مقال

كلمات بريئة ومقاصد خبيثة!!

الكاتب السعودي محمد علي مفتي | جدة

الحسد لا يطرق الباب بشكل مباشر، بل يتسلل متنكرًا في صورة نصيحة بريئة أو رأي عابر. ستجده يتحدث إليك وكأنه حريص على مصلحتك، لكنه في الحقيقة يزرع بذور الشك في قلبك ويشوش صفاء قراراتك. يسألك: لماذا اشتريت هذه السيارة؟ كان هناك نوع أفضل. لماذا اقتنيت هذه الأرض؟ موقعها غير مناسب. لماذا اخترت هذا اللباس؟ لا يليق بك. لماذا تسافر إلى هذه الدولة؟ هناك دول أجمل. حتى في أبسط التفاصيل يقول: مجلسك هذا عادي، ستجد أجمل منه. وكأن لسان حاله يصرخ: لا تستحق ما تملك.

الخطر الحقيقي ليس في كلماته الظاهرة، بل في نواياه الخفية. فهو لا يريد أن يراك سعيدًا بما اخترت أو مطمئنًا بما أنجزت. غايته أن يُطفئ فرحتك، ويجعلك تعيد التفكير مرارًا في كل قرار اتخذته. يتقمص ثوب الناصح، بينما قلبه يشتعل بنار الغيرة، فلا يرضى أن يراك متقدمًا أو مختلفًا أو ناجحًا.

الوعي هو خط دفاعك الأول؛ أن تفرّق بين النصيحة الصادقة التي تُبنى على المحبة، وبين الحسد الذي يختبئ خلف الكلمات المنمقة. فالنصيحة الحقيقية تُطمئن القلب وتفتح أبواب الفائدة، أما الحسد فلا يترك وراءه سوى القلق والضيق.

تذكر دائمًا أن رضاك عن اختياراتك هو حصنك المنيع، وأن الحاسد مهما تزيّن بوجه الود، لن يملك أن يغير ما قسمه الله لك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى