ماذا تعني صهيونيةُ الرئيسِ الأميركي؟
توفيق أبو شومر | فلسطين
«ليس شرطاً أن يكون المرءُ يهودياً حتى يصبح صهيونياً» بهذا القول أقرَّ الرئيسُ الأميركي، بايدن في أول كلمة له في مطار اللد، يوم 13-7-2022 لأول مرة في تاريخ الرؤساء الأميركيين (علناً) أنه أصبح عضواً بارزاً في الحركة الصهيونية!
إن إعلان الرئيس الأميركي على الملأ اعتناقه مبادئ الحركةالصهيونية،هو اعتراف صريح بأنه يشارك المحتلين أهدافهم في اغتصاب فلسطين(أرض الميعاد)وهو يتنافى مع عشرات القرارات الأممية، التي اعتبرت الاستيطان احتلالاً وقمعاً!
وهو بهذا الاعتراف لا يؤيد ويعتنق عقيدة الحركة الصهيونية فقط، بل إنه يُلغي شعار أميركا الرئيس في دستورها؛ «أميركا دولة ديموقراطية» ويُعيد إلى الأذهان من جديد صيغة التماثُل بين دولة أميركا المؤسَّسة على الاستيطان، وبين إسرائيل الاستيطانية، كلاهما أقيمتا على أنقاض السكان الأصليين!
هل يعلم بايدن بأن اعتناقه الصهيونية قد وضع أميركا نفسها ضمن دول الأبارتهايد والتمييز العنصري، وفق تصنيف المنظمات الحقوقية الدولية، أمنستي، وهيومن رايتس ووتش، وعشرات منظمات حقوق الإنسان؟! هذه المنظمات الحقوقية تحظى باعتراف أميركا نفسها!
يبدو أن ذاكرة الرئيس الأميركي أضاعت ذكرى صدور قرار أممي من الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 بأغلبية دول العالم، عام 1975 باعتبار الصهيونية حركة عنصرية!
كما أن الرئيس الأميركي باعترافه الانتماء للحركة الصهيونية أصبح غير مؤهلٍ لأن يكون وسيطاً عادلاً لأي اتفاقية سلام في العالم، فليتوقف كل الذين يطالبون أميركا بالعدل والمساواة!، وهو بالتالي لا يتوافق مع شعاره الذي يردده أينما حلَّ وارتحل؛ حل الدولتين!
إن صهيونية الرئيس الأميركي هي بالتأكيد الأكثر تطرفاً، فهي صهيونية دينية حريدية متزمتة، صاغتها مستشارة الأمن القومي، وموظفة جهاز المخابرات المركزي الأميركي، البنتاغون، أنَّا نورمبيرغ، وهي حريدية من التيار الديني الصهيوني، وهي التي (دشَّنتْ) صهيونيتَه، وهي كما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت،13-7-2022، أشرفت على برنامج زيارته، ألبسته الكيبا، حيث ركع على ركبتيه احتراماً لضحيتين من ضحايا الهولوكوست في متحف، ياد فاشيم، وردد أمامهما شعاراً هو ( أتعهد بأن أحارب سموم اللاسامية في كل مكان في العالم)!
قادتْ هذه المستشارة الرئيس بايدن لكي يُدشِّن الأولمبياد الرياضي اليهودي الديني، المنسوب ليهودا المكابي المتمرد اليهودي على اليونانيين في القرن الأول الميلادي، هذا الأولمبياد مخصص فقط لليهود! وهذا يتنافى مع أهم مبدأ من مبادئ الرياضة حين تكون الرياضة مقصورة على جنس واحد أو دين واحد، فالرياضات تلغي العقائد والأديان، والفوارق الطبقية، والفكرية، وهي تعيد صياغة البشر وترفض (العنصريات) تعلِّم ممارسيها المحبة والسلام!
كما أن الرئيس بايدن يبدو أنه لم يسمع عن أبرز زعماء اليهود الذين رفضوا أن يكونوا صهاينة، وعلى رأسهم، ألبرت أنشتاين، ويهودا ماغنس، وإسرائيل شاحاك، وإسرائيل فنكلشتين، وكل المؤرخين الجدد، شلومو صاند، إيلان بابيه، سمحا فلابان، وآفي شالايم، وتوم سيغف، وأعضاء كنيست مثل شولاميت ألوني، ويوسي ساريد، وغيرهم، وصولاً إلى آلاف الشخصيات اليهودية المتنورة الذين رفضوا اعتناق الصهيونية بمفهومها العنصري، مثل الصحافي، جدعون ليفي، وعضو الكنيست، عوفر كسيف، لأن اعتناقها يعني الديكتاتورية والفاشية!
نسي بايدن وهو يعلن صهيونيته، أن معظم يهود أميركا من التيار الإصلاحي والمحافظ، لا تعترف إسرائيلُ بصهيونيتهم، لأنهم يرفضون الهجرة لإسرائيل حتى اليوم!
كما أن السيد بايدن الصهيوني لا يعلم أنه أصبح كذلك ضد تيارات اليهود الحارديم في إسرائيل وعلى رأسهم، حركة ناطوري كارتا، هذه الحركة الدينية لا تكتفي بإنكار أفعال الصهيونيين، بل إنها أعلنت براءتها من كل مَن ينتمي إلى الصهيونية في العالم!
أخيراً، لماذا لم تلتقِ يا سيادة الرئيس بممثلي حركات السلام الإسرائيليين، ممن رفعوا لك شعارات الترحيب بك في دولة إسرائيل الصهيونية، فهم رفعوا شعارهم الأهم: (أهلا بكم في دولة الأبرتهايد) مثل حركة بيت سيلم، وحركة السلام الآن، وجمعية زوخروت، وجمعية عير عميم، وجمعية ييش دين، وجمعية كسر الصمت، وعيمك شافيه، وجمعية السلام، وجمعية»إف نت ناو»، وعشرات أخرى وكلها جمعيات إسرائيلية مرخصة من حكومة إسرائيل، كلها ترفض أن تكون صهيونية؟!