عالم يسيطر عليه البؤس البشري، لم أعان من كوني أنثى لكن عانيت كوني إنسانة في أمة تعاني، أعترف أني أتألم لنساء عانين لمجرد كونهم نساء في مجتمع يعتبر تاء التأنيث نوعا من (الرق)، وأعتقد ونحن ببقعة صغيرة تسمى قلب العالم لكننا لسنا كبقية الشعوب ونحن نناضل من أجل وجودنا البيولوجي، شعب تحت وطأة الرصاص نناضل لننال أبسط حقوقنا المعيشية من غذاء ودواء وعلاج… إلخ، فارتأيت إنه علينا أن نكف عن الدوران في حلقة مفرغة، وعلى الحركة النسائية عليها أن تكف عن كونها نسائية،ويجب انفتاحها والتلاحم على قضايا بقية المظلومين من فئات الشعب بحيث يصير تحرر كل من يعاني من الاضطهاد امرأة كان أم رجلا، حيث تصير حركة المرأة شمولية إنسانية لتصبح ضد الظلم لإنقاذ الضحايا رجلا وامرأة لإنقاذهما معا من ظلم (رجل وامرأة)، وعلينا أن ننادي بتحرير الرجل، لأن الرجل ليس العدو، التخلف والتخلف فقط هو عدونا المشترك.
في وطننا المثخن بالغدر والمثقب بالرصاص والجراح، نحن اليوم نحتفل في الثامن من مارس بيوم المرأة، وعلي مدى نضال طويل ومرير من أجل أن تنتزع حقوقها كأي بروليتارا إلا أن المرأة العربية بقيت بروليتاريا البلوريتاريا، ومع خصوصية الوضع في غزة في مثل هذا اليوم تتجه كل الأنظار للأوضاع المأساوية للمرأة الفلسطينية في غزة، وهي تتحمل بمفردها أحيانا وطأة ويلات الحرب وتداعياتها، من نزوح وتهجير من منطقة إلى أخرى في ظروف قاسية وكارثية تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة، ناهيك عن مواجهة احتمالات فقدان الزوج المعيل لها ولأولادها ،منحيث يلقى على كاهلها الحماية والرعاية والإطعام والعناية بصحتهم، في ظروف قاسية ومأساوية في ظلال شبح الجوع الذي بات أن يخيم على قطاع الشمال والجنوب التي تحصد الصغار قبل الكبار،علينا أن نذكر العالم المتحضر أن المرأة الفلسطينية أخذت على عاتقها كل الأعمال الشاقة من لم الحطب والخبز والطهي أمام النار، وهي تعاني من حرمانها من الرعاية الصحية الأولية إذا كانت حاملا ويعشن ظروفا لا تطاق في مراكز الإيواء وهن يحرمن من دورات المياه والماء وكل المستلزمات الصحية العادية، هذا عدا عن المعاناة التي تواجهها في الولادة وقد تحتاج إلى عمليات قيصرية حيث وصل الأمر لإجراء عمليات قيصرية بلا مسكنات أو تخدير أو حتى أنه كان لا توجد احتياطات صحية. هذا عدا عما تعاني من الجوع والعطش، حتى عجزن عن إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية، وفي مكان محاصر لا يوجد فيه أي نوع من أنواع الحليب الصناعي كبديل مما عرض ما يقارب 8000 طفل دون الخامسة بالهزال، وهن يسمعن عويل وصراخ أطفالهن يتضورون جوعا أمام عجزهن التام عن فعل أي شيء،وكون المرأة هي التي تتعرض لضغط نفسي بسبب الآثار الكارثية للحرب نتيجة ترك منازلهن وتنقلهن من مكان لمكان وصول لفقدان أزواجهن أو أطفالهن وعائلاتهن. في ظل كل هذه الظروف التي تكابدها التي يحتفى بيومها العالمي، امرأة هدرت كرامتها بالاعتقال والتعذيب والتهديد بالقتل والتنكيل والتصفية الجسدية، امرأة تعاني من انتهاك كل حقوقها الإنسانية في ظروف من القهر والتمييز والعنف الممنهج لقتلها هي وأطفالها عن سبق إصرار وترصد بطريقة لم يسبق التاريخ والعالم مثيلا لها…؟!
*كيف سنتعامل مع ذاكرة التاريخ والعار الذي سيلحقنا ونحن نعجز أمام تضحياتها في ظل مأساتهن الراهنة؟
*هل ستقوى على الصمود في ظل هذه الضغوط؟!
لكن يقينا أدرك أن المرأة في غزة تقول لنا: إذا كان لا مفر من الموت، فإن ذلك يحرضنا على أن لا نموت مرتين مرة بالذل البشري غير المحتوم- وثانية بذلك الموت المحتوم منذ الأزل والذي لا شفاء منه ولا مفر…!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى