العلم مصنع العقول
بقلم: أميمة البقالي | المغرب
العلمُ مصنعُ العقول، والمنارةُ التي يسترشدُ بها الناس للوصول إلى التطوّر والتقدّم، فالعلم هو أساس نموّ المجتمعات والدول؛ لأنه يُمهّد الطريق لاكتشاف كلّ ما هو مفيد للإنسان، وبفضلِه أصبحت الحياة أكثر سهولةً ورفاهيةً، فالعلم يُساعد في اكتشافِ الآلات وتطور الصناعات وإيجاد مزيدٍ من الطرق للتقدّم ودفع عجلة التنمية، وبفضلِ العلم أصبح العالم قريةً صغيرةً، يستطيع أيّ شخصٍ فيه الوصول للآخر بفضل اختراع شبكات الاتّصال والتواصل، التي لولا العلم لم تكن موجودة من الأساس، كما أنّ للعلمٌ دورًا بارزًا في تغيير طريقة تفكير الإنسان وجعلها أكثر جدوى وفائدة، فالإنسان بلا علم هو إنسان غارق في ظلام الجهل والتخلّف. للعلم مكانةٌ كبيرة في الدّين، وقد أمر الله -سبحانه وتعالى- عباده بطلب العلم ورفع درجات العلماء وخصّهم بالأجر والثواب، خصوصًا أؤلئك الذين يخترعون ما يُفيد البشرية، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ”[١] وهذا دليلٌ على عظم منزلة العلماء وفضلهم على الناس، لهذا جعل الله تعالى لطالبي العلم مكانة عظيمة، وجعل طلب العلم فريضة، كما سهّل الله درب طلّاب العلم وجعله ميسرًا؛ لأنّ طلب العلم من أسمى الأشياء وأكثرها قيمة، فللعلم مكانة دينية ودنيوية ينبغي أن يسعى الجميع لبلوغها، وأن يكونوا ضمن طلبة العلم مهما كان عمرهم وظروفهم، فطلب العلم يكون من المهد إلى اللحد، كما أنّ فضل العالم أكبر من فضل العابد، بل هو مثل فضل القمر ليلة البدر على الكواكب جميعها. تغنّى الشعراء والأدباء بالعلم كثيرًا، وأعلوا من شأنه ومكانته ووضفوه بأجمل الصور والوُصوف، فالعلم يبني بيوت المجد، والجهل يهدم أركان العزّ والكرم، كما أنّ العلم لم يكن في شيءٍ إلا زانه ولم يُنزع من شيء إلا شانه، كما أنّه مصدرٌ للعزّة والفخر، إذ إنّ الأمم والشعوب والدّول تفتخر دائمًا بعلمائها وتُعدّهم مستقبل الأمّة ومصدر الخير للجميع، وتُبالغ في تكريمهم وتحفيزهم، لأنّ الأمم المتقدمة تعي تمامًا أنّ مقياس التفاضل بين الشعوب مبنيٌ على العلم، وكلما كانت الدولة مهتمة أكثر بعلمائها كانت متطورة ومتقدمة. أسهم العلم في تحسين حياة الإنسان في جميع المجالات، وخصوصًا في المجال الطبي، فبفضله تم اكتشاف الدواء واللقاحات وطرق العلاج المختلفة، مما زاد في متوسط عمر الإنسان، وبفضله أيضًا تطورت أساليب الزراعة والحصاد، وقلّت المجاعات، وتطورّت الصناعات ووسائط النقل، وانخفض عدد الوفيات، وبالمقابل يُمكن أن يكون للعلمٌ وجه سلبي إذا تم استخدامه لغاياتٍ سيئة كاختراع أسلحة الدمار والقتل، لهذا يجب أن يكون العلم في عقولٍ أمينة تستخدمُه في الخير .