مشكلة النشر في فلسطين

ديمة جمعة السمان | فلسطين المحتلة

قبل أن نتحدث عن الصعوبات التي تواجه الكاتب عند نشر أعماله الأدبية والفكرية لا بد من التطرق للمشاكل التي تواجه الناشر نفسه، فعلى الرغم من أن مهنة النشر تعد المدخل الحضاري لأيّ تقدم، إلا أنها تعاني من مشاكل لا تعدّ ولا تحصى تجعل الناشر يترك مهنته ويتوجه الى أخرى أكثر استقرارا على المستوى الاقتصادي. المشكلة ليست فقط في فلسطين، بل في العالم العربي أجمع، ولكن بصورة متفاوتة بين منطقة وأخرى، وتظهر بشكل كبير في فلسطين، حيث أن دور النشر غير مدعومة من قبل الحكومة بشكل عام، مما يجعل بعض دور النشر تطلب من الكاتب تغطية مصاريف كتابه، على أن يحصل على 10%- 20% من النسخ التي تمت طباعتها، مقابل عرض الكتاب عبر المعارض الدولية التي تشارك بها في العالم. ورغم كل ذلك نتفاجأ أن معظم دور النشر تعلن افلاسها وتغلق أبوابها؛ لعدم تغطية مصاريفها. المعيقات تتلخص بالتالي: – كلفة الطباعة العالية جدّا بالمقارنة مع الدول العربية، ممّا يؤدي إلى ارتفاع سعر الاصدارات قياسا بدور النشر الأخرى، وصعوبة التنقل والتوزيع داخل القدس وخارجها بسبب الحواجز المقامة على مداخل المدينة المقدسة، الأمر الذي يحد من قدرة الدار على التوزيع بشكل جيد داخل فلسطين التاريخية، على الرغم من صغر السوق الفلسطينية. – كلفة شحن الكتب العالية من فلسطين للمشاركة في المعارض الدولية عبر الأردن ومن ثم إلى الدول الأخرى. – فشل معظم معارض الكتاب، والتي لم تغط تكاليف نقل الكتب. – الضرائب الباهظة التي تدفع للجانب الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء. – دفع قيمة مالية كبيرة لتخليص الكتب من الجمارك في الدول العربية التي يشارك في معارضها كونه ينقل كتبه جوّا. -عزوف الناس عن شراء الكتاب والتوجه إلى الإنترنت، مع أن نسبة القراء في مجتمعاتنا متواضعة جدا حتى قبل التعامل مع الانترنت. أزمة الثقة بين القارئ والكتاب الذي تتمّ طباعته في دور النشر الفلسطينية، حيث يرى البعض أنهم يطبعون الغث والسمين، فهناك بعض دور نشر على استعداد لنشر أيّ كتاب اذا ما دفع صاحبه تكاليف الطباعة، دون الأخذ بعين الاعتبار تبعات نشر كتاب يوصف بأنه لا يستحق النشر على مستوي الشكل والمضمون. أتساءل، متى كان المبدع يدفع ثمن كتابه؟ أو قد لا يدفع. ولكن يحصل على نسبة بسيطة من النسخ، وربما نسبة بسيطة من الأرباح لا تكفي سعر الورق أو الحبر الذي كتب به أعماله الأدبية او الفكرية، وذلك يعتمد على اسمه ككاتب رسخ حضوره ككاتب مبدع. ويعتمد أيضا على دار النشر التي تتعامل معه وامكاناتها المالية. لهذا السبب لا نجد أيّ كاتب فلسطيني متفرغ للكتابة، إلا إذا كان متقاعدا، فلقمة العيش مٌرّة، يحتاج الكاتب أن يعمل بأيّ مهنة لتأمين حياة كريمة له ولأسرته. في حين يعيش أيّ كاتب أميريكي أو أوروبي حياة كريمة طيلة ما أعطاه الله من عمر من دخل كتاب واحد ألّفه. وقد يصبح مليونيرا من كتابين ومليارديرا اذا ما ألف عددا من الكتب. أما فيما يخص حقوق الطبع فهي محفوظة للمؤلف وتضمن حقه وتقف للسارق بالمرصاد، على العكس من الكتب في فلسطين فهي مستباحة. ومن الممكن أن تجد أيّ فقرة من أيّ كتاب موجودة في كتاب آخر دون حتى الإشارة إلى الكتاب المقتبس منه، وكأنها مشاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى