زائرٌ بغتة

تهى العبري | سلطنة عُمان

قيل “إن تمنيتُم شيئاً فتنموا من الله ألا يُريكم قيمة الأشياء بعد زوالها”. عليكَ أن تُدرك أن كل شيء قابلٌ للزوال والاندثار،حتى نحن الذين خُلقنا من طِينٍ لنا مسارٌ مؤقت، فقابِل ما تملك بالرضا والحمد والثناء الدائم والاستمتاع بها في كُل لحظة، فكل ما تملك أيضاً له موعد مكتوب ويغادر، فانْتهِز الفُرَص وتعايش معها بامتنان مهما كانت بسيطة، فمِن المُوجع ادراك قيمة الأشياء بعد زوالها.
ولعلّ الديمومة التي نعيشها اللحظة من أصعب ما مرّعلينا من أفراد ومجتمعات مختلفة تشكّلت وتغذّت على منهاج وروتين يساير التقدم والتطور وتقوْلَبتْ وفق عادات وتقاليد وممارسات شخصية، بِتْنا نُصبح ونمسي ونحنُ على أمل أنْ نصحو من غفوتنا وقدْ انقشع كل شيء، ونكون على ما كنا عليه بالأمس، الذهاب للعمل صباحاً ورؤية الأطفال لمدارسهم متجهين،وآخرون في الأسواق، وفئة تُهَرول هنا وهناك لإنهاء متعلقات شخصية بأمن وأمان لا احتراز ولا خوف ولا قلقٌ، نعم هذه من اعظم النعم أن تخرج بلا خوف وذعر من عدو مترصدٌ خلف أبوابك، ولمْ نتجرأ يوماً حتى أن نُفكر أنه ستأتي بُرهة لا تقدر أن تخرج من بيتكَ خوفاً من كائن فشلت المجاهر العادية في رؤيته وإنما تمّ رصده عن طريق مجاهر الكترونية وحزمة من الطاقة لالتقاط كائنات في منتهى الصغر، يا سبحان الله.. كائن ضئيل حاصر الملايين ، وأرْبكَ القلوب ، وأودى بأحبة، وقلب موازين الحياة، وضرب بعرض الحائط العادات والتقاليد، ولكن هيهات..فالكائن مازال زائراً جاء على حينِ بغتةٍ، شَبّهته بفضولي الذي يختار مكاناً غريباً للاختباء لا يخطر بالبال، قد يكون في كف اليد أو لمسة زر أو يرفرف حوالينا ،لذلك وُجِب علينا الحذر.
وأملُنا الكبير أن تزول هذه الجائحة وترجع حياتنا إلى أفضل ما كانت عليه، وعلى أمل أن يتم تطبيق بعض التغييرات الجذرية في الحياة العلمية والعملية من خلال التواصل الالكتروني والخدمات الالكترونية والتسوق الالكتروني والذي أثبت وجوده وبقوة في خٍضّم هذه المعركة، وأيقظ أموراً كانت بالأمس مُهمّشة ومركونة بسلطة أو تناسي أو ظلم وحان الوقت لِنفض الغبار عنها وخروج المارد.
مَنْ منا لا يتمنى الصحة والسعادة وراحة البال معاً، إذن عليك أن تُحكّم عقلك الباطن، وتحصي نعمك وإن كانت قليلة وبسيطة واسعَد بها، فداخِلكَ منْجم به كنزٌ ثمين، وتستطيع أن تستخلص منه ما تُريد لِتتسمّ بالمرح والفرح والسعادة والتفاؤل  وحتى تسعد وتستمع بها فأنت تحتاج إلى صحة، والصحة بحاجة إلى اهتمام، وأنت أولى بنفسك ووقايتك واحترازك دون المناشدة المتكررة من اطراف أخرى فلن ينفعك أحد في نهاية المطاف، اجعل الحِس الإيجابي يقظاً دائماً وقل “قادر وأستطيع” واحمِ نفسك وامضِ في زورق حياتك، فالروح ثمينة وإن ذهبت لن تعود. وبين هذه السطور همسة شُكر للبواسل التي جابهت وما زالت من الطواقم الطبية والعسكرية بلا استثناء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى