فكر

الوعي بالذات.. من دروس الهجرة النبوية

بقلم: د. طارق حامد

الوعي بالذات و اليقين آلة لتوجيه النفوس نحو الإيمان في الهجرة النبوية.
أتصور رجلا خرج قسرا من وطنه يرنو إليه قائلا: الله يعلم أنك أحب بلاد الله إلي الله و أحب بلاد الله إلي و لولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت، خرج مطاردا من أهل الشرك و اللجاجة و العناد، كيف يكون حاله و كيف تكون رباطة جأشه و ثباته ويقينه في موعود الله عز و جل، يطارده سراقة بن مالك طمعا في الدنيا ومائة من الإبل، فكان هناك تباين بين الأنفس ومرادها و غاياتها هنا وهناك، وشتان بين من يريد الدنيا و من يريد الآخرة والبون بينهما كما بين السماء والأرض، أخذ سراقة يمني النفس بالظفر بالنبي و صاحبه ليفوز بالجائزة، طارد النبي صلى الله عليه وسلم وكلما اقترب ساخت قدما فرسه في الرمال ثلاث مرات حتي كاد أن يهلك سراقة فطلب الأمان من النبي صلى الله عليه وسلم، و لنقف هنا قليلاً، من يطلب الأمان و من يعطي الأمان، الذي خرج من بلده مهاجراً لبلد آخر مطاردا أم الذي يطارد؟!
ولأنه الرسول صلى الله عليه وسلّم الذي يملك الوعي بذات النفوس وجه سراقة نحو الإيمان و الإطمئنان قائلا له: ارجع و لك سوري كسري ولا تخبر عنا أحدا، أمر لا يتصوره عقل، كيف بالمطارد أن يعطي الأمان و يعد من يريد رأسه بسواري كسري أنوشروان الذي يسمع عنه فقط في الأساطير و لا يجرؤ أحد من العرب أن يطأ أرضه إلا بإذنه و يدخل عليه خاضعا ذليلا يقدم بين يديه الهدايا، و لكنه الوعي بالذات و الثقة بموعود الله عز و جل التي قادت الكثير ـ ممن قدر له أن يلقي النبي صلي الله عليه وسلم في الهجرة المباركة ـ نحو الإيمان بالله و الدخول في دين الله أفواجا بدءا من سراقة بن مالك و عبد الله بن أريقط دليل النبي صلى اللّٰه عليه و سلم في الهجرة ومرورا بأم معبد الخزاعية و زوجها و كل من قابل النبي صلى اللّٰه عليه وسلم في هجرته ثم مهاجره في المدينة المنورة بعد ذلك.
فالدعاة والمصلحون الذي يمتلكون هاتين الخصيصتين ويمتلكون أدوات الدعوة جيدا لحرى بهم أن يقودوا الدنيا كلها نحو الإيمان بالله تعالى دونما تكلف أو عناء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى