لحظة لم يلاحظها أحد

د. نجاة الجشعمي | العراق
كان الجميع يضحكون حول المائدة.
يتحدثون عن تفاصيل أيامهم…
أما أنا، فكنتُ أمسك بالأطباق،
أملأ الأكواب، وأرتب الزوايا
كأنني غير مرئية.
لم يسأل أحد: هل أكلتِ؟
لم يلاحظ أحد رعشتي.
أو تلك النظرة التي كانت تستغيث دون صوت.
سقطتُ كثيرًا.
وفي كل مرة، سال دمي من وجهي، ثم من رأسي.
نُقلتُ إلى المشفى مرارًا، وحدي، على سرير في سيارة إسعاف
لا يرافقني فيها أحد.
كم مرة ارتفعت حرارتي ولم أجد من يضع يده على جبهتي؟
كم مرة احتجتُ هواءً، ولم أستطع التنفّس!
كم وكم وكم… لا تُعدّ، ولا تُحصى.
جعتُ… ولم يُسأل عني أحد.
تَعرّيت من كل دفء،
حتى صار لساني هو من يُبلل شفاهي عند العطش.
وكلما انطفأتُ، ابتسمت لهم حتى لا يروا رمادي.
كنتُ قوية، نعم… لكنني كنتُ وحدي، تمامًا.
وقوّتي تلك لم تكن سوى محاولة لتثبيت الجدار المتصدّع داخلي
كي لا ينهار أمامهم جميعًا.
وتنكسر هيبتي…




