القُط .. وأزمتُنا الثقافية!

 

صبرى الموجى/ رئيس التحرير التنفيذي لجريدة عالم الثقافة

فى احتفالية أقامها المجلس الأعلى للثقافة بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد أحد رواد النقد الأدبى والكتابة الجديدة الدكتور عبد القادر القط، والقُط ( بضم القاف) كما كان يُحبُ صاحب الاسم أن يُنادى، فوجئ ضيوفُ اللقاء، الذين أتوا لإحياء ذكرى هذا الناقد الفذ بأن عددهم أكثر من عدد الجمهور، وهو ما أثار استياءهم؛ نتيجة إغفال قيمة وقامة بمقدار د.عبد القادر القط.

ولاشك أن عدم إقبال الناس على مثل تلك الندوات الثقافية لهو مؤشرٌ على اتساع الفجوة بين المُجتمع والثقافة، التى كانت من قبل غاية الناس العظمى ومرادهم الأسمى، يشتركُ فى هذا الرجل والمرأة، الكبيرُ والصغير، فالكل كان يدخرُ من مصروفاته، ويُرشد من نفقاته ليوفرَ ثمن الرواية أو الكتاب، الذى كان من قبل خير جليس !

وقد أثرت العلاقةُ الحميمة بين القارئ والكتاب فى سلوكيات الناس ومعاملتهم اليومية، بعدما أخذوا عُصارة فكر المُؤلف، وخلاصة تجاربه التى ترتفع بالذوق وترقى بالوجدان .

أما الآن فقد اختلف حالُنا مع الثقافة عن حال آبائنا، فبعدما كانت الصداقةُ قوية بين آبائنا والكتب، لدرجة أنهم كانوا لايفارقونها إلا عند النوم، انصرف الأبناءُ عن تلك الهواية، فيمم البعضُ وجهه نحو حفلات الرقص الخليع، وعروض الأفلام الهابطة التى تروج للإباحية، وتؤصل للعنف بما تعجُ به من مشاهد مُبتذلة وألفاظ نابية، وخُطط مُحكمة لتنفيذ الجرائم !

كما انصرف البعضُ الآخر إلى مُباراة كرة قدم خلت من المهارة والمُتعة، وأفسدت الذوق والمزاج نتيجة ما يحدُث فيها من سباب بين المُتفرجين والتحام بين اللاعبين .

والمُؤكد أن القطيعة بين الناس والندوات الثقافية زادت بعد استخدام الشبكة العنكبوتية، التى سهّلت الوصول للمعلومة، فبمجرد ضغطة واحدة على زر تصل لكمٍ هائل من المعلومات، دون حاجة إلى أن تحضر ندوة أو تشارك فى مُؤتمر.

وحتى لا يأخذنا الحديثُ عن أزمة الثقافة، وننسى التذكير بالدكتور القط فنزيد فى ظلمه وغمطه، تعالوا نُذكر به فى عجالة فنقول:

هو الدكتور عبد القادر حسن القط، ولد عام 1916 بمحافظة الدقهلية ، وتخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة 1938, ونال درجة الدكتوراه من جامعة لندن 1950.

تدرج في الوظائف الجامعية حتى درجة رئيس قسم اللغة العربية،  وعين عميداً لكلية الآداب, وأعير إلى جامعة بيروت, ثم عُين أستاذاً متفرغاً بكلية الآداب جامعة عين شمس. .

رأس تحرير مجلات الشعر, والمسرح , والمجلة , وإبداع.

هو عضو مجلس إدارة جمعية الأدباء, والجمعية الأدبية المصرية, واتحاد الأدباء, والمجلس الأعلى للفنون والآداب، كما أنه عضوٌ بمجمع اللغة العربية بالقاهرة ودمشق.

ورغم اشتهاره بالنقد إلا أنه كان شاعرا مُرهفا ومن دواوينه ديوان ( ذكريات شباب ).

أما عن أعماله الإبداعية فله ترجماتٌ لأعمال مسرحية و قصصية و روائية, مثل: هاملت، و ريتشارد الثالث،  وصيف ودخان، والابن الضال، وغيرها .

ومن مؤلفاته : (مفهوم الشعر عند العرب)، و(في الأدب المصري المعاصر)، و(في الأدب العربي الحديث)، و(فن المسرحية ), (والاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر )، و( الكلمة والصورة).

حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى, وجائزة الملك فيصل العالمية, وجائزة الدولة التقديرية في الآداب، وتوفى عام 2002 بعد رحلة طويلة من العطاء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى